موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٨ فبراير / شباط ٢٠٢١
البابا فرنسيس: علينا أن نكون مصابيح صغيرة للإنجيل تحمل الحب والرجاء للآخرين
إنَّ الصلاة ليست أبدًا هروبًا من مشقات الحياة؛ ونور الإيمان لا يصلح فقط لمجرّد تأثُّر روحي جميل. نحن مدعوون لكي نختبر اللقاء مع المسيح لأننا وإذ نستنير بنوره يمكننا أن نحمله ونجعله يسطع في كل مكان.

فاتيكان نيوز :

 

تلا البابا فرنسيس، الأحد، صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس.

 

وقبل الصلاة ألقى قداسته كلمة قال فيها: يدعونا الأحد الثاني من زمن الصوم إلى التأمّل في تجلّي يسوع على الجبل لثلاثة من تلاميذه. قبل ذلك بقليل، كان يسوع قد أعلن أنه في أورشليم سوف يتألم بشدة، وسوف يُرفض ويُقتل. يمكننا أن نتخيل ما حدث في ذلك الوقت في قلوب أقرب أصدقائه: تعرّضت للأزمة صورة المسيح القوي والمنتصر، وتحطمت أحلامهم، وسيطر عليهم الألم لفكرة أن المعلّم الذي قد آمنوا به سيُقتل كأسوأ الأشرار. وفي تلك اللحظة بالذات دعا يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وأخذهم معه إلى الجبل.

 

تابع: يقول الإنجيل: "فَانفَرَدَ بِهِم وَحدَهُم عَلى جَبَلٍ عالٍ". الجبل هو المكان المرتفع، حيث تتلامس السماء مع الأرض، وحيث عاش موسى والأنبياء الخبرة الرائعة للقاء الله. صعد يسوع إلى أعلى مع التلاميذ الثلاثة وتوقفوا عند قمة الجبل. وهنا تجلى أمامهم. ويقدّم وجهه المتلألئ وثيابه الناصعة البياض التي تستبق صورته كقائم من بين الأموات، لهؤلاء الرجال الخائفين النور ليعبروا الظلمات: لن يكون الموت نهاية كل شيء، لأنه سينفتح على مجد القيامة. كما قال بطرس الرسول، حَسَنٌ أَن نَكونَ هَهُنا مع الرب على الجبل، وأن نختبر "استباق" النور في قلب الصوم الكبير. إنها دعوة لكي نتذكّر، خاصة عندما نمر بتجربة صعبة، بأن الرب قد قام من الموت ولا يسمح أن يكون للظلام الكلمة الأخيرة.

 

أضاف: قد يحدث أحيانًا أن نمر بلحظات مظلمة في حياتنا الشخصية أو العائلية أو الاجتماعية، أو أن نخاف من عدم وجود مخرج، ونشعر بالرعب في مواجهة الألغاز الكبيرة مثل المرض أو الألم البريء أو سر الموت. حتى في مسيرة الإيمان، غالبًا ما نتعثر عند مواجهة فضيحة الصليب ومتطلبات الإنجيل، التي تطلب منا أن نبذل حياتنا في الخدمة ونفقدها في المحبة، بدلاً من الاحتفاظ بها والدفاع عنها. نحتاج إذًا عندها إلى نظرة أخرى، إلى نور ينير بعمق سر الحياة ويساعدنا على الذهاب أبعد من مخططاتنا ومعايير هذا العالم. نحن أيضًا مدعوون لتسلق الجبل، والتأمل في جمال القائم من بين الأموات الذي يضيء ببصيص نور كل جزء من حياتنا ويساعدنا على تفسير التاريخ انطلاقًا من انتصاره في عيد الفصح.

 

وقال: ولكن علينا أن نتنبّه: على هذا الشعور بأنّه "حَسَنٌ أَن نَكونَ هَهُنا" لا يجب أن يصبح كسلاً روحيًا. لا يمكننا أن نبقى على الجبل ونستمتع بفرح هذا اللقاء وحدنا. ولذلك يعيدنا يسوع إلى الوادي، بين إخوتنا وفي الحياة اليومية. علينا أن نتنبّه من الكسل الروحي: نحن بخير بصلواتنا وطقوسنا الليتورجية، وهذا يكفينا. لا! لا يجب على تسلقنا للجبل أن يُنسينا الواقع، إنَّ الصلاة ليست أبدًا هروبًا من مشقات الحياة؛ ونور الإيمان لا يصلح فقط لمجرّد تأثُّر روحي جميل. نحن مدعوون لكي نختبر اللقاء مع المسيح لأننا وإذ نستنير بنوره يمكننا أن نحمله ونجعله يسطع في كل مكان. علينا أن نشعل أنوارًا صغيرة في قلوب الأشخاص، وأن نكون مصابيح صغيرة للإنجيل تحمل القليل من الحب والرجاء: هذه هي رسالة المسيحي.

 

وخلص: لنصلِّ إلى مريم الكلية القداسة لتساعدنا لكي نقبل بذهول نور المسيح ونحميه ونتقاسمه مع الآخرين.