موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
البابا: أتمنى أن يكون اليوبيل فرصة لوقف إطلاق النار في كل النزاعات الدائرة
في تقديمه لكتاب بعنوان "يوبيل الرجاء"، توقّف البابا فرنسيس عند اليوبيل الذي سيُحتفل به عام 2025 ومعنى الرجاء وأن نكون حجاج رجاء. كما أعرب عن الرجاء في أن يكون اليوبيل فرصة لبلوغ وقف لإطلاق النار في كل النزاعات الدائرة.

فاتيكان نيوز :

 

"يوبيل الرجاء" هذا عنوان كتاب للصحفي الإيطالي فرنشيسكو أنطونيو غرانا.

 

ولهذا الإصدار كتب المقدمة البابا فرنسيس فتوقف أولاً عند كون "الرجاء لا يُخيِّب" حسبما جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل روما. وذكّر بأن هذا هو العنوان الذي اختاره لمرسوم الدعوة إلى اليوبيل الذي سيُحتفل به سنة 2025، مشدّدًا على ضرورة أن نسير معًا لنكون "حجاج رجاء"، وهذا هو شعار اليوبيل.

 

 

الرجاء ليس شعور.. إنما فضيلة

 

وفي حديثه عن الرجاء، كتب البابا فرنسيس، أنه ليس، وكما يُعتقد غالبًا، التفاؤل ولا هو مجرد شعور إيجابي إزاء المستقبل. الرجاء أمر مختلف، فهو ليس وهمًا أو شعورًا، بل هو فضيلة ملموسة وتصرف حياتي يتعلق باختيارات محددة. فالرجاء يتغذى على الالتزام لصالح الخير من قِبل كل فرد، ويكبر حين نشعر بأنفسنا مشاركين في منح معنى لحياتنا ولحياة الآخرين.

 

ومن هذا المنطلق، تابع البابا فرنسيس، فإنّ تغذية الرجاء هي فعل اجتماعي وفكري وروحي، فني وسياسي بالمعنى الاسمى للكلمة. وهذا يعني وضع القدرات والموارد في خدمة الخير العام، يعني زرع المستقبل. الرجاء يولد التغير ويُحَسن المستقبل، إنه الفضيلة الأصغر، حسبما كتب شارل بيغي، إلا أنها تلك التي تحملك إلى الأمام أكثر من غيرها. الرجاء لا يُخيِّب أبدًا.

 

 

حجاج الرجاء

 

توقّف البابا بعد ذلك عند معنى أن نصبح "حجاج رجاء".

 

فأشار إلى أن الحج هو تنقل جسدي حيث يترك الشخص بيته وما هو أكيد بالنسبة له ليأحذ في التحرك نحو هدف ما. وتابع أن هناك مَن يقوم بالحج لطلب نعمة لنفسه أو لشخص عزيز، ولكن فقط عقب العودة يلمس الشخص أن المعجزة الحقيقية ليست الشفاء الجسدي بل هي هبة الإيمان الذي يتقوى بالحج ويتعزز بهذه الرحلة، إلا أن الحج ليس فقط رحلة بالجسد بل داخل الذات أيضًا والتساؤل حول الذات في نور الإنجيل.

 

وأضاف البابا هنا أن الانطلاق في مسيرة هو أمر مميِّز لمن يبحثون عن معنى الحياة.

 

تحدّث الأب الأقدس بعد ذلك عن انتشار السخرية ممن يتميزون بالرجاء، وهو ما يتزايد يومًا بعد يوم أمام تزايد الحروب وإنتاج السلاح وما تُدر من أرباح، وأيضًا تراجع الولادات وانتشار جرائم قتل النساء والكراهية. إلا أنه، ونشكر الله على هذا، هناك الكثير من الخير الصامت وذلك في الكنيسة أيضًا، كتب البابا، خير يرد كل يوم على ما تبدو أنها هاوية شر.

 

وأضاف قداسته أن هذا الشرّ هو ما نراه في عدم استقبال المهاجرين، أخوتنا، الذين يواجهون ما تُعرف باسم "رحلات الرجاء" إلا أنها بالأحرى "رحلات يأس" يلقى فيها هؤلاء الأشخاص الموت في البحر المتوسط الذي تحول إلى مقبرة كبيرة. نجد هذا الشر، واصل البابا فرنسيس، فيمن يغذون النزاعات المنسية غالبًا والتي تسفر عن مآسٍ إنسانية لم تَعد تثير الاهتمام.

 

 

أداة للنعمة

 

كم أود أن يكون اليوبيل القادم بالفعل، واصل البابا فرنسيس في تقديمه للكتاب، فرصة مناسبة من أجل وقف إطلاق النار في كل الدول التي تدور فيها نزاعات، مشددًّا على أن الجميع يخرجون من الحرب، من أي حرب، خاسرين، منذ اليوم الأول.

 

وذكّر بما كتب في مرسوم الدعوة إلى اليوبيل: "لكي أقدّم للسّجناء علامة قرب عمليّة، أودّ بنفسي أن أفتح بابًا مقدّسًا في سّجن، ليكون رمزًا لهم يدعوهم إلى أن ينظروا إلى المستقبل برجاء والتزام متجدّد بالحياة". كما ذكّر بدعوته في هذا المرسوم إلى أشكال من العفو أو تخفيف الأحكام على السجناء، وإلى إلغاء عقوبة الإعدام غير المقبولة لأنها اعتداء على كرامة الأشخاص التي لا يمكن المساس بها.

 

 

فرصة لإعادة النظر في الحياة

 

وأشار إلى أن ملايين الحجاج سيَعبرون خلال يوبيل سنة 2025 الأبواب المقدسة ، معربًا عن رجائه في ألا يكون هذا الحج رحلة سياحية أو بلوغ هدف، بل فرصة للارتداد وإعادة النظر في الحياة في نور الإنجيل، والإصغاء إلى الكلمة الوحيدة التي تُخَلِّص، كلمة يسوع المسيح، وفي أن يكون هذا الحج مرافَقًا بأفعال محبة يتم القيام بها في الخفاء.

 

وأكد على أن الجميع يمكنهم القيام بهذا الحج، فالسنة اليوبيلة بما تتضمن من غفران هي موجهة للجميع، فجميعنا خطأة، والبابا أيضًا، في حاجة إلى أن يُغفر لنا. وأضاف أنه ليس هناك مَن لا يمكنه أن يطلب المغفرة من الرب وليست هناك خطيئة لا يمكن للرب أن يغفرها. وشدّد البابا فرنسيس على أن اليوبيل ليس موعدًا تفرضه الرزنامة، بل هو أداة رعوية حقيقية يلجأ إليها الباباوات منذ القرن الرابع عشر وحتى اليوم، وذلك حسب متطلبات الأزمنة التي عليهم فيها أن يقودوا الكنيسة.

 

 

مثالان للرجاء

 

وإلى جانب الغفران أراد البابا تسليط الضوء على أن اليوبيل القادم سيتضَمن مثلَين آخرين على الرجاء، فخلال الاحتفال بالسنة اليوبيلية سيتم إعلان قداسة الطوباويَّين بيير جورجو فراسّاتي وكارلو أكوتيس. قديسان شابان، أدركا في مراحل مبكرة من حياتهما أن المركز الوحيد لكل شيء هو يسوع المسيح الذي يتماهى في الأخيرين، الفقراء، مَن يتعرضون إلى الإقصاء من قِبل المجتمع.

 

وفي الختام، توقف عند هاتين الشخصيتين مذكرًا برغبة الطوباوي بيير جورجو فراسّاتي في الرد على محبة يسوع التي نالها بالمعمودية من خلال زيارة الفقراء ومساعدتهم. كما ذكّر بحديث الشاب كارلو أكوتيس خلال مرضه عن رغبته في أن يكرس ما سيكون عليه تحمله من معاناة للرب وللبابا وللكنيسة، وقدرته على استخدام الشبكة وتقنياتها للكرازة ونقل الإنجيل لإيصال القيم والجمال.