موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
التقرير الصادر عن المؤسسة الحبرية المعنية بمساعدة المسيحيين المتألمين حول العالم هو من إعداد مارتا بيتروسيلو، وقد تناول أوضاع الحريات الدينية في العالم خلال السنتين الماضيتين، وأوضحت في مقابلة مع موقع "فاتيكان نيوز" الإلكتروني أن العمل جار على إعداد تقرير آخر من المرتقب أن يصدر في تشرين الأول من العام المقبل، مشيرة إلى أن التقرير الأخير يسلط الضوء على أوضاع المسيحيين في ثمانية وعشرين بلدًا حول العالم، ويُقدر عدد هؤلاء المؤمنين بثلاثمائة وسبعة ملايين مسيحي. ولفتت إلى أنه من الصعب جدًا أن نقدّم صورة مفصلة عن أنواع الاضطهادات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص، بيد أن المؤكد هو أن السياق العالمي الذي يعيش فيه أخوتنا وأخواتنا هؤلاء يبعث على القلق الشديد.
وأضافت أن حالات الاضطهاد هذه سُجلت في القارات الخمس، لكن الوضع الأخطر هو في القارة الأفريقية، حيث سجلت أوضاع المسيحيين تراجعاً مقلقا في السنوات الأخيرة، لأن مركز نشاط التيارات الإسلامية الراديكالية تحول من الشرق الأوسط إلى القارة السمراء خلال عقد من الزمن. وقد تكاثرت هذه المجموعات الجهادية في العديد من البلدان والمناطق الأفريقية، لاسيما في منطقتي بحيرة التشاد والساحل.
بعدها توقفت المسؤولة في هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة عند الأوضاع الراهنة في بوركينا فاسو، مشيرة إلى أن هذا البلد الأفريقي لم يكن موجودًا –منذ عشر سنوات– على لائحة مؤشر الإرهاب العالمي، التي ضمت مائة دولة، لكن في العام 2024 احتل المرتبة الأولى، كما أن 76% من ضحايا الهجمات الإرهابية خلال العام الفائت كانت في بوركينا فاسو. وأوضحت أن المسيحيين يتألمون هناك لأنهم أقلية، لا تصل نسبتهم إلى خمسة وعشرين بالمائة من مجموع عدد السكان، وهم مستهدفون من قبل الإرهابيين.
أما نيجيريا فتشهد منذ خمس عشرة سنة نشاطات إرهابية من قبل جماعة بوكو حرام، لاسيما في شمال البلاد، وخلال السنوات السبع الماضية تزايدت الهجمات التي تشنها قبائل الفولاني في وسط البلاد وجنوبها. ولفتت أيضًا إلى الأوضاع المقلقة في كابو ديل غادو بشمال موزمبيق، ناهيك عن النتائج الكارثية للحرب الدائرة في السودان. واعتبرت أن الحدود غير المضبوطة بين البلدان تساهم في توسيع رقعة نشاطات الإرهابيين، التي لم تسلم منها بلدان أخرى شأن النيجر، مالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتحدّث بيتروسيلو عن معاناة المسيحيين في الشرق الأوسط، متوقفة عند سورية بنوع خاص ومبدية تفاؤلا، ولو كان حذرا، بعد سقوط نظام الرئيس الأسد، وقالت إن ثمة لقاءات عُقدت بين القيادة السورية الحالية والأساقفة المحليين، لكنها اعتبرت أن انعدام الاستقرار في البلاد يمكن أن يقيّد حريات الجماعات المسيحية. وذكّرت بأن سورية عاشت سنوات طويلة من الحرب، وقد تراجع عدد المسيحيين بشكل كبير، إذ كان يبلغ عدد هؤلاء مليون ونصف مليون مسيحي عام 2012، وقد أصبح يُقدر اليوم بـ250 ألف شخص. وفي مدينة حلب بالتحديد تراجع العدد من 200 أو 250 ألفًا إلى 30 ألف على أبعد تقدير.
وأكدت أن الهيئة الحبرية تعرب عن قربها من المسيحيين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ممن عادوا إلى سهل نينوى في العراق بعد أن سيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية، ومن المسيحيين في فلسطين وفي لبنان. وقالت إن النسبة الأكبر من الأموال التي خُصصت لمساعدة المسيحيين خلال الأشهر الماضية، تم رصدها من أجل قطاع غزة، حيث يعيش قرابة الألف مسيحي، معظمهم لجؤوا إلى كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية وكنيسة الروم الأرثوذكس. وأوضحت أنه في القدس الشرقية وباقي أنحاء فلسطين يعاني المسيحيون من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي زاد من حدتها الصراع وتراجع عدد السياح والحجاج.
أما بالنسبة للبنان فأكدت السيدة بيتروسيلو أن هذا البلد الذي كان، بالإضافة إلى الأردن، جسرًا هامًا لإيصال المساعدات إلى المسيحيين في بلدان شأن سورية والعراق، يعاني اليوم من نتائج الحرب الأخيرة، فضلاً عن أزمة سياسية واقتصادية خانقة. وختمت كلمتها مشيرة إلى الاضطهاد الذي يعاني منه المسيحيون في باكستان، لاسيما بسبب ما يُعرف بقانون التجديف.