موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
إفرحوا في الرب دائما، أكرر القول: افرحوا. ليُعرف حلمكم عند جميع الناس. إنّ الرب قريب. لا تكونوا في همِ من كل شيء كان، بل في كل شيء لتُرفع طلباتكم إلى الله بالصلاة والدعاء مع الشكر، فإن سلام الله الذي يفوق كل إدراك يحفظ قلوبكم وأذهانكم في المسيح يسوع (فيليبي ٤: ٤–٨).
في هذه الأيام، تتجه أنظارنا نحو عيد الميلاد، لذلك تدعونا الكنيسة لنشهد بأن يسوع ليس مجرّد شخصيّة من الماضي، وإنما هو كلمة الله التي تستمرّ اليوم أيضًا بإنارة مسيرتنا ومسيرة كل الإنسان، لتعبّر عن حنان الله الآب، وعن عزائه ومحبته تجاه كل كائن بشريّ.
في هذه الأيام، تدعونا الكنيسة للسهر الروحي كي نُعدّ الطريق للرب الآتي. وتحثنا للتحلي بموقف داخلي جديد كي نعيش انتظار الرب يسوع بفرح.
إن قلب الإنسان يرغب بالفرح. ونحن جميعنا نتوق للفرح، وكلّ عائلة وكل شعب يتوق إلى السعادة.
لكن ما هو الفرح الذي دُعي المسيحي ليعيشه وللشهادة له؟
إنه الفرح الذي يأتي من قرب الرب ومن حضوره في حياتنا. لإنه منذ أن دخل يسوع المتجسّد في التاريخ، بولادته في بيت لحم، نالت البشريّة بذار ملكوت الله، كما تنال التربة، الأرض الطيّبة، البذرة، كوعد بالمحصول القادم. نحن أيضًا ينبغي علينا أن نبحث بعد الآن فقط عن يسوع ونستعد لإستقباله.
فقد تجسد وجاء ليحمل الفرح للجميع وعلى الدوام. إن الأمر لا يتعلق بفرح مرجو فقط أو مؤجل لنعيشه في الملكوت: أي أننا على الأرض حزانى ولكننا في الملكوت سنفرح وسنكون سعداء.
لا، فالأمر ليس هكذا. إن هذا الفرح هو فرح حقيقيّ، فرح إلهي، ويمكننا أن نعيشه ونختبره منذ الآن، لأن يسوع نفسه هو فرحنا ومع يسوع الفرح هو نصيبنا.
هل هناك فرح بدون يسوع؟
لا، فيسوع هو الحيّ، والقائم من الموت وهو يعمل فينا وبيننا، لاسيما بواسطة كلمته ووصاياه والأسرار المقدسة.
نحن المعمدون جَميعنا، أبناء الكنيسة الواحدة، مدعوون لقبول حضور الله مجدّدًا وعلى الدوام بيننا ولمساعدة الآخرين على إكتشافه أو إعادة إكتشافه إذا كان البعض قد تناساه. إنها رسالة جميلة، تشبه رسالة يوحنا المعمدان: أن نوجّه الناس نحو المسيح، لأنه هو الهدف الذي يتوق إليه قلب الإنسان عندما يبحث عن الفرح وعن السعادة الحقيقية.
يُعلّمنا القديس بولس رسول الأمم في رسالته الاولى إلى أهل تسالونيقي كيف نكون بالفعل "رسل حقيقيين للمسيح" علينا أن نواظب باستمرار على الصلاة، وأن نرفع الشكر لله على الدوام، وألا نطفئ روحه القدوسه فينا، وأن نبحث عن الخير ونتجنّب كلّ شرّ (تسالونيقي الاولى ٥: ١٥-٢٢). فإذا أصبح هذا أسلوب حياتنا، فستتمكن عندها البشرى السارة من الدخول إلى منازل عديدة ومساعدة الأشخاص والعائلات ليكتشفوا مجدّدًا أن الخلاص هو في المسيح يسوع، وفيه يمكننا أن نجد السلام الداخلي والقوة لمواجهة مختلف ظروف الحياة يوميًّا حتى تلك الصعبة والمستعصية.
فما من أحد قد سمع أبدًا بقديس حزين أو بقديسة مكتئبة، فهذا أمر مستحيل، لأن المسيحي هو شخص يمتلئ قلبه بالسلام، ولأنه يعرف كيف يضع فرحه في الرب حتى في الأوقات الصعبة والحرجة.
إن الإيمان لا يعني غياب الصعوبات وإنما يعني أن يكون لدينا القوة لمواجهتها واثقين باننا لسنا وحدنا، بل الله معنا. وهذا هو السلام الذي يعطيه الله لأبنائه.
ليعطينا السلام إله السلام يسوع المسيح المتجسد من أجل خلاصنا، وليقدسنا تقديسًا ويحفظنا سالمين روحًا وجسدًا، ويثبتنا ويحفظنا من الشرير.
نطلب من العذراء مريم، "سلطانة السلام" و"سبب سرورنا"، أن تجعلنا فرحين على الدوام في الرب، الذي يأتي ليحررنا من العديد من العبوديات الداخلية والخارجية، ويملأ قلوبنا والعالم سلامًا.