موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بكل تأكيد تذكران أيها الحبرين الجليلين أن نفس المعلم كانت حزينة جداً حتى الموت، كحالكما اليوم. ينظر حوله ردود فعل قاسية من أناس قد جاء لكي يخلصهم ويمنحهم حياة أفضل. وأنتما اليوم تنظران وليتكما تطلبان لهم الغفران لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. كان التلاميذ نيام ولم يقدروا أن يسهروا معه لساعة، وهذا ما زاد في وحدته ووجعه وآلامه. وأنتما اليوم وحيدان وإن كنا نذكركما كل يوم عبر الصلوات وصفحات الانترنت وغيرها لكننا حقيقة شعب تعبان، ومُصاب بمرض النسيان. لقد نسينا أننا أبناء إله عظيم ففترنا حتى صار يريد أن يتقيؤنا. لقد نسينا أننا كنيسة واحدة وتركنا للظروف القاسية المفروضة علينا أن تذكرنا بمكانتنا ودورنا ورسالتنا، نحن نور وأبناء نور. نحن ملح، والأرض قد يبست وتعبت وهي تفقد خيراتها العتيدة. ما أقسى تلك الساعة وماأرهب هذا الوقت ياأحبائنا. إنها عبارة نرددها في القداس الإلهي، لكن الحقيقة أنكما أحباءنا. قضية خطفكما أيقظت فينا الوعي، لما فقدناه، ولما ننزفه كل يوم في رحلة غربتنا الأرضية. إنه مشهد شديد الظلمة. وبعدما عرف أن الساعة قد حانت طلب السيد من هؤلاء الكسالى بالجسد والأحياء بالروح، أن ينهضوا لأنه سوف يُسلم. الاكليل سوف يوضع ومشيئة الإله ستتحقق وهي مرسومة منذ الأزل، وأرجو أن لا يفهم أحداً أن المعلم قطع الصلاة يومها فهي بالنسبة له علاقة شركة وحديث متواتر مع الآب. وأرجو أن تعيشا بالفعل تلك الحالة في أيامكما العصيبة هذه فهي أفضل عزاء، وأنتما خير من يعرف ذلك. كان السيد يسير نحو الصليب بجرأة غريبة، ويقترب من الموت بصلابة وخضوع وطاعة للرب. وقاكما الله من كل مكروه لكنها درب الصليب ويجب أن نسير فيها جميعاً، وإن لم تنتهي حياة الجسد كما نُصلي ونتمنى لكما، لكن الصليب قادم وآلامه ازدادت معكما منذ حوالي شهر. في الحياة مع الرب لا بد أن نُصلب ونهان ونعذب ونتألم لكي نتمجد معه. إن كانت حياة المؤمن سهلة وسلسة ومريحة فهناك خطأ ما لأن أشواك الاضطهاد وآلام الدرب تعطي للمؤمن مناعة ونعمة وتزكية. يتوقف الكلام والمشاعر الجياشة لدى الكثيرين لكن عمل الرب يستمر وعنايته لا تتوقف، ونظرات عيون السيد التي اخترقت قلب يهوذا الخائن، ستخترق قلب كل من يمس شعرة من رؤوس أولاده. صبراً سيدنا يوحنا. صبراً سيدنا بولس. صبراً أيها المسيحيون المشرقيون الأصلاء فوعود مخلصنا صادقة: من يصبر إلى المنتهى سوف ينال الخلاص.