موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢

ما أروعك أيتها النباتات؟

بقلم :
مايكل عادل ماركو - المجر
عطاء بدون حدود

عطاء بدون حدود

 

نباتات حولنا في كل مكان، ربما سرعة الحياة لا تسمح لنا في بعض الأحيان بأن نتوقف لثوانٍ ونتأمل في هذه النباتات التي لها دور هام في حياتنا البشرية وحياة الحيوانات أيضًا، بل يمكنني القول بأن لها الدور الأهم في نظام الكون ودورة الحياة. فحسب إحدى الدراسات الحديثة، تقدّر أنواع النباتات في كوننا بأكثر من 8 مليون نوع، وأغلب هذه النباتات والأشجار تمنحنا الأوكسجين الذي بدونه لا نستطيع العيش على سطح الأرض، والطعام المليء بالفيتامينات والأعشاب الطبية، وفي المقابل تساعدنا على التخلص من ثاني أكسيد الكربون ومخالفات الحيوانات.

 

 

عطاء بدون حدود

 

النباتات ومن ضمنها الأشجار من الأشياء الوحيدة في دورة الحياة بهذا الكون التي تعطي بدون اعتداء على شيء اخر، بخلاف الحيوانات الأخرى سواء كانت الحيوانات النباتية أو آكلة اللحوم هي تنهي حياة كائن آخر لتستطيع العيش، ولكن النباتات تعطي من دون سلب حياة كائن أخر.

 

عطاء النباتات بجميع أنواعها دائم ويظهر ابداع الله الخالق المستمر، فالنباتات والأشجار تبذله نفسه من أجل حياة الأخرين. عندما نتأمل أشجار الفاكهة المتنوعة نجدها تعطي أنواعًا مختلفة من الفواكه المفيدة والغنية بالفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان والحيوان. الأشجار تزرع في نفس التربة وتمر بنفس عملية البناء الضوئي وتتغذى ببعض السماد العضوي لتقوى على العطاء، عطاء مختلف ومتنوع. 

 

 

الازدهار دافع داخلي

 

ربما فصل الخريف يمر علينا بدون التأمل للحظات في الأشجار بهذا الوقت، فكيف تسقط جميع أوراقها وتبقى عارية بدون أوراق وتظهر وكأن حياتها انتهت، ولكنها في الحقيقة الحياة تتجدد وتستمر في داخلها، فالحياة تكمن في الداخل وتنطلق من الداخل لتسطيع العطاء من جديد في أوقات محددة. دافع الحياة الداخلي المستمر في الأشجار يدفها للازدهار في فصل الربيع. والعجيب في الموضوع مهما اختلفت حالة الطقس والمناخ إلا أن الأشجار تعطي في الأوقات التي اعتادت عليها بدون تأخير وبدون تأثر بكل ما يحيط بها. فالنباتات مليئة بالحياة ولديها الرغبة في العطاء بالرغم من كل الظروف المحيطة.

 

كما عجيبة هذه الأشجار والنباتات تسمح أن تسقط جميع أوراقها وكل ما يحميها وتبقى عارية لأنها تثق في الخالق بأنه سيجعلها تنمو من جديد، فهنا أروع حالات الثقة والإيمان بخالق ومعطي الحياة. نعم أقول الحياة في النباتات لأنها من الكائنات الحية، بالرغم من اختلاف أنواع الحياة بين في النباتات والحياة البشرية المقترنة بالنفس والعقل.

 

 

مسؤولية الإنسان واخفاقه

 

وضع خالق الكون مسؤولية الحفاظ على نظام الكون والحياة فيها بيد الإنسان العاقل، ودوره يكمن في البحث عن طرق للحفاظ على النباتات وليس تدميرها وتدمير توازن الحياة في الكون، ومن المفترض أن نرد الجميل لهذا العطاء بالحفاظ والاهتمام بهذه الأشجار والنباتات. وبالرغم من اعتقاد البشر بأنهم عرفوا الكثير عن عالم النباتات وتوصلوا لطرق علمية حديثة للزراعة إلا أن سر هذا العالم لم يتم اكتشافه كليا في اعتقادي الشخصي، ومازال الإنسان مقصر في مسؤوليته تجاه النباتات والكون.

 

يظهر اخفاق الإنسان في مسؤوليته تجاه الكون في صور قطع الأشجار بطرقة غير إنسانية وتصحر الغابات التي تشكل 31 من مساحة اليابسة، والبناء على أراضٍ صالحة للزراعة، وعدم الاهتمام بالزراعة والمحاصيل الزراعية. نتيجة هذا التقصير والإهمال تغيّر المناخ وارتفعت درجة الحرارة في الكون، وشح المواد الغذائية في الكثير من الدول بسبب عدم قدرة الأرض والتربية على الإنتاج الزراعي، وبهذا الخلل في الإنتاج يحدث بطىء في دعم الحياة البشرية والحيوانية.

 

فالحفاظ على النباتات هو الحفاظ على نظام ودورة الحياة التي خلقها الله بطريقة مبدعة ومحكمة، والاعتداء على هذا النظام الإلهي خطيئة وجرم كبير في حق البشرية جمعا.

 

 

النباتات والبداية الجديدة

 

في بداية يوم جديد وعام جديد، دعونا نبدأ يوما بالنظر لأية نباتات أو أشجار حولنا لبعض ثوانٍ لنتذكر الدروس المستفادة منهم التي هي الثقة بالخالق والعطاء الدائم عطاء بدون اعتداء عطاء متنوع. الحياة بسعادة بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة بنا، وتمجيد مبدع الكون وخالق الحياة الذي نظم دورة حياة مبدعة لنا البشر، والإحساس بالمسؤولية تجاه ما أعطى لنا.

 

أيها الخالق ما أجمل أعمالك كلها بحكمة صنعت،

فنشكرك أيها الخالق المبدع على هذا الكون،

نشكرك على النباتات والأشجار التي تملء عالمنا،

نشكرك على المسؤولية التي منحتنا إيها.

ساعدنا أن نكون على قدر المسؤولية ونشعر بأهمية ما نفعل،

وساعدنا أن نصير مبدعين في كل أعمالنا، وأن نعطي باستمرار وبتضحية.