موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تحيي الكنيسة اليوم مناسبة دينية بعنوان "العذراء سيدة الأوجاع"، وهو أحد الالقاب المنسوبة لمريم العذراء، والدة السيد المسيح.
وتخصص الكنيسة ال-15 من أيلول من كل عام لاحياء هذه المناسبة استذكارا للالام الجمة التي تعرضت لها العذراء في حياتها على الأرض، والتي أشار اليها سمعان الشيخ حين استقبل الطفل يسوع المسيح في الهيكل عندما خاطب العذراء قائلا: ""وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (انجيل لوقا، الفصل الثاني، الآية 35). لذلك، نجد في الكثير من الكنائس حول العالم، بما في ذلك في كنيسة القيامة في بلادنا، تماثيل تصور سيفا مغروزا في صدر السيدة العذراء.
وفي بعض الكنائس الأخرى نجد تماثيل للسيدة العذراء مغروزا فيها سبعة سيوف نسبة للالام السبعة الرئيسية في حياة العذراء (نبوءة سمعان الشيخ، السفر الى مصر وما رافقه من عناء، فقدان يسوع في الهيكل وما رافقه من قلق، لقاء مريم بيسوع على طريق الالام وما رافق ذلك من حزن لألم ابنها، وموت يسوع على الصليب الذي مزق احشاء أمه من شدة الحزن، وتسلم جسد يسوع الميت وما رافقه من أسى عند مريم، ووضع يسوع في القبر وما رافقه من حزن لا يوصف لأم فقدت وحيدها).
لكن، بالاضافة الى هذه "السيوف" كلها، اذا ما تأملنا في حياة العذراء فإننا نجدها بأنها مليئة بالاحزان بدءا بطفولتها حيث توفي والداها (يواكيم وحنة) وهي في عمر صغير نسبيا، وحيث عاشت في الهيكل، ومرورا بتحدي حملها العجائبي بالسيد المسيح (مما جعل خطيبها القديس يوسف يفكر بتركها) ووصولا الى ما تحدثنا عنه سابقا من الام وحتى الامها الحالية الناجمة عن حزنها بسبب ابتعاد الكثيرين عن ابنها وتعاليمه.
طبعا هذه الاحزان مجتمعة لا يمكن أن تغطي على فرح العذراء لاختيارها كي تكون ام الاله المتجسد، ولتكريم السيد المسيح الكبير لها، الا أن امومتها للبشرية، التي أعلنها السيد المسيح وهو على الصليب، تجعل من مريم العذراء أما للبشر بكل ما للكلمة من معنى، وبالتالي تتألم لألمهم كما تتألم من أجل الذين يضلون الطريق بعيدا عن الله.
لذلك، هذه فرصة لكي يراجع كل منا نفسه، خاصة اولئك الذين يرون بأنفسهم ابناء لمريم العذراء، ولنسأل أنفسنا: هل نحن سبب حزن أم فرح لمريم؟ّ!
أصلي كي تتشفع فينا مريم العذراء، سيدة الاوجاع، لدى ابنها، مخلص العالم، كي نستحق أن ندعى ابناءا لها ولكي ترافقنا في طريقنا نحو ملكوت الله بدلا من أن نضيع على الأرض وفي الآخرة!