موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ أغسطس / آب ٢٠٢٠

ليس كل ما يلمع ذهبًا

د. حسان ابوعرقوب

د. حسان ابوعرقوب

د. حسان ابوعرقوب :

 

من الأمثال الدارجة (ليس كلّ ما يلمع ذهبًا) هذا المثل يستعمله (الإنجليز) كما يستعمله العرب، ونعبّر عنه بلهجاتنا المختلفة، ومعناهُ أن الإنسان قد يغترّ بالظاهر، ويشكل أحكامه ويتخذ قراراته بناءً على ما ظهر له، بينما تكون حقيقة الأمر بخلاف الظاهر، ففيه تحذير من الانجرار إلى المظاهر المزيّفة التي تخدع البصر، وتتسبب لمن تبعها سوء العاقبة والندامة، فعلى الإنسان أن يُحكّم عقله وقلبه، ويغوص في المعاني بدلا من الوقوف على ظواهر الأشياء التي من السهل تزييفها.

 

 ومثال ذلك أنك تجد من يزعمون أنهم (خبراء) في العلاج من كافة الأمراض، ويحيطون دعايتهم هذه بمجموعة من الممثلين أو قل المستأجرين الذي يتحدّثون عن شفائهم من الأمراض المستعصية بسبب (خبير العلاج) بالطاقة أو الماء، فلا تصدّق كلّ ما تسمعه، ولا نصف ما تراه.

 

وليس بعيدا عنهم (خبراء الأعشاب) الذين يُعطون لكلّ داء دواءً لا يعرفه الأطباء ولا الصيادلة ولا أهل العطارة؛ لأنه هو وحده من أطلعه الله تعالى على سرّ الشفاء في أعشاب مُعيّنة، فهذه (الخلطة) تشفي كلّ أحد من كلّ مرض. وقد اتصل بي رجل يخبرني أنه من خلال خلطة أعشاب توصّل لعلاج (الكورونا) فسألته: وكيف توصلت لذلك، فقال: أخبرني به النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمرني بنشره على أمته، فقلت له: فما تركيبته، فقال: هذا سرّ لا أبوح به، فسألته: ألم تؤمر بنشره، فكيف يكون سرّا؟ لا شكّ أنه يريد أن يجمع مبلغا من المال بهذه الطريقة التسويقية التي عفا عليها الزمن.

 

ولم يخل العمل بالرقية الشرعية والحجامة من مثل هذه الأوهام التي يُتصيّد به أهل الحاجة والضعفاء من الناس الذين يتمسّكون بكل قشة يرونها أمام الأمراض التي يعانون منها أو الأحوال التي تواجههم في حياتهم.

 

لا شكّ عندي أنّ للأعشاب والرقية الشرعية والحجامة فوائد صحية تعود على الإنسان، أمّا أن نجعلها حبلا يتعلق به كلّ مريض وكلّ صاحب حاجة طمعًا في أمواله فهذا ما لا أتفق معه، ولا أراه صوابا، وإلا فلتغلق المستشفيات أبوابها، وليرحل أهل الصيدلة بغير رجعة.

 

ومن الطريف أنّ أحد كبار ممارسي (الرقية الشرعية)  رآه أحد زبائنه في المستشفى، فقال له: يا سيّدنا أنت من يقرأ ويداوي الناس من كلّ الأمراض، لم أتيت للمستشفى؟ فأجابه: «باب النجار مخلّع» ويا له من جواب!

 

(الدستور)