موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٢

يا رب ساعدنا أن نعترف بأخطائنا لنُخلق من جديد!

بقلم :
مايكل عادل ماركو - المجر
يا رب ساعدنا أن نعترف بأخطائنا لنُخلق من جديد!

يا رب ساعدنا أن نعترف بأخطائنا لنُخلق من جديد!

 

في أحد الأيام الحارة وبعد تعب سفر الوصول للمطار، يمر الفحص الأمني ويأتي جزء تسليم الحقائب، وهنا يتضح بأن مكتب الحجز أخطأ في عدد الحقائب على نظام شركة الطيران الداخلي، وتبدأ مشادة كلامية بيني وبين مسؤول تسليم الحقائب.

 

أنا حجزت ودفعت تذكر طيران بعدد حقائب معين، لماذا يجب عليّ دفع مبالغ إضافية مقابل الحقائب، ويوضح المسؤول بأن النظام الإلكتروني الداخلي للحجز لا يوجد العدد الذي تم بناء عليه الحجز. ومن هنا بدأ غضبي يدفعني لأرفع صوتي واخرج عن ارادتي بسبب هذا الخطأ، واتضح انه خطأ مَن قام بالحجز، وليس خطئي وليس خطأ هذا المسؤول الذي أمامي، وبعد الاتصال بمكتب الحجز اعترفوا بهذا الخطأ. ولكن كانت نتيجة غضبي هو أني اذيت أحد الاشخاص الذين يقومون بعملهم بصوتي العالي، حتى وإن كان عندي حق، وحتى وأن لم اتلفظ باي لفظ خارج.

 

بعد دقائق فوجئت بأنني توجته للشخص- بعدما استطعت ان اكبح جماح غضبي- وقدمت له الاعتذار عن صوتي المرتفع بالرغم من أنني كنت على صواب. بكل صراحة فجئت من نفسي من هذا التصرف، لأن بداخلي لم أشعر بارتياح لما حدث، ولكن بعدما قدمت الاعتذار ورأيت الابتسامة على وجه الطرف الآخر، شعرت بارتياح وسلام داخلي.

 

بعد هذا اخرجت هاتفي وقررت توثيق وتدوين هذه الخبرة واشاركها مع كل من يسقط في خطأ ولكي يعرف بان الاعتراف بالخطأ شيء إيجابي وليس سلبيا، يزيد الشخص ولا ينقصه، ويساعد على نضوج شخصيتنا ويجعل حياتنا أفضل.

 

من جهة أخرى كانت هناك مواقف كثيرة قابلت أشخاصا سببوا لي اضرارا مادية ونفسية وارتكبوا أخطاء في حقي ولم يعترفوا بالخطأ، وللأسف هؤلاء النوعية من الاشخاص يواجهون صعوبة ويدفعهم الشعور بالنقص بعدم الاعتراف بالخطأ، وإن دل هذا فيدل على عدم نضوج الشخصية.

 

إن الاعتراف بالخطأ وبالخطيئة هو فعل إرادي ناتج عن قرار عقلي ودافع قلبي، أي يسير العقل والقلب والمشاعر في نفس الاتجاه ونفس الفعل- وفي حالة التوازن النفسي هذه العملية تحدث بشكل سلسل وسهل- ولكن في حالات عدم النضج وفقدان التوازن الداخلي يحدث صراع بين الإرادة والمشاعر بين القلب والعقل وفي النهاية لا يستطيع الشخص اتخاذ القرار في تقديم الاعتذار، وللأسف هناك حالات مريضة ليسوا على دراية بما يحدث داخلهم، ولن يحدث الشفاء في حالة عدم أدارك هذا.

 

ترك لنا السيد المسيح سر الاعتراف الذي من خلاله نعود من جديد ونرجع للحالة الأولى حالة الطهارة. أو بتعبير أخر نُخلق من جديد في كرسي الاعتراف، وكلما انتصرنا على اخطائنا نقترب إلى الله الخالق.

 

فما أجمل الاعتراف بالخطيئة والخطأ فأن هذا الفعل لا يساعدنا على النمو الشخصي فحسب إنما يساعدنا على التقرب من الله خالقنا، وعندما نقترب من الله فقداسته تقدس ونوره يضيء عالمنا الداخلي فنصير نور لكل المحطين بنا، وبهذا نكمل وصية السيد المسيح "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل،" (مت 5: 14). فيا لها من مهمة صعبة أن نصير نورا في عالم يسيطر عليه الظلام.

 

يا رب ساعدنا أن نعترف بأخطائنا لنخلق من جديد

 

يا رب أعطنا قوة الإرادة بأن نعترف إذا اخطئنا،

 

يا رب ساعدنا أن نسامح إذا أخطأ فينا أحدا فأنت مصدر الغفران.