موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
خمس سنوات قد مرت على انفجار بيروت الشبه نووي.
يومها ظن اللبنانيون ان نهاية العالم قد استحقت، وان السماوات قد طويت عليهم، وانهم ماضون الى فوهة العدم.
يومها حصل دمار لم يتخيله عقل عاقل، ولم تحلم به روح حالم،
يومها روت دماء اللبنانيين ارض عاصمتهم التي يعشقون،
يومها رأى اللبنانيون ست الدنيا، بيروت، أشلاء بشر واشلاء ابنية وبقايا حضارة،
يومها بلغت المؤامرة على عاصمة النور في المشرق الانطاكي ذروتها، حيث تضافر الـتآمر مع الخيانة مع الإهمال مع المصالح من اجل ذبح بيروت قبل صلبها.
نقول تآمر، ونحن نعرف ان المؤامرات تحاك على لبنان ليل نهار من اجل افراغه مما تبقى فيه من طاقات وكرامة،
نقول خيانة، ونحن نعلم كم من خونة وضعوا يدهم على مقدرات البلاد وسخروها للغير، لمن يتربص بالبلاد شرا،
نقول اهمال، ونحن نعلم ان بعض المؤسسات المناط بها إدارة شؤون البلاد احدى مزاياها الإهمال،
نقول مصالح، ونحن نعلم انه، في غياب المساءلة، وجموح الانانية، تأتي المصالح عند البعض قبل مصائر الأوطان،
نعم!
بسبب كل ذلك، ذُبحت بيروت وسالت دماؤها، وتشرد اهلوها، وتدحرج عمرانها،
لان لا أحد يبالي، ولان كل من هم برسم المساءلة يرمون المسؤولية على الآخرين، وصلت بيروت الى ما وصلت اليه!
مقابل كل ذلك، يبقى ان هناك من أبرز الوجه الناصع لبيروت، لشعب لبنان، ولأحبابنا من بلاد العرب اوطاني.
تزخر الصحافة بمرويات عن بطولات قام بها مسعفون، وممرضون، ومتطوعو إطفاء ودفاع مدني وصليب احمر، وخصوصا قوانا الأمنية من جيش وقوى امن داخلي.
المرويات المشرفة تشمل مؤسسات خاصة وحكومية، طبية وغير طبية، قامت بأكثر مما يمليه عليها الواجب في اسعاف بيروت المثخنة بالجراح وخدمتها.
المرويات المشرفة تشمل أناساً عاديين، مدنيين، قاموا بواجبهم الوطني بعفوية وبما اوتوا من قوة وطاقة وعزم.
رغم العلل العديدة للبنانيين، يمكننا القول ان تجربة انفجار مرفأ بيروت قد اثبتت ان اللبنانيين شعب يمكن الاتكال عليه، شعب يتمتع بحس عال من المسؤولية، وضمير وطني وانساني حي. هذا شعب الفينيق، طائر النار، القادر على نفض الرماد، والتحليق من جديد.
مقابل هذا المشهد الناصع البياض، الشديد الرمزية، يبقى ان تحصيل حقوق بيروت وأهلها لم يتحقق بعد.
ما زال اللبنانيون، البيروتيون خصوصا، ينتظرون تحقيق العدالة بحق ضحاياهم ومدينتهم. ما زالوا ينتظرون ان يظهر الفاعل، بل قل الفاعلون، الى العلن، وان يشار اليهم بالأصابع، مع صوت واحد موحد يصرخ فيهم قائلا "ماذا اقترفت ايديكم؟"
ما زال شعب لبنان ومحبيه، وما زالت مدينتي بيروت، عاصمة الحريات والعلم والفن والنور، جالسون في قاعة الانتظار يترقبون تسمية فاتكيها بين الفينة والأخرى.
تسمية المرتكبين لن تعيد الى الحياة من قضى، ولن تعمر ما تهدم، ولكن هذه التسمية لملا تعد بغد مشرق، مزين بالعدالة.
من ضمن ورشة إعادة بناء مؤسسات الدولة، ينكب الرئيس الرؤيوي على إعادة الحيوية الى القضاء، وتصليب عوده من جديد، كي يعود كما سابق عهده، زينة أنظمة القضاء في العالم، وفي ذلك امل ان تسمى الأمور بأسمائها، لأنه، وبكل بساطة، يبقى العدل أساس الملك.