موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٨ ابريل / نيسان ٢٠٢٤

هوية المرشد الروحي في الكشفية

بقلم :
الأب عماد الطوال - الأردن
الأب عماد الطوال

الأب عماد الطوال

 

رسالة الكاهن هي امتداد لرسالة المسيح الثلاثية في العالم: الكهنوتية, وهي تقديس الشعب, والنبوية, أي نقل البشرى السارة وإعلان ملكوت الله في التاريخ. والملوكية وهي قيادة الناس إلى الملكوت الإلهي. لذلك الكاهن هو المقدس والنبي والملك, وهو الذي ينقل الأسرار المقدسة إلى الناس ويعلن لهم الملكوت ويقود الشعب بالخدمة والذبيحة والموعظة.

 

يقول بادن باول: "الكشاف وسيلة رائعة لإعلان ملكوت الله". لذلك هو ضرب الرسالة المسيحية في العالم وكأنه قوس قزح, نور المسيح, وعجائب الله في التاريخ من خلال المواهب والأعمال والرسالات المختلفة. هذه هي هوية الكاهن والمسيحي, الإنسان المسيحي هو ابن الله وابن الوطن, بالكشاف نكون أبناء الله وذلك بالشهادة بالمسيح والانتماء للكنيسة, ونكون أبناء الوطن من خلال الانتماء والشهادة. فالانسان المسيحي صاحب رسالة في العالم لنقلها بشرى إلى الأرض, وصاحب رسالة في الوطن من خلال الخدمة والعطاء.

 

الكشاف المسيحي رسالة رعوية للكنيسة من خلال العلمانيين, "تكونون بها رسلاً للمسيح لدى الناس". تنبع روحانية الكشاف من روحانية الكنيسة ثم تمارس بطريقة متجددة وعملية وجذابة. ومن هنا تأتي أهمية رسالة ومشاركة الكهنة المكرسين في الكنيسة. الكشاف هو رسالة للكهنة المكرسين, الذين هم رعاة للجماعة, ودور الكاهن أن يعمل مع الشباب في الحقل الرعوي.

 

يُسمى الكاهن المشارك في العمل الكشفي "المرشد الروحي" أي عليه أن يكون مرافقاً لقائد المجموعة والأفراد في مسيرتهم الروحية ، ومتابعاً للمشروع التربوي في إعطاء الأهمية الكبرى لحياة المجموعة ويكون حاضراً معهم. ومن هنا عليه أن يعرف الإجابة على تساؤلات الأفراد ويسير معهم لاكتشاف الجواب... يسير معهم ولايفرض تعاليمه. ويتم ذلك من خلال تنشيط النشاطات الروحية من خلال: الطبيعة, روح الفريق, الوعد والقانون. إذ عليه أن يساند قائد المجموعة في وضع البرامج (الصلاة, التأمل, القداس, والمبادرات الروحية الكشفية)، ويزرع فيها البعد الروحي. و يقيم مع القائد مسيرة المجموعة ويوجهها إلى الطريق الحقيقي حسب المنهاج الكشفي والالتزام الكنسي. يتم ذلك فعلياً من خلال المشاركة الفعلية في المخيمات ويعيش مع الافراد تحت الخيمة ويكون حاضراً في جميع النشاطات, ولا سيما وقت تأدية الوعد الكشفي. فيكون منفتحاً إلى جميع الأفراد ويساعدهم في نموهم الشخصي واليومي. وتأتي الصعوبة الكبرى في الكشاف من كيفية بناء القناعة عند الكهنة بهذه الرسالة؟

 

وبناء هذه القناعة مرهون بالنقاط التالية:

 

1) أن يكون المرشد مقتنعاً بجدوى العمل مع الشباب: ومن هنا فنحن نطالب, وعلينا أن نبدأ بالعمل على تقديس هذا النضوج, بالسمو مع الشاب في العمل وبالثقة بجدوى العمل والثقة هي القناعة بأنه يمكن أن نسير معاً لبناء ملكوت الله, لتوسيع الآفاق, للانفتاح على الآخرين. لا يريد الشاب اليوم أوامر وملاحظات وإرشادات فحسب وإنما هو بحاجة أولاً إلى محبة وثقة وشهادة حية تسير به إلى النضوج والثقة والقناعة في الحياة. شباب العصر الحالي هم مثاليون دون مثل عليا, لا يؤمنون بأن الأفكار تغير العالم... لا يرون كيف أنهم سيحكمون العالم في المستقبل, وأن مستقبل البشرية يعتمد عليهم... ولا يؤمنون بأن العالم سيكون أفضل عندما يصارعون من أجل عالم جديد... ولا يسألون عن معنى الحياة؟ ولكنهم يعيشون على هامشها, فالعمل مع الشباب بثقة ومحبة لنقل رسالة الإيمان هو مغامرة, والكشاف مغامر. وهنا يدعو هذا العمل إلى التحول والارتداد, إليه واكتشاف دور ومكانة الشاب في الحياة. دور المرشد أن يحارب العقلية الذاتية والفردية الأنانية والمثالية ويدعو إلى العمل مع الآخرين, وإلى الانفتاح معهم على الله وعلى الآخرين.

 

2) أن يكون المرشد واثقاً بالشباب: الثقة ليست علماً ومذهباً وإنما هي واقع وحياة, متجسدة في الواقع, في حياة الشاب قدرات هائلة تحتاج إلى من يمكنها من النمو والنضوج والاثمار... والعمل بثقة الشاب بحاجة إلى فضيلة الصبر الكثير للسمو به إلى الملكوت. لكن نعمة الله تمكن الكاهن من السير مع الشباب بحسب أعمارهم وتطلعاتهم.

 

3) أن يكون المرشد قريباً من الشباب: على المرشد أن يفهم الشباب وأن يعيش معهم وأن يحبهم, وأن يكون قريباً منهم وأن يشاركهم في التعب والهموم, وأن تكون لديه معهم رؤية جديدة للأمور. فهكذا يرون أن المرشد الروحي يتلمس حاجاتهم ويتفهم صعوباتهم, وانه لهم الأخ والصديق, يعيش معهم ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم ويحترمهم في حياتهم وآرائهم ويسير معهم على دروب الحياة.

 

هذه هي رسالة المرشد الروحي في الكشاف ولكنها ليست مجرد واجب, وإنما دعوة تلبيها وحياة تعيشها، وإنجيل تبثه بين الناس ويحملهم على عيشه في الصحيح من خلال الحركة الكشفية المباركة. فانك ترى فيهم صورة المسيح الذي يسير مع الجماعة ويتجسد فيهم رغم الضعف البشري. ما أروعه من تبادل عجيب! وهكذا تتحول كشافتنا من نشاط علماني إلى رسالة روحية رائعة للحب والحياة.

 

"الشباب هم عماد المستقبل, وأمل الحياة... " المرشد الروحي هو الذي يعمل على أن يتفتح الشباب على حقيقة أنفسهم, وأن يكتشفوا إمكانياتهم. لذا ينبغي على الكاهن أن يكون لهم في كل شيء هادياً وأخاً وصديقاًو وأن يكون للقائد كحبل نجاة كما أن القائد بدوره هو حبل نجاة للكشاف. كذلك يمكنه أن يكون بمثابة نقطة تركيز لأفراد المجموعة, يوجه عملهم ونشاطهم سواء في مجال العبادة والصلاة أم في مجال الخدمة... أنه رمز روحانية أفراد الكشاف, وحلقة اتصال بينه وبين العالم وعلامة وحدة بينهم وبين الكنيسة الجامعة, إنه كاهنهم... لذلك فرسالة المرشد الروحي هي مساعدة الكشاف على رؤية المسيح في حياتهم الكشفية. فالكشاف عندنا يجب أن يكون كشافاً مسيحياً, وأن تتسم عندهم رائحة للانجيل, انتماء الى المسيح بالحب والتسبيح, وانتماء إلى الوطن بالخدمة والعطاء. وهكذا يعمل روح الله في قلب كل إنسان, وما علينا إلا اكتشافه وزرعه في العالم, والتأمل في عظمة الله في الطبيعة والناس, وخصوصاً في الفقراء والمساكين والمنبوذين.

 

يقول الدستور الكشفي: "... المرشد الروحي هو المسؤول عن التنمية الروحية للمجموعة ولأعضائها..." إلا أن التنمية الروحية في الحركة الكشفية ليست مهمة المرشد كأحد أعضائه... لأن المرشد يعمل كعضو في هذا الفريق...؟

 

كيف يكون المرشد الروحي؟ نلخص الجواب على هذا السؤال في النقاط التالية:

 

1. أن يؤمن المرشد بالشباب: "الشباب هم عماد المستقبل وأمل الحياة"، في الكنيسة والمجتمع. وهذا ما يتطلب من الكاهن المرشد الإيمان بالشباب، والعمل معهم بثقة ومحبة لنقل رسالة الإيمان، ومساعدتهم على تجاوز العقلية الذاتية والفردية الأنانية والمثالية، ودعوتهم إلى العمل معاُ، والانفتاح معهم على الله وعلى الآخرين.

 

2. أن يكون المرشد واثقاً بالشباب: الثقة ليست علماً ومذهباً، إنما هي واقع وحياة، متجسدة في الواقع. في حياة الشاب قدرات هائلة، تحتاج إلى من يمكنها من النمو والنضوج والإثمار. إن العمل بثقة مع الشاب بحاجة إلى فضيلة الصبر، التي تسندها نعمة الله، فيتمكن الكاهن من السير مع الشباب بحسب أعمارهم وتطلعاتهم.

 

3. أن يكون المرشد قريباً من الشباب: على المرشد أن يفهم الشباب وأن يعيش معهم وأن يحبهم، وأن يكون قريباً منهم، وأن يشاركهم في التعب والهموم. وهكذا، يرون أن المرشد الروحي يتلمس حاجاتهم ويتفهم صعوباتهم، وأنه لهم الأخ والصديق، يعيش معهم، ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، ويحترمهم في حياتهم وآرائهم، ويسير معهم على دروب الحياة.

 

4. أن يكون المرشد رفيق درب للشباب: يرافق المرشد الروحي الكشافة ليفتح قلوبهم على حقيقة أنفسهم، فيكتشفوا إمكاناتهم. لذا، ينبغي على الكاهن أن يكون دوماً هادياً وأخاً وصديقاً، وأن يكون للقائد كحبل نجاة، كما أن القائد، بدوره، هو حبل نجاة للكشاف. بهذه الطريقة، يستطيع أن يكون نقطة ارتكاز لأفراد المجموعة، يوجه عملهم ونشاطهم، سواء في مجال العبادة والصلاة أم في مجال الخدمة. فهو ضمان روحانية أفراد الكشاف، وحلقة اتصال بينهم وبين العالم، وعلامة وحدة بينهم وبين الكنيسة الجامعة. تقوم رسالة المرشد الروحي على مساعدة الكشاف على رؤية المسيح في حياتهم الكشفية، لتعميق انتمائهم إليه بالحب والتسبيح، بالإضافة إلى انتمائهم إلى الوطن بالخدمة والعطاء. يقول الدستور الكشفي: "المرشد الروحي هو المسؤول عن التنمية الروحية للمجموعة ولأعضائها...". ويقوم بذلك كأحد أعضاء الكشفية، لأن المرشد يعمل كعضو في المجموعة.

 

وأخيراً, كما يقول الأب جاك سيفان: "عليك أيها الكشاف، وأيها الشباب المسيحيون أن تكونوا للمسيح رسلاً وشهوداً، وأن تسموا على من حولكم بفرحكم ومحبتكم... فكونوا فرحاً للجميع. كونوا "هللويا" حية بين الناس... تعلموا حب المسيح بحب الآخرين...".