موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٥ يوليو / تموز ٢٠١٦

هام للغاية! هام فقط لك!

بقلم :
مايكل عادل ماركو - المجر

هل تشعر بأنك مختلف عن الآخرين؟ كيف ترى عالم اليوم؟ ما هي توقعاتك لكنيسة الغد؟ هل أنت راضي عن كل الأحداث الجارية حولنا؟ إذا كنت شخص طرح على نفسه أحد الأسئلة السابقة أو أسئلة مشابهة، فهذا يعني أنك شخص واعي وأنت مدعو لرسالة خاصة في حياتك. والرسالة الخاصة تُحدد بناء على الهدف في الحياة. وللأسف حياتنا الآن سريعة لدرجة أن أشخاص كثيرون يولدون ويموتون دون التوقف للحظات والتفكير في هدف ومعنى حياتهم. كثيرون في عصرنا ضلوا طريق الغذاء الروحي فصاروا جائعين تائهين في عالم جائع. ما هي دعوتي ورسالتي في الحياة؟ هل لديك هدف واضح؟ سؤال هام يسأله الإنسان الواعي بأن الله معطي الحياة خلقه من أجل رسالة وهدف في الحياة، الله لم يخلق أي شيء صدفة، ولم يخلق الإنسان بدون هدف. والهدف يتضح من خلال الدعوة أو الرسالة التي نقوم بها، فهناك دعوة ورسالة عامة ودعوة خاصة. الدعوة العامة هي أن نكون قديسيين مثل أبونا السماوي (1بطرس 1: 15-16) و(اللاويين 20: 26)، فكلنا إذاً مدعوون للقداسة، وهذا يعني أن الهدف العام هو القداسة، والوسيلة للوصول لهذا الهدف هو أسلوب الحياة الذي يساعد لتحقيق الهدف. فهناك من اختار الحياة الرهبانيّة والكهنوتيّة للوصول للقداسة، وهناك من اختار أن يشارك الله في الخلق بالزواج ويكّون أسرة قدسية أيضاً. فإذا ما وجدت أسُر قديسة لما وجد كاهن قديس. لأن الكاهن إنسان مسيحي تربى في أسرة شجعته على الصلاة وغذته بمحبة الله. فمن ثَّمَ فإن القداسة لا تقتصر على الإكليروس فقط، إنما متاحة للكلّ، لأن القداسة دعوة عامة، فمن خلال الزواج أيضًا يمكن الوصول للقداسة. ف "ربّ الأسرة" يعمل لتوفير حياة مناسبة روحيا وماديا لأسرته فيتمكنوا من عيش القداسة وبهذا يقود زوجته وأبنائه للقداسة، وربّت الأسرة تضحي روحيا وجسديا لتتمكن الأسرة من السير نحو هدفها ألا وهو القداسة. فالأب والأمَّ يقودان ابنائهم نحو القداسة وهذا هو الهدف الإلهي للحياة الزوجيّة من وجهة نظري. أما عن الحياة الكهنوتيّة أو الرهبنيّة فالمسؤولية لا تقل عن مسؤولية الأسرة، فالكاهن يقوم بالرعاية الروحيّة للأسرة من خلال القداسات والعظات والإرشادات، والرهبان يساندونا المجتمع بالصلاة وتغذية الجميع بتأملاتهم الروحيّة ليتمكن الجميع من السير في عالم جائع بغذاء روحي قيم. والمسؤولين في الكنيسة ( المطارنة والباباوات) واجبهم وضع ورسم خطط تقود المؤمنين لطريق القداسة. ما هي ماهية كنيسة المستقبل؟ كنيسة المستقبل هي أنتِ وأنت وأنا، لان الكنيسة هي جماعة المؤمنين. وإذا حاولنا العيش في حياة القداسة فكنيسة المستقبل ستكون كنيسة القديسيين. ولكن كيف نعيش حياة القداسة في عالم غير مقدس؟ طريق القداسة ليس طريق سهلاً إنما هو الطريق والباب الضيق الّذي تحدث عنه السيّد المسيح "أدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ... " (مت 7: 13-14). إذ وُجِد طريق واحد لكانت حياتنا سهلة، ولكن الله عن الخلق منحنا الحرية، والحرية أوجدت عِدَّة طُرُق، فهناك حُرِيَّات صادقة مقدسة شقت طُرق القداسة، وهناك حُرِيَّات ضالّة أسست طُرق الضلاّل والابتعاد عن الخالق. إذا لاحظت أن طُرق (جمع طريق) هذا يعني هناك عِدَّة طُرُق للقداسة (طريق الحياة المكرسة أوالحياة الزوجية) وهذا ما تحدثنا عنه أعلاه، وهناك عِدَّة طُرُق للإبتعاد عن الله أيضًا. يمكن البدأ في الابتعاد عن الله بعدم أعطائه جزء من وقتنا وحياتنا، بالرُّغم أنه صاحب الحياة فبعض الأوقات لا نجد له وقت ومكان في حياتنا. ربما تشغلنا أمور الدنيا وسرعة هذا العالم المجنون، ربما تغرينا وسائل العالم، ربما تستهونا أفكار جديدة نجدها جذابة أكثر من القيم الإنسانيّة والمسيحيّة. وما أكثر هذه الأفكار الجديدة الجذابة، هناك من يلغي وجود الله، وبعضهم بدأوا في تغير مفهوم الأسرة التي أرادها الله، وآخرُون صنعوا آلهة حديثة إلكترونيّة نلهس لكي نقتنيها ونتباهى بها. توجد مئات من الأمثالة إذا توقفت للحظة وتأمل ما حولك لوجدت آلاف الأمثلة. أسمح لي أن أقول لكم شيء واقعي وحقيقي، ان طريق الضلاّل جذاب والخطيئة صوتها عالي، نعم الشر من بداية الخليقة استطاع جذب ادام وحواء ومازال حتى يومنا هذا يجذب مئات الأنفس بطرق حديثة ومعاصرة. من فضلكم توقفوا وأسألوا انفسكم ما هي الأشياء التي تجذبنا في حياتنا؟ ما هي الأفكار التي تستهونا؟ أمام تغيرات العالم السريع وتبديل القيم المُنعمد، وتطوير أساليب تجذبنا بعيدا عن الله، ألا نشعر بحجم مسؤوليتنا؟ وهذه المسؤولية لا تنحصر فقط في تلبية دعوة القداسة التي يدعونا إليها الله، بل علينا أن ندرك بأن تجربة كنيسة اليوم تكمن في سرعة العالم وتطوير أساليبه التي تجذب الملايين، بينما الكنيسة بطيئة ومازالت تستخدم الأساليب التقليدية المتاحة لها. فالكنيسة تُحارب بسيف الكلمة بينما العالم يحارب بشعاع ليز يخترق عقول البشر بقوة تأثيرها يدوم إلى مدى بعيد، فيجد الإنسان نفسة أسير عينه وما يشاهده يوميا وبعيد عن الكلمة، فيزنف قلبه جوعا وتذبل روحه عطشا لكلمة الحياة. فمسؤوليتنا إذا تكمن في مساعدة كنيسة الغد وتسليمهم رسالة مهمة، وإيجاد وسائل حديثة لتوصيل التعاليم المسيحية والقيم الإنسانيّة الراقيّة. عليك اليوم أن تقرر في أي طريق أنت؟ وماذا تريد حقا؟ وما هي الكنيسة بالنسبة لك؟ هل تَغِير على مسيحيتك وتعاليمها؟ هل أنت مستعد أن تبدأ أول خطوة نحو القداسة؟ الآن هل أدركت أن قداستك مرتبطة بقداسة أسرتك؟ قداستك هي قداسة كنيسة الغد؟ أنت مدعو باسمك (اشعياء 43) عليك أن تؤمن بأن الله يختار الضعفاء (1 كو 1: 27)، الله يختار بحسب القلب (1صم 13)، الله يحبنا ونحن علينا أن نحبه مثلما أحبنا (يوحنا 17: 23- 26).