موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٨ يونيو / حزيران ٢٠٢٥

نُزول الروح القدس على الرسل

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، أسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، أسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك

 

اليوم أحد العنصرة، أي عيدُ حلول الروح القدس على التلاميذ والكنيسة الناشئة وعلينا وعلى العالم.

 

في اليوم الخمسين بعد قيامة الربّ يسوع من بين الأموات. الربّ يحقّق وعده للّذين يحبّونه ويحفظون وصاياه، بدءًا من الرسل القديسين ومريم أمِّ يسوع، وبعضِ النساء، وسواهم، وكانت الجماعة نحو مئة وعشرين شخصًا، كما روى القديس لوقا كاتب كتاب أعمال الرسل (١: ١٤-١٥)، وصولاً إلى كلّ واحد منا، على مدى تاريخ البشرية، فقد وعد قائلاً: "إذا كنتم تحبّوني، حفظتم وصاياي، وأنا سأسأل الآب فيهب لكم مؤيداً آخر، روحَ الحقّ، يكون معكم إلى الأبد" (يوحنا ١٤: ١٤–١٧).

 

اليوم هو عيدُ تثبيت الكنيسة بميرون مسحة الروح القدس وإرسالِها إلى أقاصي الأرض، لتعلنَ إنجيلَ يسوع المسيح، إنجيلَ الحقيقة والخلاص، إنجيلَ الشركة والمحبة. اليوم نجدّدُ إيماننا والتزامنا بحفظ وصايا الربّ يسوع وتعليمِه الإنجيلي وتقليدِ الكنيسة الحيّ وتعاليمِها، وبهذا نعبّر عن محبتنا له، ونستحقُّ قبولَ مسحة الروح القدس ومواهبَه السبع التي تُنعش فينا الإيمانَ والرجاءَ والمحبة.

 

في الاسبوع المقبل، سنحتفل بعيد الثالوث الأقدس، أي بالسجود لله الواحد والثلاثة أقانيم: آب وإبن وروح قدس، للآب الذي أحبّنا وخلقنا على صورته ومثاله، ويحفظُنا في الوجود. وللإبن يسوع الذي أحبّنا وافتدانا ويفتدينا ويخلِّصُنا بنعمة أسراره الإلهية. وللروح القدس الذي حلّ علينا وأنارنا بمواهبه ليتمّمُ فينا ثمار الفداء والخلاص.

 

فلنبتهل إلى المسيح الربّ قائلين: "أرسل روحك ايها المسيح الإله فيتجدّد وجه الأرض".

 

 

بالروح القدس يتجدد العالم بواسطة اعمالنا

 

في هذا اليوم المقدس، نجتمع مثل الجماعة الرسولية الأولى، ونلتمس، بالصلاة والسجود، حلولَ الروح القدس علينا بألسنة من نار، كما حلّ عليهم، فيفيضَ علينا مواهبَه السبع. فلنفتح عقولنا لينيرَ إيماننا بالحكمة والفهم والعلم. ولنفتح إرادتنا، ليثبّتَ رجاءنا بالمشورة والقوّة. ولنفتح قلوبنا ليُحييَ محبتنا بالتقوى ومخافة الله. ولنخرج اليوم من الكنيسة، كما خرج  التلاميذ من العلّية، ونتكلّم مثلهم لغة واحدة تحرّر وتجمع، لغة الروح القدس، أعني لغة الحقيقة والمحبة والخدمة والتضحية.

 

في عيد العنصرة، نصلي بنوع خاصّ من أجل كل واحد منا، لنعمل بقوة هذا آلروح مشيئة الله وٱرادته من خلال حياتنا العائلية والكنسية والٱجتماعية والثقافية والتربوية وعلى جميع الاصعدة في اوطاننا .

 

نصلي من أجل جميع العائلات ليحلَّ عليها آلروح القدس لتبقى مدرسة وكنيسة منزليّة تنقل إلى الأجيال الصاعدة الإيمان والرجاء والمحبة، وتعلّم الصلاة والخدمة، وخاصةً للأطفال والشباب أساس وأعمدة الكنيسة ومستقبلها.

 

الأطفال والشبان والشابات الذين يتربون تحت كنف العائلة، ويتغذون من أسرار الكنيسة المقدسة، فيتناولون جسد الربّ يسوع ودمه، فيحوّلهم إليه لكي يرى بعيونهم البريئة، ويحبّ بقلوبهم النقية، ويعطي بأيديهم السخية، ويعمل الخير بإرادتهم الحرّة، ويفكّر بعقولهم الصافية.

 

الأطفال والشبان والشابات، أمل ورجاء المستقبل في كنائسهم البتيّة، أصبحوا مع أهاليهم وأقاربهم وأصحابهم بيوت قربان، يحملون إليها المسيح الربّ ونعم وبركات السماء. نصلّي من أجلهم لكي يثبّتهم الروح القدس بمقاصدهم، ويفيض عليهم مواهبه السبع، ويبقى رفيق حياتهم ودربهم، يهديهم ويرشدهم ويقوّيهم.

 

 

روح الحق

 

كما نصلي في هذا اليوم، من أجل المسؤولين في مؤسسات وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة،  ومن أجل الإعلامين والصحفيين، طالبين لهم أنوار الروح القدس مواهبه لتقودهم إلى نشر خدمة الحقيقة، خدمة الكلمة يسوع المسيح: "نور العالم، والطريق والحق والحياة، وإعلان بشارة الإنجيل المقدس، عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ومنها إلى عقول وضمائر جميع الشعوب وقلوبهم، لكي تنتشر ثقافة الحقيقة والمحبة وقبول الآخر. والعمل من خلال البرامج الثقافية والتعليمية والتربوية على مد جسور الحوار بين الشعوب بهدف تحقيق السلام والازدهار والاستقرار، ولتأمين حياة كريمة ولائقة لكل فرد.

 

 

صلاة:

 

صلاتنا، في هذا اليوم، يوم عيد حلول الروح القدس، نرفع صلواتنا بحرارة لكي يفيض الله علينا جميعاً، وعلى المسؤولين السياسيين في بلادنا وفي العالم كلّه، أنوار الحكمة والمعرفة، ومواهب المشورة والثبات، وفضيلة التقوى ومخافة الله لكي تقف الحروب و يسود السلام في أرجاء العالم، ولكي تبدأ حياة جديدة في العائلة والكنيسة، في المجتمع والدولة، تنعشها الحقيقة والمحبة والتفاهم والتعاضد.

 

نسأل مريم العذراء، أم الكنيسة والرسل وأُمنا، أن تتشفع بنا لدى ابنها يسوع لكي يفيض روحه القدوس لحياة العالم وخلاصه وسلامه، هاتفين بقلب واحد: "أرسل روحك أيها المسيح، فيتجدَّد وجه الأرض". وليتمجد الله الواحد الأوحد، بثالوثه الأقدس الآب والابن والروح القدس، إلى الأبد.