موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٣ يونيو / حزيران ٢٠٢٠

نعم لِحياةِ المُشاركة

بقلم :
ميشيل فرنسيس - فرنسا
الحياة عطية.. وجمال عيشها يكمن في المشاركة

الحياة عطية.. وجمال عيشها يكمن في المشاركة

 

الإنسانُ كائِنٌ حَيٌّ تجذبُهُ الحياةُ بكلِّ ما فيها مِن قوَّةٍ وجمالٍ وأمورٍ مُتغيِّرةٍ وجديدة. ويَشقُّ كلُّ إنسانٍ طريقَهُ نحوَ الحياةِ راجيًا أن يكونَ الطَّريقُ الذي اختارَهُ طريقٌ للحياة. وكم يأسفُ عندَما يَصطدِمُ بالموتِ ويجدُ أنَّ الحياةَ بعيدةٌ عنهُ. في الحقيقةِ يَسعى الإنسانُ نحوَ الحياةِ مِن خلالِ اختيارِ طَريقِ حياةٍ فإذا كانَتِ الحياةُ تتدفَّقُ في هذهِ الطَّريقِ وتمنحُهُ النُّموَّ والفرحَ فهيَ سبيلٌ للنُّموِّ ولكن ما هيَ الحياةُ التي يَسعى إليها الإنسانُ؟

 

في الإيمانِ المَسيحيِّ إنَّ شخصَ يسوعَ المسيح هوَ الحياةُ نفسُها وهذهِ الحقيقةُ الإيمانيَّةُ أعلنَها السيِّدُ المسيحُ في كلامِهِ: "أنا الطَّريقُ والحقُّ والحياة".

 

واستوقفَنا أمرانِ في هذهِ الجُملةِ القصيرة:

 

1) الطريقُ والحياةُ هُما شخصٌ واحدٌ. في واقعِ حياتِنا لا نجدُ دائمًا ارتباطًا بينَ الطَّريقِ الذي نختارُهُ والحياةِ التي نسعى إليها. فارتباطُ الطَّريقِ بالحياةِ يوضّحٌ حقيقة الطَّريقِ الذي نسلكُهُ.

 

2) إنَّ الحياةَ هيَ غايةُ الإنسانِ، والإنسانُ رغبةٌ في لقاءِ آخرَ، وكم هوَ جميلٌ أن تكونَ هذهِ الرَّغبةُ في الحياةِ رَغبةٌ في شخصٍ هوَ الله ُ الحياة. فالإنسانُ لا يرغبُ في لقاءِ قوِّيٍّ، أو جمالٍ ما، أو ما هوَ جديدٌ فقط، بل يرغبُ في لقاءِ شخصِ المسيحِ الذي فيهِ سيستقبلُ كلَّ جديدٍ وكلَّ جمالٍ وكلَّ حياة.

 

وعندَما يكونُ الكلامُ عنِ الحياةِ لن ننسى الإنسانَ الفقيرَ المُحتاجَ المُعوزَ، الذي يبسطُ يدَهُ أمامَ أخوتِهِ لِيسندوهُ في حياتِهِ. ويا للأسفِ يسرق بعضُ النَّاسِ لُقمةَ الحياةِ مِنَ الآخرِ المُحتاجِ!

 

يبحثُ الإنسانُ عنِ الحياةِ ولكن عَن أيَّةِ حياةٍ؟

 

يُحاولُ بعضُ النَّاسِ أن يَبتلِعوا الحياةَ، أن يَسرقُوها، أن يُمسكوها ولكن هل تُبتَلعُ الحياةُ، وتُسرَقُ وتُمسَكُ؟

 

إنَّ مَن يبلَعُ ويُمسكُ يَسعى دومًا إلى العَيشِ كَطفلٍ في عالَمِ البشرِ، فهوَ لم يَنضج بعدُ بما فيهِ الكفايَةَ ليُقرَّ بأنَّ الحياةَ تَفيضُ في الإنسانِ عندَما يَنمو الآخرُ في الحياةِ.

 

هل مُمكنٌ أن نُدركَ عظمةَ الحياةِ دونَ الشُّعورِ بالآخَرِ الذي يَعيشُ بِقُربِنا؟ هل ممكنٌ أن نَشعرَ بفرحِ الحياةِ دونَ مُشاطرةِ الآخرينَ في هذا الفرحِ؟

 

الحياةُ عطيَّةٌ وجمالُ عَيشِها يكمنُ في المُشاركةِ.