موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يعتبر انهيار سور برلين، وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي والذي كان يتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة انتصاراً للنظام الرأسمالي الليبرالي والتي أظهرت ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى النظام الرأسمالي وتبني أيدلوجية النظام العالمي الاستعماري ـ-تحت ستار العولمة- والتي تمثل مرحلة متطورة للهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم. لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي (Globalization) وبعضهم يترجمها بالكونية، وبعضهم يترجمه بالكوكبة، وبعضهم بالشوملة، إلا إنه في الآونة الأخيرة أشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة وأصبح هو أكثر الترجمات شيوعاً بين أهل الساسة والاقتصاد والإعلام. وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله. العولمة تعني جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه. وهي أيضاً العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات، أو جعل الشيء دولياً. تكون العولمة عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب الاجتماعية والثقافية وهكذا. أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم. وتمتد العولمة لتكون عملية تحكم وسيطرة ووضع قوانين وروابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض. نشأة العولمة ذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية.. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة. في حين ذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً، والدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي. * الهوية الثقافية: هي هوية مجموعة ما أو ثقافة ما أو حتى شخص ما بما أن الشخص ممكن أن يتأثر بالهوية الثقافية للمجموعة أو الثقافة التي ينتمي إليها. مصطلح الهوية الثقافية يشبه و يتقاطع مع مصطلح "سياسات الهوية". * تتحرك الهوية الثقافية على ثلاثة دوائر متداخلة: 1- الفرد داخل الجماعة الواحدة، قبيلة كانت أو طائفة أو جماعة مدنية (حزباً أو نقابة الخ…)، هو عبارة عن هوية متميزة ومستقلة. عبارة عن "أنا"، لها "آخر" داخل الجماعة نفسها: "أنا" تضع نفسها في مركز الدائرة عندما تكون في مواجهة مع هذا النوع من "الآخر". 2- والجماعات، داخل الأمة، هي كالأفراد داخل الجماعة، لكل منها ما يميزها داخل الهوية الثقافية المشتركة، ولكل منها "أنا" خاصة بها و"آخر" من خلاله وعبره تتعرف على نفسها بوصفها ليست إياه. 3- الشيء نفسه يقال بالنسبة للأمة الواحدة إزاء الأمم الأخرى. غير أنها أكثر تجريدا، وأوسع نطاقا، وأكثر قابلية للتعدد والتنوع والاختلاف. * مستويات الهوية الثقافية: - الهوية الفردية. - الهوية الجمعوية. - الهوية الوطنية (أو القومية). والعلاقة بين هذه المستويات ليست قارة ولا ثابتة، بل هي في مد وجزر دائمين، يتغير مدى كل منهما اتساعا وضيقا، حسب الظروف وأنواع الصراع واللاصراع، والتضامن واللاتضامن، التي تحركها المصالح: المصالح الفردية والمصالح الجمعوية والمصالح الوطنية والقومية. * تأثير العولمة الثقافية على ثقافة المجتمعات (الهوية الوطنية): التأثير اللغوي: استعمال بعض اللغات الغربية (الفرنسية والانجليزية) كلغات رسمية في مرافق الإدارة والاقتصاد، استعمالها في وسائل الإعلام والاتصال وفي المقررات الدراسية وكلغات للتخاطب اليومي. التأثير الخلقي: انتشار مظاهر العنف والإباحية في وسائل الإعلام والسينما والقنوات الفضائية وعلى شبكة الإنترنت مما تسبب في تدهور القيم في بعض المجتمعات التي لا تزال تحتفظ بقيم العفة والحشمة. التأثير القيمي: تنميط القيم ومحاولة جعلها واحدة لدى البشر في المأكل والملبس والعلاقات الأسرية وبين الجنسين علاوة على نشر قيم الإستهلاك الرأسمالي. * اليات عولمة الثقافة: وسائل الاتصال والإعلام: حيث قامت بعض الشركات الأمريكية مثلا عبر القنوات الفضائية والسينما وشبكة الإنترنت بنشر اللغة الإنجليزية وأنماط الاستهلاك الأمريكي. الفنون: كالمسرح والموسيقى إضافة إلى تمرير خطابات إلى الأطفال عبر الرسوم متحركة. * العلاقة بين العولمة والهوية الثقافية. تسعى العولمة نحو الوحدة والنمطية، بينما تدافع الهوية عن التنوع والتعدد. وتهدف العولمة إلى القضاء على الحدود والخصوصيات المختلفة بينما تسعى الهوية الى الاعتراف بعالم الاختلافات وترفض الذوبان. فهي علاقة صراعية تصادمية بين العولمة والهوية الثقافية.