موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
عندما نتأمل بعمق في حروف معنى كلمة "نجاح"، نجدُ أنها تحمل معانٍ عميقة، فكلمة نجاح مكوّنة من أربعة حروف وتعني :
ن: نظام وإلتزام.
ج: جُهد ومثابرة.
ا: إيمان وإصرار.
ح: حبّ وعمل.
النجاح مسيرة، لتحقيق الأهداف المنشودة، وبالتالي هو رحلة مستّمرة من التطوّر والتعلّم، للوصول إلى بناء شخصّية ناضجة وناجحة، حاضُرها مُشرق ومستقبلها.
1. نظام والتزام
هناك علاقة وثيقة بين النجاح والنظام في مختلف جوانب الحياة. فالحياة في أساسها نظام، وحُيثما يوجد النظام، يوجد النجاح والتفّوق والازدهار. والإنسان الذي يتسّم بالنظام والالتزام في عمله، نجده إنساناً ناجحاً في مسيرة حياته. فالنظام هو الإساس الذي تقوم عليه المجتمعات والدول المتطورّة، لذلك يجب أن يكون النهج الذي يسير عليه الجميع، لأن عدم الالتزام بالنظام لا تكون نتيجته أي تقدم ٍ أو تطوير .
وعلى سبيل المثال: إن التزام كلّ فردٍ بتطبيق القواعد المرورية والارشادات والأنظمة، سيُسهم في التخفيف من الازدحامات المرورية. وسيُسهم أيضاً في وقف نزيف الأرواح من جراء حوادث السير على الشوارع الخارجية والداخلية.
2. جهد ومثابرة
الجُهد والمثابرة هما عُنصران أساسيان في تحقيق النجاح، فالنجاح يتطلب جهداً كبيراً، ومثابرة موصولة لتحقيق الأهداف، والتغلّب على التحديات والعقبات التي تعترّضنا، والإستمرارية في مواجهة الصعوبات، والتعلّم من الأخطاء. على سبيل المثال: الطلاب الذين يدرسون بجدّ ويجتهدون لتحقيق التفّوق والتميّز، الفنانون والرسامون، الذين يعملون بُجهد ومثابرة، لتحقيق النجاح والإبداع في مجالهم، فالرسام الإيطالي مايكل أنجلو، كان يؤمن بأن الجهد والمثابرة، هما مفتاح للنجاح في رسوماته الرائعة، فقد صرّح بالجهد الذي بذله قائلاً: "لو علمتم حجم الجهد الذي بذلته، والعمل الشاق الذي كنت أقوم به، لأجل أن أصنع نجاحي، لما بدت لكم مهاراتي مدهشة على الإطلاق، لقد جلست على ظهري لأربع سنوات كي أرسم سقف كنيسة سيتينا في الفاتيكان".
أجل، النجاح ليس مُحصلة غش ٍ أوكسلٍ، ولا يتحقق بالصدفة، إنما ثمرة جُهد وعزيمةٍ وتصميم ومثابرة.
3. إيمان وإصرار
إن الإيمان بالله، المقرون بالإصرار على تحقيق النجاح، يجعله قريب المنال، فالإيمان والتوكل على المشيئة الإلهية، يبعث في النفوس أملاً وتفاؤلاً، وصبراً.
جاء في سفر نحميا في الكتاب المقدّس: "إله السماء يعطينا النجاح، ونحن عبيده نقوم ونبني" (نح 2: 20). اذاً، بقوة إيمانك وإصرارك، وبإرادتك وعزيمتك، تصنع مستقبلك. والنجاح يتطلب أيضاً الإصرار على تحقيق الأهداف، والاستمرار في العمل الجاد، والتغلّب على الفشل. على سبيل المثال: توماس أديسون، المخترع الأمريكي الشهير، الذي استطاع بإصراره وإرادته القويّة، وعزيمته الصلبة، أن يتغلّب على الصعوبات التي اعترضُته، فأصبح ذلك الرجل الذي أضاء العالم: باختراعه المصباح الكهربائي.
4. حبّ وعمل :
الحب يصنع النجاح، كشخص يُحب عمله، فتراهُ يُتقنه، فالمعلم الناجح: يفتح قلوب طلابه بالحبّ والتفاهم، وأيضاً لا يتحقق النجاح إلاّ بالعمل الدؤوب، والإجتهاد فيه، كما قال الحكيم في سفر الأمثال "الرخاوة لا تمسك صيداً، أما ثروة الإنسان الكريمة فهي الإجتهاد (أم 12: 27). فالأشخاص الناجحون، لم يحققوا إنجازاتهم من فراغ، إنمّا صنعوا نجاحهم بالحبّ والعمل والإصرار والمثابرة، والتسّلح بالإيمان بالله، مصدر كل تقدم ونجاح. لقد قيل "وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً" (تك 39: 22). فعندما يكون الله محور حياتك، فهو بالتالي يحفظك من الإحباطات، ويقوُدك بالرغم من الصعوبات والعقبات، ويبعث في نفسك سكينةً وسلاماً ورجاءً وأملاً، فاجعل النجاح الحقيقي أن ينطلق من داخلك ومن بواطن نفسك.
(الرأي الأردنية)