موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تعتبر مدينة القدس القلب السياسي والإداري والروحي النابض لفلسطين، وهي أيضًا موطن أهم الأماكن الدينية للديانات السماوية الثلاث التي شكلت على مرّ القرون هوية فلسطين وشعبها. يعيش المسيحيون في فلسطين عامة والقدس خاصة أوضاعاً صعبة جراء الاحتلال الاسرائيلي الغاشم وممارساته وانتهاكاته الجسيمة التي أرغمت عدد كبير منهم على هجرة البلاد بحثاً عن مكان أكثر أمناً وتتاح فيه حرية العبادة والصلاة الى الله. حيث تدفع الممارسات الاسرائلية والتضييق على حرية العبادة المسيحيين اضافة الى نقص الحرية والأمن، والتدهور الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والتعليم خارج البلاد ولمّ شمل العائلات والجدار الإسرائيلي والحواجز العسكرية والتطرف الديني الى الهجرة وتفريغ الأرض المقدسة عن غير قصد من الفلسطينيين المسيحيين. وبسبب هذه الاجراءات والاسباب انخفض عدد المسيحيين في مدينة القدس الى قرابة 5000 فقط هذه الايام، حيث تشير احصاءات 1922 م الى ان عدد المسيحيين في المدينة كان يصل الى نحو 47001 نسمة، والمسلمون 13400، بينما بلغوا في احصاء 1/4/1945 نحو 29350 نسمة، والمسلمون 30600 نسمة. وهبط عدد المسيحيين في القدس عام 1947 الى 27 ألف نسمة بسبب الاوضاع الحربية التي نشأت في فلسطين عشية صدور قرار التقسيم في 29/11/1947. ثم صادرت اسرائيل 30% من الاراضي التي يمتلكها المسيحيون بعد الاحتلال عام 1967، وجميع هذه العوامل تضافرت لتجعل من المسيحيين مجتمعاً متناقصاً باستمرار. وتعتبر الهجرة الواسعة للمسيحيين العرب ومسيحيي البلدان المشرقية احدى أهم المخاطر التي تواجهها المنطقة، وذلك بسبب الدور الثقافي الذي يلعبه هؤلاء المسيحيون كحلقة وصل بين الحضارة العربية الاسلامية والحضارة الغربية واستيعابهم وتفهمهم لكلتا الثقافتين، وفتح امكانية الحوار بينهما. ولقد مارست الثقافة المسيحية المشرقية على مدى تاريخها تأثيراً متبادلا بين الثقافتين الاسلامية والمسيحية الغربية، ولعبت دوراً في عقلنة التطرف لدى الثقافتين وتفاعلهما مع بعضهما البعض.