موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٠ أغسطس / آب ٢٠٢٤

مسار الحقيقة... أين نحن؟ (الحلقة الرابعة والأخيرة)

بقلم :
المونسنيور بيوس قاشا - العراق
المونسنيور بيوس قاشا، راعي كنيسة السريان الكاثوليك في بغداد

المونسنيور بيوس قاشا، راعي كنيسة السريان الكاثوليك في بغداد

 

إنهم قديسو الزمن وقداستهم مزيفة ولا يفكروا أن الرب الواقفين أمامه ما هو إلا فاحص الكلى والقلوب (إرميا10:17) وبهذا يرسمون لأنفسهم رسالة كما يشاؤون، فهؤلاء لا يحملون من الفضائل المسيحية شيئاً "وهم عار على المجتمع" كما يقول قداسة البابا فرنسيس. أتمنى أن أجد المعابد في العراق يداً واحدة وكلمة واحدة أمام رؤساء الزمن، وإن كانا الزمن والعولمة لا يسمحان بهذه الوحدة ولكن وصية الرب تقول "ليكن الجميع واحداً" (يو21:17) فالحقيقة في أن نكون مجتمعين وليس فراداً فمن المؤكد أن الكل يحمل غيرة إيمانية ومآسي الشعب القاسية وهذا ما يدعونا إلى أن نكون في رسالة واحدة وهدف واحد لأن نظرنا ما هو إلا على المسيح الواحد وليس أي شيء آخر.

 

أتمنى أن أجد وأقرأ أننا نسمى أبناء وطن واحد وليس أبناء طائفة، فنحن لسنا تُبّاع السياسة المعبدية التي تُفرَض علينا بل نحن أبناء الرسالة الواحدة. لذا لا يجوز أن نعلّم أولادنا سبل الطائفية والعشائرية والحزبية. فالنرجسيات لا مجال لها في قاموس المسيح المُحب والخادم، فالمسيح لم يكن يوماً إلا خادماً للإنسان وعمل من أجل الإنسان وخاصة المبعَدين بأمر الشريعة، فالحقيقة أننا للمسيح، والمسيح مات من أجل خلاص الجميع (رو23:3) وليس من أجل خطايا فئة أو طائفة أو مدينة فلانية أو جماعة فلانية وليس شيئاً آخر، فنحن لسنا طوائف أو عشائر أو قبائل.

 

لذا أقول: لتتّحد قلوبنا في الصلاة والعمل وليس فقط أيادينا تتشابك في المؤتمرات والمناسبات، ولنعمل مجتمعين في حمل رسالة واحدة في مسيرة واحدة. فالعالم يتغير أمام كل جيل وتتغير معه عقليتنا وأفكارنا وأهدافنا، لذلك ليعمل كبارنا لخير دنيانا ومعابدنا فالرب يقول "أنتم في المسيح يسوع قريبين" (أفسس13:2) والجميع جدير بالمحبة والاحترام، وإنكم من أجلنا كنتم وليس للإعلام وللقراءة، وستبقون معبداً واحداً لا طوائف، نعم لا طوائف بل كنائس رجاءً رجاءً رجاءً.

 

هل أدركنا أننا ضحايا السياسة والمصالح المزيفة؟ هل نخاف أن ننبّه الفاسد بسبب مصلحتنا معه والقربى والجيرة وربما الاحترام والصداقة؟ وأقول: إذا كان فاسداً فلماذا لا نُصلحه قبل أن نكون له عوناً؟ وهل نعلم أننا بذلك نشوّه صورة الكلمة التي أُعطيت لنا إذ نجعلها كلمة عارية من الحقيقة؟ إذ صار كل واحد يفتش عن مصالحه في بلد مصيره مجهول، ولا نبقى نقول أن المهم كل واحد يفكر كيف يغيّر حياته نحو الأفضل ويعتمد على نفسه دون مساعدة مَن يحتاج إلى ذلك. فنحن كنيسة ومعبد لا طائفة، فالأولى باقية حتى انقضاء الزمن لأنها عمل الرب، والأخيرة زائلة لأنها من صنع البشر والسياسة والمصلحة.

 

خاتمة

 

لا يجوز أن يخنقنا الشوك وتمزّقنا المصالح فما نحن إلا معابد مشتّتة ومتعددة وإنْ يبان عكس ما نحن عليه، فلقد استوردوا لنا هذه التسمية الخائبة وأعطونا أسماء عجيبة غريبة وما أنزل الله بها من سلطان لم نكن نريدها أصلاً ولكن أرادوها لنا، فنحن كنا ولا زلنا مسلوبي الإرادة، لذا ما علينا إلا الطاعة. ولكن نحن اليوم أحرار في بلدنا ونسير نحو الحرية، فلنختار حريتنا وأهدافنا وغاياتنا من أجل خير شعبنا ووطننا. فكفانا من هذا التعنّت الطائفي وكفانا المتاجرة بمصائر الشعوب وإن كان لنا بعضاً من الذين يهلّلون ويرقصون من أجل مصالحنا، فلنا مسيرة واحدة في أرض الوطن الواحدة وفي حقيقة الحياة. نعم، نحن مواطنون لا طائفة، نحن للمسيح الحي، لكنيسة واحدة، كما يقول بولس الرسول "ربٌّ واحد، إيمانٌ واحد، معموذيةٌ واحدة"... أليس كذلك؟ وشكراً.