موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥

ليكونوا واحدًا

بقلم :
المطران كريكور كوسا - مصر
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

 

نتأمل اليوم في صلاة يسوع الكهنوتية (يوحنا ١٧: ١-٢٦)، التي رفعها للآب ساعة آلامه.

 

"يدعوها التقليد المسيحي، وبحق، صلاة يسوع "الكهنوتية". إنها صلاة مخلصنا وفادينا، وهي لا تنفصل عن ذبيحته على الصليب، وعن عبوره بعد الآمه ودفنه وقيامته في اليوم الثالث إلى الآب حيث يُكرَّسُ كلُّه للآب" (تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة رقم ٢٧٤٧).

 

إنّ يسوع يقدّم ذاته لأبيه كاهنا وذبيحة، ويصلّي من أجله ولتمجيده، طالبًا أولاً الطاعة الكاملة للآب: "فمجدني الآن عندك يا أبتِ بما كان لي من المجد عندك قبل أن يكون العالم" (يوحنا ١٧: ٥)، ثم يصلّي من أجل تلاميذه، هم الذين يقول يسوع عنهم للآب: "أظهرتُ اسمك للناس الذين وهبتهم لي من بين العالم. كانوا لك فوهبتهم لي وقد حفظوا كلمتك" (يوحنا ١٧: ٦)، وهم أنفسهم عليهم أن يواصلوا رسالة إعلان اسم الله للبشر.

 

في يسوع اقترب الله من البشرية بطريقة جديدة. وقد طلب يسوع من الله أن يكون تلاميذه مثله مكرسين لأنهم: "ليسوا من العالم، كما أني لست من العالم. كرِّسهم بالحق. إن كلمتك حق. كما أرسلتني إلى العالم فكذلك أنا أرسلتهم إلى العالم وأكرس نفسي من أجلهم ليكونوا هم أيضا مكرّسين بالحق" (يوحنا ١٧: ١٦-١٩). فأن يكون الإنسان مكرسًا يعني أن يعطي ذاته بكليتها لله ويكون مرسلا، لأنّ المكرس يعيش من أجل العالم والبشر وهو بتصرّف خدمة الجميع. إنّ يسوع يطلب خصوصًا الوحدة المستقبلية للذين سيؤمنون به إذ يقول: "بل أدعو أيضًا للذين يؤمنون بي.. فليكونوا بأجمعهم واحدًا: كما أنك فيّ، يا أبتِ وأنا فيك فليكونوا هم أيضا فينا ليؤمن العالم بأنك أرسلتني" (يوحنا ١٧: ٢١). هذه الوحدة تنبع من الوحدة الإلهيّة التي تأتينا من الآب بواسطة الابن وفي الروح القدس، واقع يسكن قلوب المؤمنين، والوحدة في يسوع مصدر فعالية رسالتهم في العالم.

 

تولد الكنيسة من صلاة يسوع الكهنوتيّة، وبفضل هذه الصلاة، ومن خلال اللقاءات الروحيّة، والندوات الكنسيّة التي تقوم بها الكنيسة مجتمعة خلال اسبوع الصلاة من أجل وحدتنا المسيحية، فإنها تسير في العالم نحو الوحدة، بدون أن تكون "من العالم". ففي الكنيسة يتابع المسيح رسالته لإيصال الإنسان إلى الكمال إلى الله .

 

تأملاتنا بصلاة يسوع الكهنوتيّة تقودنا في الحوار مع الرب، وتعلمنا أن نصلّي ونتحاور بالمحبة مع بعضنا. فلنطلب نحن أيضًا بصلاتنا من الله نعمة الوحدة بين جميع المؤمنين بالمسيح يسوع. لنتممّ مشيئة يسوع: "ليكونوا واحدًا كما انا وأنت واحد" (يوحنا ١٧: ٢٢).

 

هذا ما نطلبه بقوة وبرجاء من الرب يسوع في أثناء الصلاة عامةً، وفي أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين خاصة. فلنصل إذا و"لنكن أبدًا مستعدين لأن نرد على من يطلب منا دليلَ ما نحن عليه من الرجاء" (بطرس الاولى ٣: ١٥)، لأن "الرجاء لا يُخيب، ولأن محبة الله أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس" (رومة ٥ : ٥).

 

مع الأخت ماتيل الرياشي نرفع صلواتنا من اجل الوحدة بين المسيحيين:

 

"إملك على قلبي يا ربَ، واستولِ على نفسي وعلى هيكلي،

ولا تقطع من اعضاء جسدك عضوًا لا يرضيك، بل أصلح اعضاء جسدك بنعمة إبنك القدوس.

لا بصر ولا عيون تستطيع أن تنظر إلى نورك،

انت وحدك القادر أن تحييهم وتعيدهم الى ابنك وإلى جسدك المقدس،

إجمع اعضاء جسد ابنك ومخلَصي يسوع،

إجعلهم اعضاء في جسدٍ واحد، منتمين بالروح وأحياء،

أكثر عددهم في الأرض،

إجعلهم طريقاً للحياة، واجعل قلوبهم مجبولةً بنعمتك ...

 

صَلاة مِنْ أجْلِ وَحدَةِ المَسيحيّين :

 

أيُّها الرَّبُّ يَسوع،

يا مَنْ في لَيْلَةِ إقْبالِكَ عَلى المَوتِ مِنْ أجْلِنا،

صَلَّيْتَ لِكَيْ يَكونَ تَلاميذُكَ بِأجْمَعِهِم واحِدًا،

كَما أنَّ الآبَ فيكَ وَأنْتَ فِيهِ،

إجْعَلْنا أنْ نَشْعُرَ بِعَدَمِ أمانَتِنا وَنَتَألَّمَ لِانْقِسامِنا.

أعْطِنا صِدْقًا فَنَعْرِفَ حَقيقَتَنا،

وَشَجاعَةً فَنَطْرَحَ عَنَّا ما يَكْمُنُ فينا مِنْ لامُبالاةٍ وَرَيْبَة،

وَمِنْ عَداءٍ مُتَبَادَل.

وَامْنَحْنا يا رَبُّ أنْ نَجْتَمِعَ كُلُّنا فِيكَ،

فَتُصْعِدَ قُلوبُنا وَأفْواهُنا بِلا انْقِطاعٍ

صَلاتَك مِنْ أجْلِ وَحْدَةِ المَسيحيّين،

كَما تُريدُها أنْتَ وَبِالسُّبُلِ التي تُريد.

وَلْنَجِدْ فِيكَ أيُّها المَحَبَّةُ الكامِلَة،

الطَّريقَ الّذي يَقودُ إلى الوَحْدَة،

في الطَّاعَةِ لِمَحَبَّتِكَ وَحَقِّكَ. آمين.