موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لا يخلو عالمنا والنشرات الإخبارية المرئية والسمعية ومواقع التواصل الاجتماعي والجرائد في نشراتها اليومية نسمع الكثير هنا وهناك وحولنا عن فوضويات ومصائب بترجماتها المختلفة، كالفساد وجرائم بشعة، الإرهاب، حالات القتل والاغتصاب، السرقة، الظلم، القمع، ضحايا عنف البشري، ضحايا الأمراض، ضحايا الطبيعة، ضحايا الحروب، الطمع، عملية إجهاض، الطلاق، خصومات، نزاعات، صراعات، انشقاقات، تحزب، تجارة المخدرات، تجارة الأسلحة، إنفاق الأموال على الحروب، المتاجرة بالبشر، دعارة، وزواج المثليين مباح في بعض الدول العالم، صفحات ومواقع الإباحية، حروب، الفقر والجوع، أوبئة... وهذا هو الواقع المنتشر المأساوي للأسف، فإن هذه القائمة المملوءة بالشرور يمكن أن تستمر مع مرور الوقت فما زال هناك الكثير لا تنتهي ولا تحصى إذ قمنا بتعدادها ونراها في حالات تزايد.
يرصد بولس الرسول في رسالته إلى كنيسة رومة (1 :28-32) مأساة المجتمع البشري ويعطينا رسالة مبهرة وصادقة لكل الأزمنة وهذا هو واقع الجنس البشري، أليس هذه ما يفعله اغلب البشر؟
ما نراه اليوم هي لمحة بسيطة من مآسي التاريخ البشري التي شهدتها على مر العصور، وعالمنا يتخبط بهذه الشرور المتزايدة نسمعها في كل مكان أصبحت متداولة على مسامعنا كالحكايات والقصص وليس صعبا علينا اكتشافها فهي ظاهرة في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى ولا زال الإنسان يتبع نهجه إلى يومنا هذا.
عندما نتحدث عن الفساد في الطبيعة البشرية فإننا لا نعني بالضرورة أن كل الناس آثمون ومذنبون بكل الخطايا المعلنة هنا إننا نعني قابليتهم للقيام بكل هذه الأشياء موجودة في قلوبهم.
نعيش في عالم مشحون تراكمت فيه أنواع المشاهد الجرائم والشرور والمشاكل ولا يجوز لنا أن نلوم الله ونستغل الأزمة لتسوق أفكار خاطئة وتبدأ الاتهامات موجه ضده بسبب ما نراه في العالم من فوضى واضطراب مستعصيين لان الغلطة ترجع في أصولها وهو الإنسان نفسه وهذا ما يعلنه الكتاب المقدس بوضوح وعندما نلقي نظرة فاحصة عن قصة ادم وحواء ومخالفتهما لأمر الله وعصيان كلامه ومادا عن وصيته وسارا في طريقهما الذي رسماه لنفسيهما سنجد أنفسنا في القصة ذاتها وهذه الحقيقة المعلنة في سفر التكوين وقد يبدو من الصعب قبول لدى البعض ما يعلنه الكتاب المقدس بكل مصداقية بشأن سقوط البشرية في الخطيئة وعصيان طرق الله بسبب طرقه الملتوية وتماديه في خطيئته ومسيرته نحو الظلمة المرعبة وانحراف عن مساره الصحيح الذي رسمه الله له وعجزه عن استعادة الصورة التي رسمه الله للإنسان ولنتمكن من تقييم الأحداث التي من حولنا بعقلانية ورؤية وأن نتباطأ في حكمنا المتسرع على الله فيجب تحليل الأمور بمنطقية وتتبين على حقيقتها وقبل أن نقوم باستنتاجات وتصورات خاطئة ينبغي أن ندرك الإجابات على حقيقتها ومصداقيتها ومن غير الممكن أن نربط الله بالأمور السيئة التي تُظهر بوضوح فوجودها لا يثبت مؤشر على الله وإنما تقع المسؤولية على البشر ويجب أن يتحمل مسؤولية اختياراته ونتائجها ويدفع ثمن غلطته. لذلك، لا يمكننا أن نُحَمّل الله المسؤولية ونؤكد بوضوح من خلال هذه البراهين على أن الله ليس السبب بالأمور السيئة وتوجد الكثير من البراهين من أيامنا الحاضرة تأتي لتدعم تلك البراهين , وكلها مبنية على دلائل واضحة فيجب الاعتراف بهذا الواقع المرير والأسباب واضحة على ارض الواقع لا يمكن إنكارها والواقع خير دليل على ذلك وكذلك التاريخ.
- الله لا يصنع قنابل لكي يلقي بها على المدن. لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يسيء استخدام الأراضي الصالحة للزراعة، الأمر الذي يسفر عنه حصول مجاعات وانتشار ظاهرة سوء التغذية بين شرائح كبيرة من المجتمع. لكن هذا ما يفعله البشر.
- لله لا يبث أفكار شريرة، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يزرع المخدرات ويصنع الكحول، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يسيء معاملة الأولاد أو يستغلهم، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يصنع الفيروسات والأسلحة ويقتل بها العالم، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لم يخترع ملايين الطرق لاقتراف الخطيئة والمرض، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يسبب معاناة وماسي والظلم والفقر في العالم، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يسبب الهجمات الإرهابية التي تفتك بالأبرياء وتقتلهم، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يفعل الحروب التي تنهش البلدان مخلفة وراءها القبور والأرامل والأيتام والآلاف من الضحايا والمشردين، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يبعث أمراض التي تسبب الألم والمعاناة والموت، لكن هذا ما يفعله البشر.
- الله لا يفعل الظلم والاستبداد، لكن هذا ما يفعله البشر.
وممكن أن تضيف عزيزي القارئ أسباب أخرى في هذه القائمة ربما لم انتبه إليها ونسيت تدوينها. وكل هذه ربما يبادر في ذهنك الكثير من التساؤلات: لماذا يحدث كل هذا؟ ماذا أصاب العالم؟ لماذا الخراب يسود العالم؟ فتخيل معي هذه الكوارث ونستنتج من كل هذه إن البشر هو خالق الشرور...
الأمور السيئة التي نلاحظها في عالمنا بكل ترجماتها واختلافاتها سببه أما سوء اختياراتنا أو شر الآخرين ناتجة من أفعال وسلوكيات من صنع البشر سببها الفساد والانحطاط الأخلاقي والانحراف وراء شهوات الجسد وتماديه على فعلها والبشر من يخلقها أي بمعنى منبثقة منه وبسبب خطيته وعصيانه لله وابتعاده عن كلمته واتجه وراء رغباته وأمجاده وهذه النتائج تأتي عندما الإنسان يخرج الله من دائرة حياته ويتمرد عليه والمؤكد هناك أسباب أخرى الذي أنتجت الأحداث وهي نتيجة غلطته وثمرة اختياراته الخاطئة ومسلكه المعوج التي أوصلته إلى حصاد مدمر (فعل الشرور) إلى يومنا هذا وليست مصدرها الله كما يترجمها البعض وإنما مصدرها البشر لقد ترك الله الإنسان يحصد نتائج أفعاله الشريرة لعله يستفيق ويتوب عن شره ومن المفروض ألا نجد صعوبة في فهم وجودها وإذ أردنا تفكيك الخطيئة سنستخرج الكثير من فضائلها والتي تنحدر وتنبع من الكلمة ذاتها وكل مظهر من مظاهر الشر إنما هو نتيجة للخطيئة التي مازالت هي هي ربما تنوعت مظاهرها, لكن الخطيئة نفسها لا تتغير. والمأساة هي إذا اتجه الإنسان وتصرف بنفس المنهج سيلحق الضرر والمصائب والعواقب وتحل الكارثة دون سابق إنذار بعد كل هذه الأسباب والمأساة والمشاهد التي يشهدها عالمنا اليوم نتساءل: إلى أين سيصل هذا العالم بعد؟ والى أين يتجه؟