موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ذهب العالم إلى حد لا يمكننا حتى تخيل العيش بدون وسائل التواصل الاجتماعي، في عالم تكون فيه هواتفنا هي أول وآخر شيء نراه كل صباح ومساء. فالموبايل- الهاتف اصبح امتدادا لقواعد اللباس ومغادرة المنزل. فهذا الشيء ذو الدلالة السيميائية القوية اصبح خزانًا لعلاقاتنا او يومياتنا الشخصية ومذكرات سفرنا، ويشكل مساحة مميزة للمعرض الخاص بصورنا وذكرياتنا واوقاتنا. فهو يمثل "الذات" في جميع اللحظات، في المواقف والأفعال والتعبيرات التي يشارك فيها. فهو الان هوية شخصية كاملة متكاملة، فلا عجب أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤثر على علاقاتنا. ونتساءل كيف؟
تتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بفوائدها. فمثلا نستطيع البقاء على اتصال مع من نحب، أو التواصل عبر الشبكات، أو التعرف على أصدقاء جدد - فإن حياتنا على الإنترنت يمكن أن تؤثرعلى واقعنا و محيطنا بشكل كبير. ويمكن أن يصبح الأمر مقلقًا عندما يبدأ وقت أحد الاصدقاء او الشركاء على الإنترنت في تغيير ديناميكية العلاقة، ولا يمكننا نكران إن اندماجها في روتين الجسد هو حقيقة واضحة، وإن مادية الموضوع بليغة تتجاوز تمثيلها الاجتماعي.
يمكن للروابط الرومانسية أن تبدأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يمكن أيضًا أن تتلف بسببها سواء كان الأمر يتعلق بـ"الإعجاب" في صورة أو أن شخصًا ما يتحدث إلى أشخاص آخرين، فمن السهل أن تشعر بالغيرة من تجارب شركائنا عبر الإنترنت. ولكن ماذا يحدث عندما لا تكون المشكلة بسبب من نتحدث إليه، ولكن بسبب حقيقة أننا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق؟
إذا شعرت يومًا أنك تتنافس مع هاتف شريكك لجذب انتباهه، فأنت لست وحدك. ويمكن للوقت الذي نخصصه لشاشاتنا أن يغير طريقة تعاملنا مع شركائنا في الحياة الواقعية. ففي بداية العلاقة، نعتني بالشخص الآخرلأننا نريد التعرف عليه، واحيانا قد لا نكون من نحن بل نود أن نكون في عيون الآخرين من يريدون منا ان نكون عليه، كما تقول نستمع إلى ما يحبه وما يكره، والتاريخ، وديناميات الأسرة، والأحلام، والمخاوف.
نقضي ساعات في الحديث لاكتشاف بعضنا البعض ,وهذه ليست حقيقة صغيرة جدًا ولا حتى قصة طويلة جدًا، فبناء العلاقة له حداثة ومفاجآت وخلال هذا الوقت، من المهم أن تكون الهواتف المحمولة بعيدة عن الأنظار أثناء المحادثة لضمان التركيز التام على [كل] الآخر.
في ظل هذا، اسمح لي واسمحي لي أن أسدي لكما النصائح التالية:
أولاً: لا ترد على منشور أو تعليق بدافع الانفعالات. خذ وقتًا لمعالجة ما قرأته أو شاهدته، وامنح نفسك وقتًا للتفكير في أفكارك قبل التعليق بدافع الغضب أو الإحباط. وتذكر أن لكل شخص الحق في آرائه وانفعالاته وتصرفاته وتعبيره عما يشعر به.
اما ثانيًا: فابق على اتصال حقيقي مع من يهمك، وكما نقول لا تتمنى لعائلتك عيد ميلاد سعيد برساله فقط، بل ارفع سماعة الهاتف أو قم برحلة لرؤيتهم، بدلاً من إرسال الدعوات فستكون ردة الفعل المتوقعة "شكرًا لك على البطاقات وبطاقات العطلات عبر الإنترنت". أرسل لأحبائك شيئًا يمكنهم الاحتفاظ به إلى الأبد وتذكر ان تحب ما تقدم اولا، ولا تشعر بانك منفصل عن العالم الخارجي لمجرد انك انقطعت عن الهاتف.
اما الثالثة، فقد تكمن عندما تنظر إلى صور الأشخاص، وتتمنى أن يكون لديك أسلوب حياتهم. وعندما تنظر إلى كل هذه الصور التي تبدو "إيجابية"، قد تشعر بعدم الرضا عن حياتك ويمكنك أيضًا أن تشعر بالغيرة من الآخرين، وما تبدو عليه حياتهم. وهذا قد يسبب التعاسة في علاقاتك, ولكن تذكر بان وسائل التواصل الاجتماعي لا تصور الواقع دائما، بل مجرد ما يريد الناس أن تراه.
وكخاتمة لكل هذا اكتشف توازنك الصحي بين جانبي الشاشة، عندما يمتزج المرح عبر الإنترنت بسلاسة مع علاقاتك في الحياة الواقعية، ستكتشف أن التجارب الجديدة الرائعة يمكن أن تأتي من الاستمتاع بها معًا، فلا يزال هناك انفصال بين ما يعتقد الناس أنه صحيح وما يرغب الناس في مشاركته. اصنع اتزانك بنفسك ولا تجعل قراراتك محطة توقف، بل اجعلها معبرا للاخرين، ليغير حياة من حولك. فلا تضحك او تذهب لاحد الاماكن لتغيض احدا فقط. ولا تجعل ابتساماتك محطات عابرة، بل اجعلها في اوقاتك قانونا لحياة اجمل لنفسك ولقناعاتك اولا.