موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٣

عيد العائلة المقدسة

بقلم :
وسام مساعده

أول أحد في السنة الليتورجية تضع الكنيسة أمام أعيننا أيقونة العائلة المقدسة. عائلة بيت لحم، عائلة مصر، عائلة الناصرة. هذه هي مثال كل عائلة، هذه الصورة الحقيقية التي يريدها الله تعالى في كل عائلة. أعلن قداسة البابا فرنسيس أن هذه السنة ستكون مخصصة للعائلة كما كان حال السنة الماضية التي كرسها للإيمان. أرسل قداس البابا على تويتر التغريدة التالية: إن امنا مريم هي كلية الجمال لإنها ممتلئة نعمة. وبنفس روح هذه الكلمات الكنيسة تبحث اليوم عن عائلات كلية الجمال عندما تكون هذه العائلات ممتلئة من الله أي ممتلئة نعمة. أريد أن نتوقف أمام عائلة الناصرة نتأمل بها ونلقي نظرة على واقع عائلاتنا اليوم وما الصورة وما هو الواقع. ما يلفت أنتابهي في إنجيل اليوم: + احترام الله ليوسف: مريم العذراء هي كلية القداسة، لكونها بريئة من دنس الخطيئة الأصلية، أي أنها أكثر قداسة من يوسف. ولكن هذا لا يعني أن مريم ستأخذ مكان يوسف. فيوسف هو رب البيت. ويوسف هو حامي هذه العائلة. الله يرسل ملائكته ليتواصلوا مع صاحب البيت. الرأس هو الرأس. والعين هي العين. لا تستطيع العين أن تحل مكان الرأس ولا أن تقوم بما يقوم به هذا الأخير. + طواعية يوسف: نعم يوسف ليس بريء من دنس الخطيئة الأصلية، لكن نلمس طاعة يوسف الواثقة بكلمة الرب له، ليس فقط طاعة واثقة بل فاعلة وسريعة. قمُ...فقام (الى مصر... الى بيت لحم). + قارئ جيد للواقع: عندما عاد يوسف مع العائلة من مصر ودخل إسرائيل سمع أن ابن هيرودوس صار حاكماً على اليهودية، خلفاً لأبيه. يوسف يعلم أنّ هذا الطفل هدف يراد قتله من قبل العائلة المالكة. لم يدخل اليهودية، واوحي له بالحلم الى أين يذهب؟ الى الجليل الى مدينة الناصرة. لنلقي نظرة اليوم على الواقع من خلال النقاط الثلاث التي ذكرناها اليوم: - احترام الأدوار في البيت: هل استطاع عالم اليوم أن يقلب سلم العائلة؟ هل الأباء اليوم هم أباء بالفعل؟ هل الأمهات هم امهات بالفعل؟ هل الأبناء هم أبناء؟ + من هو الأب: هو رأس البيت. هو المسؤول الأول عن هذه العائلة. حضوره أساسي. هو مرجعية البيت. هو من يصنع القرار. الكل ينظر إليه (زوجته وأبناؤه). الرأس هو اهم عضو في جسد الإنسان إذ يحوي على مصنع التفكير. كم من أب لا قيمة له في البيت. كم من أب لا يتحمل أي مسؤولية إن كانت تربوية أو أخلاقية أو دينية أو مالية. كم من أباء هم غائبين عن بيوتهم لا يعملون شيء عنهم؟ كم من اباء هم عبارة عن بطاقة صراف ألي، يعطون المال، يحاولون أن يشتروا المحبة والأهتمام والرعاية والقيم والأخلاق والدين، لكنهم هم من يعطون كأس سم بدلاً من كأس ماء، يعطون الموت بدلاً ما يعطون الحياة. + من هي الأم: الأم هي عامود البيت. قرأت من يومين ما يلي: أن أماً كانت جالسة مع زوجها أمام التلفاز ليلاً قالت له أنه تريد أن تذهب الى النوم: فقامت وذهبت الى المطبخ، ورتبت الصحون والكاسات من الجلاية، وحضرت فطور الاولاد، ورتبت باقي الغسيل، ولمت كيس النفايات، وبعد ساعة من العمل خلدت الى النوم. الأم هي عين البيت الداخلية. الأم هي نبع المحبة والحنان في البيت. الأم هي ماسترو البيت. الأم له قوة تأثير على العائلة. لكن اليوم: فقدت الكلمات معانيها، فقد الأشخاص حقيقتهم وهويتهم. كم من الأمهات هن أمهات؟ كم من أم تربي؟ كم من أم حاضرة في البيت؟ كم من أم تعتني في زوجها وأولادها؟ كم من أم تغذي أبناءها المحبة وتسقيهم من تعاليم السيد المسيح؟ كم من ام تصلي؟ كم من أم تجذب أبنائها الى الكنيسة؟ كم من ام مثال حي داخل البيت في فكرها، في أقوالها في عملها؟ كم من أمهات أخذوا دور الأب والعكس صحيح؟ لكن كونوا على يقين لن يستيطع أي منهم أن يجيد الدور كما يجب. فالطبيعة تفرض ذاتها. + الأبناء: يحفظون أربعة افعال ويعرفون الإجابة عليها عن ظهر قلب: درست منيح، نعم. أكلت منيح، نعم، شربت منيح، نعم. نمت منيح، نعم. الأبناء هم النتيجة! حياة العائلة تظهر في الأبناء! - الطواعية لصوت الله في قلب العائلة: صار العالم لا يصغي لصوت الله لإن العائلة صارت فقيرة من الله. فصوت الموسيقى والأغاني أعلى من صوت الله. صوت وضجيج حياة العالم صار أعلى من صوت الله. صراخ الحياة ومتطلباتها صار مسموع أكثر من صوت الله. غاب الله فغابت النعمة وغاب الجمال عن وجه عائلاتنا. - هل نعرف أن نقرأ الواقع أم نحن شعب يأكل وينام: يوسف ادرك ما هي قيمة هذا الطفل؟ ويدرك جيداً الخطر الذي يهدده! أيها الأباء والأمهات هل تدركون قيمة أولادكم. وهل تدركون ما يدور حولكم. ابنك وابنتك يخرج من البيت منذ الساعة السابعة صباحاً ويعود إليك الساعة 3 ظهراً. وإن كان في الجامعة الأمر كذلك ولكنه على أصعب. هل لديك القدرة أن تربي أبناءك أي أن تضعهم على الطريق الصحيح. سؤال ما هو مدى تأثيرك على أبنائك؟ هل الشارع أم المدرسة أم الأصدقاء أم الجامعة صاحبة التأثير الأقوى؟ هل جسور الثقة بينك وبين أبنائك ضعيفة؟ حضور الله في وسط العائلة هو ضمان حياة العائلة. وغياب الله عن العائلة هو موتها. في صباح أحد الايام الباردة أطلت أحدى السيّدات من نافذة البيت ففوجئت بثلاثة شيوخ كبار السن يجلسون على عتبة دارها في هذا الطقس الشديد البرودة فأشفقت عليهم وأرادت دعوتهم لدارها. فخرجت اليهم و طلبت منهم ان يدخلوا معها الى منزلها الدافئ. فنظروا لها و قال لها أحدهم: "اختاري أحدنا حتى يدخل الى منزلك". فقالت لهم: "ولماذا أختار أحدكم؟ أنا اريد دعوتكم أنتم الثلاثة". فقال لها: "أختاري أحدنا فقط". فنظرت لهم بحيرة. فقال الرجل: "لا تحتاري. أنا أسمي النجاح، وصديقي هذا أسمه الغنى، وثالثنا هو الحب. فاختاري واحد منا فقط ليدخل منزلك". فأحسّت المرأة بالحيرة و قرّرت أستشارة عائلتها, فدخلت المنزل وحكت لزوجها ما حدث، فقال لها: "اختاري الغنى فنحن كما ترين نعاني الفقر فربما تتحسن حالتنا". ولكن الأبن قال لها: "يا أمي أختاري النجاح حتى يدخل بيتنا فأكون دائماً من الناجحين". نظرت السيّدة الى ابنتها فقالت لها: "يا أمّاه ما أجمل ان يكون الحب هو ضيفنا فيملأ بيتنا من الحب فتنتهي كل المشاكل والصعاب". فكّرت السيّدة قليلاً ثم خرجت للرجال الثلاثة و قالت لهم: "لقد قررنا أن يكون الحب هو ضيفنا". ولدهشة السيّدة وجدت الرجال الثلاثة يهمّون بدخول المنزل, فتعجبت جداً فقالوا لها : "لا تتعجبي يا سيدتي فلو اخترت الغنى أو النجاح لدخل وحده الى منزلك ولكنك أخترت الحب الذي اذا دخل الى بيت جلب معه الغنى و النجاح.