موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ سبتمبر / أيلول ٢٠١٤

رحمة الله ومحبة الله

بقلم :
وسام مساعده

أريد الان أن أدعوكم، أن نتخيل أننا في إحد المولات وتتوقف في احدى الزوايا، وتتأمل الوجوه التي تمر أمامك. وجوه بيضاء، وجوه سمراء، وجوه شقراء. وجوه مدوره، وجوه مستطيله وجوه مربعة الشكل. وجوه تشع فرح، وجوه تشع غضب. وجوه تشع ابتسامه وراحة. وجوه تشع قلق وخوف واضطراب، وجوه تشع هدوء وسلام. وجوه كئيبة. وجوه محبطة. وجوه لا تعني شيء. وهناك وجوه مليئة بالحياة تعطيك الأمل والتفاؤل والقوة. وجه طفل يبتسم. ما أصعب ذلك الوجه الذي يحمل بعينه دمعتين صامتتين. أو أن هناك وجوه مختبئة خلف أقنعه، يلبسون قناع المحبة وبعيونهم كره وحقد. يلبسون قناع الفرح وقلوبهم حزينه. يلبسون قناع الإنطلاق والقوة والإنتصار وهم مقيدين بتجارب شيطانية عشعشت في قلوبهم. لا أدري. كل إنسان فينا لديه عالم الخاص. وكل إنسان لديه أفكاره. كل إنسان فينا لديه طبعه الخاص به. ونعيش بحالة من عدم الثبات، متقلبين. لكن من بين الوجوه الموجوده في العالم. هو وجه مليء بالفرح والسلام والحب والعطاء والرحمة والأمل والرجاء. لا يتغير. هو الله. بصراحة لا اعرف لماذا بدأت هذه العظه بهذه الفكرة. لنتوقف عند القراءة الأولى والإنجيل المقدس. لنبحر بعمق بسر هذه الكلمة وسر حياتنا. افكار الله ليست كأفكارنا. كما علت السموات عن الأرض فكذلك طرق الرب عن طرقنا نحن البشر. من المواضيع الصعبه جداً. ومن المواضيع التي نمر فيها وفي لحظتها لا نجد أي تفسير. ومن الأمور التي تتطلب تسليم حقيقي لمشيئة الله. من المواضيع التي تتطلب مني إيمان وثقة بأن الله يختار لي الأفضل. حتى افهم هذه القضيه بعلاقتي مع الله علي أن أدرك ما يلي: 1. أن الله هو الله، أي أنه أعظم مني، وأقدر مني، ورؤيته أوسع مني. لا استطيع أن أحصر الله بتفكيري. وأقول ان الله صار في جيبي. الله عندي. الله بضمانتي. الله لا يمكن أن يكون داخل دائرتي انا. علي انا أكون في دائرة الله. 2. الله كل ما يعمله أو يسمح أن يحدث لي، هو لخيري هو لخلاصي. لإن الله يحبني بمحبة عظيمة. لإن الله يريد خلاصي. 3. تذكروا هذه الأية، إن كل شيء يعمل لخير الذين يحبون الله. بخطر في بالي الأن التطبيق جوجل ماب، بساعدنا انه نوصل لمكان وبيرسم الطريق أمامنا وبيحكي معنا. بعد مرات ما بتمسع منيح، بعد مرات ما بتفهم شو بعني، بعد مرات أن بتاخد قرار عكس اللي بقولك إياه. وبيرجع بيرسم ألك طريق جديدة حتى تصل للمكان اللي بدك إياه. وفي نهاية الأمر اذا سمعت ومشيت حسب شو بقولك رح توصل أكيد. المهم أن نصغي الى صوت الله. المهم أن نعمل بكلمة الله. المهم أن نؤمن بأنه فقط مع الله لنا حياة وأمان وسلام. الإنجيل: أريد أن أتوقف معكم عند بعض الأفكار التالية: - رب البيت الذي يخرج أربع مرات من بيته باحثاً عن عمال بطالين: رب البيت هو الله، الله يبحث عنك. يريدك أن تكون في منزله، في ممكلته، هو يدعوك اليوم أن تعمل في حقله، في بناء ملكوته على الأرض. عملية البحث مستمره. كل يوم يبحث عنك. البطالة هي المساحة الحرة التي يعمل بها إبليس في حياتك. أن تكون بطال. أي أن تكون بلا فائدة. أي ان تكون تحت حكم ونير إبليس. أن تكون بطال أي أن تكون فريسة سهلة لإبليس. انا في حياتي اليوم، أين نوع من العمال. هناك ثلاثة أنواع من العمال: - العامل الباطل الذي ينتظر والله يدعوه لكن لا يعرف صوت الله وإن عرفه لا يصغي له. - العامل في بناء مملكة العالم. يفضل حياة العالم على الحياة مع يسوع الحياة. يركض ويركض ويركض لكن للأسف سيكتشف أنه في نهاية المطاف لم يحقق شيء. إن سعادة هذا العالم ما هي إلا سراب ووهم سرعان ما ستختفي. - العامل في ملكوت الله، هو من يجده الله ويجد ذاته في الله. هو من يقبل أن يكون عاملاً في مملكة الله. سيعطيه الرب أجره. حياته. سلامه. محبته. رحمته. فرحه الحقيقي. كم من علماني يعمل في حقل الرب بدون مقابل، لكن يجد أن مال هذا العالم لا يعادل نعم الله الغزيرة التي لا تشترى ولا تباع بأوراق هذا العالم. أي عامل أنا؟ إنجيل اليوم دعوة لك. ولكِ. ولي. أن أفحص حياتي. لأبحث عن رسالتي. هل أنا على السكة الصحيحة أم الطريق الخاطئ، أما أنا إنسان متفرج. - بالمثل الذي سمعناه هل الله عادل أم أن يدّعي العدل فهو ظالم؟ للوهلة الأولى يمكن أن ننصدم من موقف رب البيت. إن الذي عمل 12 ساعة حصل على نفس الأجر الذي عمل 3 ساعات على سبيل المثال. يمكن أن نتهم الله بأنه غير عادل عندما نقيس الأمور بحسب المعايير البشرية. إذا أنتبهتم جيداً، رب البيت يتفق مع العملة من الفترة الأولى، الذي يعرفون مقدار هذا الأجر. أم العملة الباقين قال لهم سأعطيكم ما كان عادلاً. أعطاهم ديناراً واحداً. - عندما نسمع هكذا مثل في عالم اليوم، وإذا حدث معنا. تثور فينا مشاعر الغضب والحسد والتذمر والغيرة والظلم. - رب البيت اتفق معك، ولم يخلف وعده. اتفق معك على أن تعمل طول النهار لتنال الدينار. وأنت وافقت. - الله حر بماله. كرم الله. محبة الله. رحمة الله. عطاء الله. لا يمكن أن تضعه بموازيننا البشرية. الغريب في الموضوع أن أولئك الأولون الذين يعملون في منزل رب البيت، تحولت نظرتهم الى مادية. لقد اكتشف رب البيت أن عيونهم وقلوبهم لم تكن مكرسة للعمل في ملكوت الله بقدر ما كانت عيونهم وعقولهم دنيوية. السر هو باكتشاف من هو رب البيت. رحمة الله ومحبة الله يمكن أن تلمس قلوب بلحظة وتحولها وتبدلها وتخلقها من جديد، لكن هناك قلوب تحجرت لم تعد ترى نعم الله في حياتها، لإنها نعم هي في بيت الله لكن قلبها وأمنياتها هي خارج حدود بيت الله. كم من شخص نال الخلاص في أخر لحظة لص اليمين، حصل على الدينار، على الحياة. وهناك أشخاص يهوذا باعوا يسوع من أجل دنانير. هيا نسمع قلبك عندما عملت كممرضة في قسم الأطفال، وقبلما كنت أصغي لصدور الصغار، كنت أضع السماعة في آذانهم وأدعوهم كي يسمعوا نبضات قلوبهم. فكانت عيونهم دائما ما تبرق بالرهبة. لكنني لم أتلق أية استجابة من ديفيد البالغ من العمر أربع سنوات. فوضعت السماعة في أذنه برفق، ووضعت القرص فوق قلبه. وقلت له: "اصغ، ماذا تعتقد أن يكون هذا الصوت؟". فقطب حاجبيه معا في ارتباك ونظر لأعلي كما لو تائها في غموض عمق النبض الغريب المتزايد في صدره. ثم تحول وجهه إلي ابتسامة عريضة وقال لي: "هل يسوع هذا الذي يقرع؟" فابتسمت. في مكان ما، ربما في مدارس الأحد، قيل لديفيد بوضوح عن تلك الصورة القديمة الجميلة عن يسوع وهو واقف علي باب قلوبنا و يقرع. صغيري الحبيب ديفيد، لقد كنت محقا تماما، ففي داخل قلبك وداخل كل قلب، هناك صوت يسوع الخافت المتواصل يقرع، لأن يسوع يأتي لكل منا في كل يوم جديد، ساعيا أن يتشارك معنا لحظاته. وربما يكون من هم في مستوي إيمان وروعة ديفيد هم فقط الذين يسمعون صوته وسط صخب عالم مشغول ويفتحون الباب.