موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٢

عيد الجسد

بقلم :
ماجد ابراهيم بطرس ككي - أميركا
إن المناولة تُجدِّد وتُقوِّي وتُعمّق هذا الإندماج مع المسيح الذي بدأ بالمعمودية.

إن المناولة تُجدِّد وتُقوِّي وتُعمّق هذا الإندماج مع المسيح الذي بدأ بالمعمودية.

 

كل عام والجميع في أربع اقطار المسكونة بكل خير.

 

عيد جسد الرب ودمه الأقدسين من أهم الأعياد في السنة الليتورجية. يقع هذا العيد يوم الخميس الذي يلي أحد الثالوث الأقدس. وفي كنيسة القيامة، يحتفل به في هذا الخميس نفسه.

 

في العشاء الأخير، قبل آلامه، وضع يسوع سر الإفخارستيا، كي تبقى ذبيحة الصليب حاضرة وفاعلة على مرّ الأجيال. هذا السر هو سر التقوى وعلامة الوحدة وغذاء لنا. إن المسيح حاضرٌ بيننا دائماً في الإفخارستيا، لأن الخبز هو جسد المسيح ربنا والخمر هو دمه. ان تناول جسد ودم المسيح له المجد يعني الاتحاد به : "من يأكلْ جسدي ويشرب دمي يثبتْ فيَّ وأنا فيه" (يو 6: 56). إن المناولة تُجدِّد وتُقوِّي وتُعمّق هذا الإندماج مع المسيح الذي بدأ بالمعمودية.

 

إن هذا العيد العظيم حديث العهد نسبيّاً، وتعود أصوله الأولى إلى الكنيسة الغربيّة (اللاتينيّة). وإنطلقت الدعوة الأولى لإدخال هذا العيد الجديد في حلقة الأعياد الكنسيّة، على لسان راهبة بلجيكيّة قديسة تُدعى يولياني. ففي سنة 1208، ظهر لها في الرؤيا كوكب مُستدير ساطع كالبدر في كل أجزائه، ما خلا جزءاً صغيراً بقي قاتماً. وأوحيَ إليها أن الكوكب المُستدير يُشير إلى حلقة الأعياد السنويّة، وأن الجزء القاتم يُمثل نقصاً فيها لا بدّ من تداركه، وهذا النقص هو كون القربان الأقدس يُحتفل بذكرى رسمه يوم "الخميس العظيم المُقدّس" مع باقي التذكارات العديدة التي يزخر بها ذاك اليوم، ولا يُحتفل بتكريمه في عيد مُخصّص له...

 

بعدها بسنوات، وتحديداً في العام 1263، حصلت أعجوبة "قربانيّة" على عهد البابا أوربانوس الرابع، في قرية بولسينا (إيطاليا)... ففيما كان الكاهن يُكمِل خدمة القداس أمام الشعب في كنيسة "القديسة خريستينا"، ساورته الشكوك بعد تلاوته "كلام التقديس" (الكلام الجوهريّ) في حقيقة جسد الربّ تحت شكلَي الخبز والخمر. وحين قسم القربان الأقدس إلى جزئَين، جرى منه دم حيّ وصبغ أقمشة المذبح كلّها... فلأجل هذه الأعجوبة العظيمة، أمر البابا أوربانوس الرابع سنة 1264 بإقامة عيد سنويّ تكريميّ للقربان الأقدس، سُمّيَ بعيد "جسد الربّ" وثُبِّتَ في يوم الخميس الثاني بعد "العنصرة"... وما لبثت الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة أن أدخلته تباعاً في روزنامتها الطقسيّة، بحكم علاقة الشراكة مع كرسيّ روما.

 

عيد الجسد

 

كلمتان من ثمانية حروف تعني لنا المسيحيين الكثير الكثير وذلك لاننا والكنيسة في العالم أجمع نحتفل بهذا اليوم بتجسّد ربنا ومخلّصنا وفادينا يسوع المسيح له المجد في القربان المقدس ودمه الكريم في الخمر فلنتاول هذا الجسد المبارك ونشرب دمه الكريم لنحيا ونملك معه الحياة الابدية ولنتأمل اخوتي الاعزاء في ادناه بكل حرف من هذه الحروف الثمانية والايات من الكتاب المرافقة لها:

 

العين: عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 1: 27)

الياء: يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 8)

الدال: دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" ( إنجيل لوقا 18: 16)

الالف: أسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ" (إنجيل متى 7: 7)

اللام: لا تحضر امام الرب فارغا" (سفر يشوع بن سيراخ 35: 6)

الجيم: جَسدي مأكلُ حقاً ودمي مَشرَّبُ حقاً (يو 6: 23)

السين: سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 3: 21)

الدال: دَعَوْتُكَ يَا رَبُّ كُلَّ يَوْمٍ. بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ" (سفر المزامير 88: 9)

 

اذًا اخوتي الاعزاء لنعيش كما يحق لإِنْجِيلِ المسيح له المجد كما يذكرنا بذلك بولس الرسول , لان يسوع المسيح له المجد هو هو بالامس واليوم وفي الغد والى ابد الدهور كما ذكر لنا ذلك بولس الرسول . ولنتأمل في قول الرب المسيح له المجد دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ كما ورد في انجيل لوقا. لان الاطفال يمثلوا الصفاء والنقاء ونتذكر كلنا كيف كان يتم نثر الورود من قبل الاطفال المرتدين ثياباً بيضاءً نقيّة في الكنيسة أثناء الاحتفال بهذا العيد المجيد .فلنسأل ونطلب ولنقرع من خلال صلوتنا وتضرعاتنا خلال الاحتفال بهذا اليوم السعيد وكل ايام حياتنا لانه سنعطى ونجد ويفتح لنا السبيل للوصول الى الحياة الابدية كما ذكرنا بذلك متى الرسول في انجيله. ولنفعل كل ذلك بأيمان صادق وقلب نقيّ لكي ما نحضر امام الرب حاملين اعمالنا هذه كلها كما ذكر ذلك يشوع بن سيراخ في سفره فننال ونملك معه الحياة الابدية فلنحضر انفسنا وقلوبنا ولنجعلها صافية نقيّة لنتاول جسده المحيّ ودمه الغافر اللذان هما حقاً مأكل ومشرب كما ذكر ذلك يوحنا الرسول في انجيله , فيسكن مخلّصنا وفادينا المسيح له المجد معنا وفينا الان وكل الدهور . وقتها كما قال بولس الرسول سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ فنستحق ان ننال ونحضى بالمجد مع رب المجد. اذًا اخوتي الاعزاء لندعو الرب مع داود النبي كما جاء في مزموره كل يوم ولنبسط اليه أيادينا متضرعين ومصلين كل اوان وحين لننال الحياة التي وعدنا بها من خلال رسالة ابنه الوحيد ربنا والهنا ومخلّصنا وفادينا يسوع المسيح له المجد.