موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الدعوة عامة. غدا الجمعة، جمعُنا المبارك على ضفاف الأردن، في المغطس. بعد عشر سنوات من إعلان إدراج موقع عماد السيد المسيح شرقي النهر المقدس على لائحة التراث العالمي، غدا يتم تكريس الهيكل وتدشين الكنيسة، أكبر كنيسة تحمل اسم «كنيسة معمودية المسيح» في العالم كما قرأت على «موقع أبونا»، في افتتاحية بقلم الأب -الأخ الصديق- الدكتور رفعت بدر.
لم يخرج علينا محترفو الإحصائيات والاستطلاعات و»الترندات» بتعداد للكنائس القديمة والحديثة في الأردن وتاريخها الحافل بما هو أكبر من العيش المشترك الذي يصبو إليه الكثير من حولنا في الشرق الأوسط والعالم، لكنهم مدعوون إلى النظر مليا في دلالات المكان والزمان، لكنيستنا الجديدة الغالية اسما ورمزا.
لكن قبل ذلك، قبل الخوض في الصحافة والسياسة، لا بد من وقفة إكبار للمبادرة الفردية. كيف حوّلت أسرة أردنية مكلومة -إخوتنا آل المعشّر الكرام- التي فقدت ابنها الحبيب أيمن، نجل نديم ورانيا المعشر الأكبر في حادث سير، حوّلت بمعجزة إيمانية خالدة الحزن إلى فرح، وألم الفقد إلى محبة وخدمة وشركة لما بعد الأربعين والذكرى السنوية.
تكاد لا تخلو حكاية أردنية من نسج الخاص بالعام أوشاجا تشد من رباط العروة الإيمانية الوطنية الوثقى. كثير من الكنائس المقامة في أردن القداسة والرسالة هبات ملكية هاشمية، أرضا ومعمارا وتجهيزا وخدمة ورعاية. جميعها كما في كنائس العالم، يتسابق في إقامتها وتشييدها وإدامة خدماتها المؤمنون بأن محبة الأخ والقريب والجار– بحسب تعاليم السيد المسيح، تتجاوز العُشور (تقديم 10% من دخل المؤمن للكنيسة، ليس أي عُشر بل أفضله وأوله، قبل أي شيء آخر، حتى ما يلزم الدار وأهله). من تجارب شخصية، عرفت من كهنة وقساوسة في منزلة الإخوة ومقام المعلمين، حجم العطاء الفيّاض الذي قدمه مسيحيون أردنيون ليس فقط لإقامة بيوت يذكر فيها اسم الله، ولكن لبرامج مفتوحة الذراعين والخافقين تعمل على خدمة الناس كافة، وليس رعايا الكنيسة أو جيرانها فقط، كتلك الخاصة بالخدمات الاجتماعية التي تعزز قيم الخير والسلام. من بين تلك الكنائس ما استضاف إخوة لنا من ضحايا «الربيع العربي» المزعوم في مشرقنا المكلوم المأزوم.
هنيئا لمن بادر وساهم في صنع هذا النجاح المبارك في زمن أحوج ما تكون فيه المنطقة والعالم إلى ما يذكّرنا جميعا بأن الدنيا بخير وبأن مركزه ها هُنا، في هذه الأراضي المقدسة والديار المباركة.
الحضور النوعي والجماهيري الأردني صباح غد الجمعة العاشر من يناير في حفل الافتتاح مهم للغاية، مسيحيين ومسلمين ليرانا العالم في أبهى حللنا. الصورة والكلمة مهمة، لأنها مادة محتوى روحي وحضاري يليق بالأردن المفدى، ستذكره الأجيال المقبلة بعرفان. وهذا أوان العمل لكل من أوفى الوعدَ والعهدَ صان، في وقت عز فيه البرّ بالإيمان والإنسان والأوطان.
(الدستور الأردنية)