موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨

تبّاً!

بقلم :
رلى السماعين - الأردن

وجدتُ نفسي أكررها مراراً وتكراراً كلمة "تباً" الفترة الماضية وليست لي عادة أن أتفوه بكلمة نابية تخرج من فمي لكن الفترة الأخيرة مشاعري كانت، مثل غالبيتنا، خليط بين القهر والغضب والحزن الكبير من الظروف السائدة في أردننا الحبيب جعلت أول ما يخرج مني ومن الكثير غيري ألفاظ غالبها سلبية. فماذا حدث لنا؟ لقد تغيرنا، وأحداث عجيبة متكررة هي السبب. أسرد بعضها. ملكُ يجوب معظم بلدان العالم المتقدمة يتكلم عن أهمية الأردن من الناحية الإستثمارية وعن وضع الأردن المستقر في منطقة الفوضى هي السمة الأقل حدية فيها. يستجيب مستثمرون أجانب ويهرعون إلى الأردن بعروض ومشاريع كبيرة وصغيرة كلها مفيدة تعطي أملا بالقضاء على البطالة أو التخفيف منها. لكن الصدمة تأتي من البيروقراطية والقوانين التي لا تشجع على الإستثمار ومن وجود الفاسدين الذين يرون في الإستثمارات فرصة لإحراز مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة. وتشتبك مجموعة مدربة من شبابنا مِن مَن أحب أن أطلق عليهم أسود الوطن من الجهاز العسكري، يشتبكون مع مجموعة من الخوارج داخل حدودنا. هم خوارج لكنهم خرجوا من بيننا ومن بيوتنا وانقلبوا علينا. والنتيجة يستشهد عدد من أبطالنا ويروون الأرض بدمهم الطاهر وتفتح أبواب السماء إستقبالاً لأرواحهم. وتحدث مطاردات متكررة من قبل جهاز مكافحة المخدرات لمروجين ومهربين، وفي الاثناء يسقط شهيد أو إثنان أو يجرح آخرون في كل ملاحقة، والفاسدون لا يتوقفون عن زراعة وانتاج واستيراد وتصدير المخدرات بأنواعها. وتتوالى الأحداث من فوضى على مواقع التواصل الاجتماعي هدفها الزعزعة الداخلية ونشر مكثف لخطابات الكراهية وإغتيال شخصيات؛ يشتعل الحدث شهابا حارقا ثم ينطفئ بعد أن يدمر جزءا من كياننا الروحي، ليأتي غيره، في دوامة لا تتوقف تسبب الصداع والاحباط وتستنزف الروح والعزيمة. وآخرها، يذهب مجموعة من الأطفال في رحلة مدرسية إلى موقع خطأ في يوم خطأ ووقت خطأ ونتيجة إهمال مجموعة من الأطراف تُزهق، ضحية الكسل والتراخي، أرواح 21 طفل بريء.. إلى هنا وفقدنا أي مقدرة على إحتمال المزيد من الألم. عزاؤنا الوحيد بأنهم ملائكة عند ربهم في السماء وعند خالقهم يرجعون. ويظهر لك نائب أو إثنان ويتفق معهم مجموعة مؤيدة يتفوهون بعبارات تتجسد فيها المأساة بتمامها وكمالها. لا يحللون المواقف بطريقة واقعية منطقية بل يلجأون إلى لوم الغير، وهو ما يعتبر ضعفا بحد ذاته، ولكن أن تلوم الله فهذا كبرياء ويعود علينا جميعا بالشر. لا أحب أن أكتب وأنا متألمة ومشاعري متأججة أو مشوشة أو حزينة، لكن هل هناك ملمة أخرى أقل حدة من ملمة "تباً". تباً للعقول الفارغة والأنانية المطلقة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه. وألف # تباً..