موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الصوم الكبير رحلة فردية وجماعية، وهو عبور وتغيير داخليّ نحو الفصح، نعيشه بالصوم والصلاة والصدقة.
وهي أركانٌ ثلاثة للحياة المسيحية مترابطة ومتكاملة، دعا إليها الربّ يسوع، وحدّد شروطها بواحد: أن تكون فعل عبادة وحبّ لله، والإهتمام بالقريب، بعيدًا عن نظر الناس والتظاهر، كما قال لنا يسوع: "إياكم أن تعملوا برّكم بمرأى من الناس لكي ينظروا إليكم ، فلا يكون لكم أجرٌ عند أبيكم الذي في السموات... وأبوك الذي يرَى في الخفية يُجازيك" (متى ٦: ١-١٨).
الصلاة والصوم والصدقة
يحترم السيد المسيح إرادة كل واحد منا. وعندما نقّرر أن نسلك طريق البرّ والصلاح لا بدّ من الالتزام بوعدنا وإتخاذ الوسائل التي توصلنا إلى اهدافنا. حياة البرّ هي حياة القداسة والكمال التي ينتظرها منا يسوع. لذلك لا بدّ من تحويل قلوبنا نحوه، للعمل بمشيئته بمحبة أبنائه.
أعمال البر والكمال الموجودة في الديانات على اختلافها والتي تمهّد لعلاقاتنا مع مجتمعنا ومحيطنا هي :الصدقة التي تنظّم علاقاتنا مع قريبنا، والصلاة التي تسّهل علاقتنا مع الله، والصوم الذي يجعلنا نسيطر على ميولنا المنحرفة وجسدنا لكي لا ننجرف بتيار شهواته.
الصدقة هي ما تصنعه ليسوع في إخوته الصغار، ولا يصلح ايُّ عذر لحجب الصدقة عن معوز محتاج، بل هو هروب من واجباتنا ومحبتنا المسيحية نحو الآخرين وخاصةً نحو المرضى والمحتاجين والبائسين . وطلبنا الذي نرفعه إلى الآب السماوي أثناء الصلاة، والذي لا يستجاب له في حينه، لا يستطيع أن يكون سببًا لاتقطاع علاقتنا معه تعالى الذي يعمل دائماً لخلاصنا وخيرنا الأبدي.
والحجج التي تبعدنا عن الصيام، ليست إلاّ خوفًا من خسارة راحتنا وانانيتنا .والسعادة الحقيقية لها ثمنها. والصلاة هي ضرورية لها، شرط أن تمارس بمفهومها الصحيح. فالصلاة ليست بالكمية "لأنّ أباكم السماوي يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه" (6: 8)، بل بنوعيتها .
والرب ليس بغريب عنا، هو أبونا الذي بادر وأحبنا، وغفر لنا خطايانا، ويريد مساعدتنا لخيرنا الأرضي والروحي، أي على الأرض وفي السماء حيث الحياة الابدية والنعيم السماوي. والصلاة ليست أنانية، بل تتوجه للآب السماوي ببساطة الأطفال وبراءتهم "إن لم ترجعوا فتصيروا مثل الأطفال، لا تدخلوا ملكوت السموات" (متى 18: 3)، وبثقة أنّنا سننال ما نبتغيه لخيرنا ولتمجيد وتسبيح ربنا.
يا رب، بجاه الآمك المحيية، إقبل صيامنا وصلواتنا وأعمالنا، اغفر خطايانا، اشفي أمراضنا، قدس حياتنا وأعطنا السلام، وامنحنا أن نكون لك ابناء صالحين لنرث ملكوتك الذي أعدّدته لنا بقيامتك المجيدة.