موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٨ ابريل / نيسان ٢٠٢٣

"الرّبّ، راعي لكل الشعوب" بين كاتبي سفر المزامير والإنجيل الرابع

بقلم :
د. سميرة يوسف سيداروس - إيطاليا
سِلسلة قِراءات كِتابيّة بين العَهدَّين (مز 23: 1- 6؛ يو 10: 1- 11)

سِلسلة قِراءات كِتابيّة بين العَهدَّين (مز 23: 1- 6؛ يو 10: 1- 11)

 

مُقدّمة

 

أيها القراء الأفاضل، المسيح قام. نندهش إذ عشنا بالليتورجيّة أربعين يوم من الإستعداد للتوبة والتهيئة للدخول في سرّ يسوع الفصحي، إلّا إننا نعيش خمسين يومًا للإحتفال بقيامة الرّبّ، أيّ 7×7+1، أيّ "خمسون" وهو رقمًا ذو أهميّة من الوجهة الكتابية، رقم الملء والفيض. وحتى نصل لهذا الملء والفيض هو دورنا في مسيرتنا الفصحيّة. هذا يعني أنّ القيامة ليست عيد يتم مُعايشته وقتيًا بقدر ما هي جبل عظيم علينا أن نتسلقه. وهناك بعض العناصر الجوهريّة الّتي يظهرها نصّ اليوم من العهد الأوّل. ففي هذا الزمن نستعيد مع جماعة يسوع الأوّلى الّتي تقوم بتفسير كبير لما قيل قبل القيامة. يسوع القائم بعد عبور العظيم في سرّ موته، لم يكشف عن الكثير في لقائاته بتلاميذه، لذا يستعيد التلاميذ ما عاشوه مع يسوع قبل قيامته ويبدأوا أن يفسروه من منظور قيامته المجيدة. لذا بين أيدينا اليوم النص الشهير بـ "الراعي الصالح" وبالأحرى في لّاهوتنا اليوم نستعيد لفظ من اللغة اليونانيّة الأصليّة وهو "الراعي الجميل - Kalos". سنقرأ في مقالنا هذا المزمور الـ 23 الّذي يشيد بدور الرّبّ الراعي للجميع بشكل شامل وللإنسان بشكل خاص، أيّ في علاقة فرديّة حميميّة الّذي يناجيه باسمه وهو يمثل القطيع، ثم في علاقة جماعيّة ليس ككنيسة بل جميع الشعوب. وفي النص الثاني بحسب الإنجيل الرابع (10: 1- 21) سنتوقف أمام المفاجأة الّتي سيعلنها صوت القائم الّذي يتمم رعايته وهو "الراعي" الّذي يُجلل صوته، من جديد في هذا الزمن الفصحي كراعي وكرّبّ إذ أنّ صوته الرائد يُمهد الطريق لنا نحن قطيعه السائر خلفه. هدفنا من خلال هذين النصيّين إلى التعمق في قراءة صفحات الإنجيل من منظور فصحى جديد. لنقرأ من خلال هذا المقال حياتنا الماضية ورعاية الرّبّ كراعي لنستمد منه ومن صوته الأفق الّذي يتناسب مع مخططه فالرّبّ هو الراعي ولازال يسمع لقطيعه، نحن اليّوم، وأيضًا يناديه.

 

 

1. رعايّة الرّبّ (مز 23: 1- 6)

 

يفتتح كاتب سفر المزامير، هذا المزمور (الكرمي بحسب اللفظ العبري) الّذي ينتسب في أصله لداود الملك. تهدفبع.رتة الله فينا  ورتاحتهجديد، أنّ نكتشف اليّوم سر يسوع القائم كشفه عن يسوع القائم الّذي أطاع الآب وص شخصية ولقب الراعي الّذي يقوم به الملك أو الله ويشمل على مساحة ثقافية شاسعة ومتكررة في العهد القديم. وبانتقالنا إلى مجال أوّسع، نجد أنّ صورة الراعيّ لها أهميتها خاصة في مجال علاقة الإنسان بالحيوان فهي تُمثل علاقات عدائية، عندما يدافع الرجل عن نفسه من هجوم ما، إلّا أنّ هناك نوع من العلاقات السياديّة والصداقيّة مع الحيوانات الأليفة والمستأنسة بالمنزل. يتجذر لفظ "الأنسنة" أيّ الترويض والتربية داخل المنزل، الأصل اللاتيني da domus أيّ بالمنزل. يحمل هذا اللفظ في لغاتنا المختلفة معنى الألفة والتقارب. الحيوانات المفترسة لا تتناسب مع الإنسان بل يمكن أن تصبح شرسة، وأكثر وحشية. يستخدم هذا المزمور صورة علاقة الإنسان بالخروف الّذي ينتمي للقطيع، لتمثيل علاقته مع الله الراعي. فالراعي يروض ميول الإنسان الحميمة، والإنسان مدعو للمرونة ولترك ذاته لقيادة الله.

 

تحدث بالماضي النبي ارميا عن راعٍ (راج 23: 1-4) حيث إنتهر الله رعاة شعبه بسبب هلاكهم للقطيع وتشتيتهم. وشَّدد النبي على كشف الله لذاته بأنه راع يجمع شعبه مثل قطيع ويعيدهم إلى مراعيهم (راج أيضًا حز 34). لذا نودّ أن نشير إلى المزمور 23، وهو المزمور الـمُحبب لكثير من المؤمنين، حيث يروي علاقة إسرائيل مع إلهه كراعي، ترمز لعلاقة الخراف مع راعيها الرّبّ الإله. تأتي كلمات هذا المزمور مشيرة على صفات الرّبّ الّذي هو بمثابة الـمُضيف الّذي يرحب بالضيف (أنا وأنت وأيّ مشتت منا) في منزله ويجهز له مائدة من الأطباق الغنية. يحتوي قلب هذا المزمور على عبارة لها أهميتها اللّاهوتيّة وهي: «لأَنَّكَ مَعي!» (23: 4). هذا هو تصور بني إسرائيل الحقيقي عن دور الله الراعي، فهو يتوازى مع لقب يسوع بالعهد الثاني الله معنا، أيّ العمانوئيل. في لقائنا ككنيسة بالقائم من بين الأموات على دروب التاريخ البشري، نقرأ هذا الاتساق بين صفحات الكتاب المقدس ونفسر بوجود القائم من بين الأموات في وسطها على إنه راع يرشدها نحو المراعي ولا يزال. المياه وكضيف يرحب بها في منزله ويطعمها، يحافظ عليها على قيد الحياة في رحلتها. وهكذا تصبح الكتب المقدسة، في العديد من الصفحات الأخرى، بمثابة المفتاح لتفسير حياتنا ككنيسة، وتصير لنا كخريطة ترشدنا للوصول ليسوع وتسمح لنا بقراءة الأحداث الّتي أتمها للراعي لنلتقي بالله الأمين الذي لا يفشل في مواعيده.

 

 تتطور صورة الراعيّ في المزمور الـ 23 بواقعية وإيجاز، فقد ركز الكاتب برسمه فرشاته لاستحضار مشهد الراعي والخروف، وهذا يعود لحُسن إختياره لأفعال دقيقة ومحددة. العشب الاخضر، مصدر للراحة، الاستلقاء كانتعاش النفس والقوة، مشقات الطريق، الوادي المظلم، العصا والعكاز. ففي أثناء قرائتنا لهذا المشهد علينا التعّرف على تفاصيل دقيقة رسمتها فرشاة الكاتب. فالإنسان هو بمثابة السائر بوسط الصحراء، إذ تزدهر كواحة بسبب القُرب من النبع. الخروف يرقد على حشائش ناعمة، يشرب من الماء ويشعر باستعادة قوته. ثم ينطلق في سيره. أما لقب «الرَّبُّ راعِيَّ» (23:1).

 

 

2. الراعي: لقب كريستولوجي (يو 10: 1- 16)

 

بناء على قرائتنا المعاني اللّاهوتيّة الّتي يحتويها المزمور الـ 23، سنتوقف على قراءة دور الراعي الّذي تممّ في سر موته وقيامته فدائه لقطيعه. يُلقّب كاتب الإنجيل الرابع يسوع بلقب الراعي لست مرات في هذا الأصحاح. يسوع هو بمثابة :الراعي الأعظم" (عب 13: 20). تحمل صفة "الراعي" بحسب يوحنّا المعنى الكريستولوجي. وأهم صفة يوحنّاويّة يمكن تطبيقها على يسوع هي الراعي الّذي يعطي حياته. فهو مُسبقًا كان الحمل:  «هُوَذا حَمَلُ اللهِ الَّذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم» (يو 1: 29). الحياة الرعوية، هي إستعارة لها قوتها سواء بالعهد الأوّل أمّ بالعهد الثاني لأنّ أصل الأعمال بالشرق، تنتمي أكثرها للرعي وللزراعة. يدهشنا تدرجنا معكم في هذا المقال للتدرج للتعرف على صورة الرّبّ ليس فقط الإله بل الراعي، الّذي يقود الشعب. كألقاب إلهيّة لدينا الكثير كالقدير، القوي، الإله، الرعي، ... ولكن منذ سفر الخروج يترك المُدونيين صورة الرّبّ الإله بمفهومها البعيد، ويرتكزوا على لقب الرّبّ الراعي فيصير الرّبّ الرعي لإسرائيل وهو الّذي لا ينام، ولا تغمض عينيه. بل يصير كالظل يتبع شعبه في الصحراء بنوره، وتحت الشمس يظللهم بغيمته. هذا يلخص رعاية الله لشعبه كصورة الراعي لقطيعه، ويرافقه إينما يذهب. والسبب هو قيادته لبني إسرائيل منذ خروجهم من عبوديتهم إذ يقودهم إلى أرض الراحة والحرية. لذا دور رعاية الله لشعبه يأخذ صورة الراعي والقطيع. ليس للتقليل من قيمة الشعب بقدر التعرّف على صورة الله الحقيقة في العلاقة الحميمة بالشعب.

 

 

3. إسترجاع كلمات الراعي (يو 10: 11- 16)

 

الآن، إذا تبادلنا أماكننا مع التلاميذ، إذ بعد قيامة يسوع، نسترجع، معهم كلامه وتعاليمه على ضوء نعمة القيامة. نسمع يسوع قائلاً: «1عمة القيامة. نسمع يسوع قائلاً: أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف» (يو 10: 11). يدرك عبريّ الأصل بقول يسوع إعلان ألوهيته، إذ كما كان الله هو راعي بني إسرائيل بالماضي، هكذا يسوع هو راعي الجمع الّذي يحيطه بما فيهم تلاميذه. لم يعلن يسوع قبل قيامته عن هويته الإلهيّة مباشرة، بسبب عدم إتمامه سر الخلاص، بعد. ففي قول يسوع الصريح اليوم "أنا الراعي" و "القائم" نكتشف ألوهيته ومعرفته بخرافه. هذا القول يشير لحميميّة العلاقة بينهما. اليوم ممتنيين لهذه الحياة الحميمة فنستعيد بهذه الكلمات الّتي تدويمن جديد بقلوبنا وحياتنا من جديد من فم يسوع كفعل حب. لذا القيامة تجعلنا نقرأ ما أعلنه يسوع عن ذاته قبل عبوره سر الآلام.

 

يبرز يسوع "الراعي يعطي حياته" أهميّة سبب مباردته متجهًا نحو أورشليم ليقدم ذاته في سرّ الموت. كان يعلم يسوع بحقيقة رسالته الخلاصيّة ولمّ يرفض الأحداث الّتي وقعت عليه. ثمّ وضح دور الأجير، ليس كدور الراعي، ولا تنتمي له الخراف لأنها تنتمي للراعي فقط، بسبب العلاقة الخاصة بين الله وشعبه كعلاقة الراعي بقطيعه. هنا يكمن رد فعل الأجير عن الراعي حينما يقترب الذئب من القطيع. حيث يتركها هاربًا مُنقذاً ذاته. إذ أهمل الأجير فتك الذئب بالقطيع وشتتهم خوفًا منه. لا يهم الأجير مصير القطيع، لأنه مجرد أجير بدون علاقة معهم. أمّا الراعي الرّبّ "يعطي حياته لأجل القطيع، بارادته.

 

 

4. القائم الراعي (يو 10: 10-21)

 

يمكننا إستيعاب هذا المقطع على ضوء المسيح القائم، بشكل مختلف عما سبق. فقد عاش يسوع في أثناء عبوره سرّ آلامه وموته وقيامته بالكامل معطيًا حياته لأجلنا. ونحن قد نكون مثل بطرس في مبالاة ولا ندرك سرّ هذا الحب العظيم الّذي يدفع الراعي للموت لأجلنا نحن قطيعه. لكن مع مرور الوقت، بعين الإيمان نستعيد أقوال يسوع الّتي لم يعطيها التلاميذ أهميّة قبلاً عندما كشفها لهم المسيح وقت المرض، الحزن، ... إلخ. إلّا أنّ بعد قيامة يسوع نفهم بعمق هذا الكلام لأنه بالفعل أعطى حياته، وفدى القطيع الّذي هو نحن من الموت وهو بمثابة الذئب والشر الّذي هو الضلال، والشرير الّذي هو بمثابة التشتت. يحملنا القائم والراعي بالقيام بدور عكسي تمامًا لكل ما ليس له قيمة في نظر العالم، كالقطيع، يسوع يبدأ منه مُعطيًا ذاته له بالتحديد وفاديّا إياه. ما صار لا قيمة له بالنسبة للعالم يصير مركز إهتمام الله، يبدأ به، هذا هو المعنى الجديد الّذي تحمله لنا قيامة المسيح الراعي اليوم. نعم الراعي يبدأ في تجميعنا حيث لا نرى مستقبل، ولا تاريخ لنا، ... ويبدأ يجدد مع كلاً منا العلاقة الحميمة على ضوء قيامته. والتلاميذ، الّذين نمثلهم نحن اليوم، يستلموا من القائم الراعي تجسيد الوعود الإلهيّة الّتي أعطاها الله لأوّل بطريرك وهو إبراهيم. لذا في هذا الأسبوع الرابع للقيامة الرّبّ الراعي، تعطينا ضوء جديد لقراءة تاريخنا الماضي، فلازال الراعي يرغب في إستعادة علاقته الحميمة بنا جميعًا وبكل منا بشكل شخصي.

 

 

5. بني إسرائيل والشعوب (مز 23؛ يو 10)

 

ففي وضع اليهود العبرانيين الّذين يعرفون تاريخهم مع الله كرّبّ وكراعي منذ حدث الخروج، نجد إنه من المثير أن نكتشف أن يسوع في العهد الثاني كان يتحدث عن قطيع آخر، وهو نحن، الوثنيين إذ يقول: «ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها» (يو 10: 16). ندرك الآن وفقط بعد قيامة يسوع أن رسالته لا تنحصر فقط على بني إسرائيل بل ستنفتح لك الشعوب سواء يهود أمّ وثنيين مُعنلنًا بأن هؤلاء الوثنيين يفاجئوا اليهود، إذّ إنها: «سَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد» (يو 10: 16). ومن هنا نتلمس العمل الإعجازي فالوثني يسمع لكلمة الله ولن يستمر فقط بني إسرائيل في إستماع لكلمة الله بل نعمة الله الراعي والقائم ستشمل جميع الشعوب والحضارات وسيصير قطيع واحد. نعم القائم يقود القطعان المشتتين ليصيروا قطيع واحد وجماعة واحدة وهي الكنيسة كخطوة أوّلى بالعنصرة والّتي ستنفتح إلى أقصى المسكونة لكل شعوب الأرض.  

 

معنى صورة يسوع "الراعي الجميل"، التي إنبثقت من قرائتنا للآيات المزمور الـ 23 وآيات بحسب يوحنّا 10، تشير بأنّ يسوع أسس الكنيسة لتحفظ ذكرى أفعاله وأقواله؛ إنها جماعة أولئك الّذين يلتقونه كقائمين، والمكان الذي يمكن للعالم كله أن يلتقيه. الآن، اكتشفت الكنيسة في رحلتها عبر تاريخ البشرية، وهي تتأمل تاريخ إسرائيل المقدس وتتحدث عن إله داود كراعٍ يقود الناس إلى المراعي الخضراء، أن يسوع في قيامته أصبح لها راعياً يقودها، ويطعمها ويدعمها. إن هوية يسوع "الراعي الجميل" فتصير رعايته للقطيع إحدى ثمار فصحه التي نكتشفها ككنيسة حاضرة بسبب قيامته. هذه السمة من وجه الراعي القائم - الذي أقامه الآب من القبر - نكتشف ككنيسة، من خلال معرفتها بتاريخ إسرائيل، وإيمانها بسرّ القيامة. عندما يظهر القائم من بين الأموات لتلاميذه، فيقوم بعمل أساسي في حياتهم كجماعة إذ يفتح أذهانهم لفهم الكتب المقدسة. وهكذا تستطيع الكنيسة، بفضل موهبة الروح القدس، أن تقرأ حقائق حياة يسوع وقصته في كل عصر على ضوء ما تمّ إعلانه قبلاً في الكتب المقدسة. علينا بالإنتباه ليس فقط عند قراءة الكتب المقدسة لحدث القيامة، ولكن أيضًا في الأعياد الفصحيّة على ضوء تاريخ إسرائيل مع الله بالعهد الأوّل. تحمل الكنيسة الكلمة الإلهيّة بين يديها، لتدرك في يسوع القائم، دوره كراعي يقودها نحو ملء ملكوت الله، فاتحًا الطريق وواضعًا علامة على الطريق. في جميع نصوص الكتاب المقدس نقرأ دعوة الشعب العبراني لوفاء الله بوعوده بشكل نهائي، وتجميعهم من التشتت. الوحدة هي حقيقة تتعلق بالأزمنة الأخروية، وهي carios زمن المسيح القائد الّذي يفتح الطريق نحو الملكوت.

 

 

الخلّاصة

 

تأملنا مسيرة إستراجاع التلاميذ بعد قيامة الرّبّ كلماته الّتي لم نفهمها بعد، بحسب يوحتّا 10، إلّا على ضوء قيامته. لازلنا نستمر في مسيرتنا نحو القائم الّذي يقودنا برعايته لنا جميعًا، إلى ملء الحياة. توقفنا في هذا الأسبوع الرابع الفصحي على شخصية يسوع القائم الراعي لنا ككنيسة  وللشعوب. هكذا تتبعنا مسيرتنا متأملين سرّ الله الراعي والّذي يتمحور قبل وبعد وأثناء هذا الزمن الفصحي بشخصية جوهريّة بامتياز وهي الراعي. منذ العصور القديمة كان يتم نحت صورة الراعي الصالح على أكفان المسيحيين للتعبير عن إيمانهم بالقيامة، علامة لدعوتها  لملء الحياة. إذّ بقيامته يسوع تممّ ما ذكره مزمور 23 وما أعلنه قبل عبوره بحسب يوحنّا 10 راعيًا حيث قاد تلاميذه إلى ينبوع مياه الحياة الّتي لا تنضب. رمزية "الراعي" في الكتب المقدسة، يمكننا ككنيسة أن نقرأ تاريخنا في ضوء حضور الرب القائم من بين الأموات الذي هو راعيها ومرشدها في شؤوننا البشرية. وبهذه الطريقة، يمكننا أن ننظر من جديد إلى الشخص الذي فتح لنا الطريق، والذي أصبح، بتسليم حياته نموذج لنا ينبغي علينا السمع للراعي الّذي لا يزال يدعو للسير على خطاه نحو الدخول النهائي إلى المراعي الأبديّة للملكوت. دُمتم أيّها القراء مستمعين للراعي القائم الّذي يسلمنا حياته يوميًا في سرّ القربان الأقدس.