موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
المقدمة والتمهيد
"اَلْمُتَفَكِّرُ فِي عَمَلِ الشَّرِّ يُدْعَى مُفْسِدًا" (أم 24: 8). الأفكار الأثيمة والسلوك المنحرف في العلاقات الجنسية المثلية مشكلة لها آثار محزنة تقود من يتداولها الى الشر والخطيئة المتعمَّدة، كيف ناقش الكتاب المقدس موضوعة الأفكار الاثيمة، "اَلْغِشُّ فِي قَلْبِ الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ فِي الشَّرِّ" (أم 12: 20).
القارئ الكريم لنتفق أولاً على أن هناك آلية للتفكير السليم والسوي لدى البشر الذي يساهم في تحقيق الامن النفسي والاجتماعي ويقدم تصوراً رائعاً لما يدعو اليه بمنطق التطبيق ويؤسس لسلوك يقودنا بعيداً عن الخطيئة والشر والاثم والتفكير المنحرف، وردت هذه الالية بحسب متى الإنجيلي البشير (5: 16،8) "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ"...."فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ")، ويضاف اليها ما ورد في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (10: 31)، "فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ")، وبحسب تعليم الكنيسة، فإن الإنسان يستطيع أن يميز بين الأفعال الصالحة والسيئة، لأنه يمتلك عقلاً وضميراً يمكنه من اتخاذ أحكام واضحة في الحالات الطبيعية، والتمييز بين ما يعتبر خطيئة وسواها، يشترط التعليم المسيحي ثلاث شروط لهذا التمييز: الفعل الصالح والنية الصالحة، والظروف التي ترافق العمل والتي قد تغير من درجة المسؤولية -ثقل الخطأ- ولكنها لا تغير من طبيعته أو ووصفه وصفاته، ولا يجوز بتاتًا عمل الخطيئة أو تقبل حصولها مع الاخرين.
بهذه الالية والكثير المماثل لها من التعليم التي ناقشها الكتاب المقدس في كيفية ادارة التفكير البشري وشدد على ان تكون هي البداية التي يجب ان تسود زوايا التفكير من خلال الارشاد والتوجيه التربوي الالهي حول السلوك القويم. عزيزي المتابع لموقع أبونا، إعلام من أجل الإنسان، يمكنك ان تقرأ ضمن الموقع معالجات فكرية واسعة لآباء الكنيسة وباحثين ومفكرين في الشؤون الدينية المسيحية والكتاب المقدس https://abouna.org/authorsأو يمكنك شخصياً العودة الى الكتاب المقدس للبحث عن الاليات التعليمية فيه وتفسيرها والتزود بعطرها الازلي وتطبيقاتها العملية في الحياة. اوعدني انك ستذهب للبحث عنها واستخدامها في حياتك وعلمها لمن يحيطون بك لتعم الفائدة وتصحوا البشرية الى أهمية التفكير الإيجابي بينهم والتعايش السليم وان "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا".
موضوعنا لهذا اليوم يذهب باتجاهين الأول هو التذكير بالخطيئة والإصلاح والثاني هو عن الفضيحة التي احيانًا تتزامن مع العمل الخاطئ، وما تسببه من احراج زمني واجتماعي في توقيت عرضها وتداولها الحاضر الذي تتناقله احياناً حتى الصحف المحلية والمجلات ومواقع الاخبار الاجتماعية وقد تعاني بعض من هذه الاخبار من التلاعب بمكوناتها وعلى وجه الخصوص الإضافة الملفقة والمحرفة عن الحقيقة التي تعاني منها المعلومات المتداولة هذا من جانب والأخر هو سرعة تداولها التي تعادل أجزاء بتوقيت من زمن الدقيقة والثواني، وكما يلي:
1- "لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ للهِ، فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ"(رو 8: 8).
أعزائي في البدء يجب ان نؤكد على مسؤولي الكنيسة، ونقول ان كل ما يخالف لما ورد وموجود ومرسل الى البشر في الكتاب المقدس العهد الجديد هو تعليم واجب الالتزام به دون اية اجتهاد او تفسير منحرف عن النص، والذي نحن بصدد البحث فيه هو موضوع النوع الجديد من البركة البسيطة والعفوية التي وردة في الوثيقة الصادرة عن مجمع عقيدة الايمان من الفاتيكان في الأيام السابقة، ووفق رؤيا تحليلية لها اجد يكتنفها الضبابية في الرؤية لي وربما لكوني شرقي وفي العادة يرفض ويشمئز ويستنكف الحديث عن الانحراف الفكري والسلوكي لبعض البشر حول العالم كالذي نحن بصدده اليوم المثلية الجنسية، لكن يجب عدم التخصيص للشرقيين فقط بل هناك من هم حول العالم وفي جميع انحاء المعمورة يؤيدون توجهنا المشرقي حول فكرة الخطيئة المتعمدة ويرفضونها كما نحن وأنهم كثر جدًا من المؤمنين الذين يمثلون جدار الكنيسة وسندها في الازمات مهما كانت.
وكمدخل مباشر لهذا الموضوع أرى من الواجب التنبيه إليه هو ألا مفهوم أو تعريف محدد في الكتاب المقدس للخطية، ولكن هناك توصيف لها، والذي نحن فيه اليوم هو ما ذهبت اليه الوثيقة موضوع البحث أعلاه بقبول التوصيف الاجتماعي الخطير والمقصود المثلية الجنسية كعنوان كما هو ظاهر عنها في: (وثيقة جديدة تفتح إمكانيّة منح بركات بسيطة للأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا غير منتظمة) "Fiducia Suplicans" الصادرة عن دائرة عقيدة الإيمان، والتي وافق عليها البابا، سيكون من الممكن منح البركة للأزواج المثليين، ولكن خارج أي طقوس أو تقليد لحفل الزفاف. عقيدة الزواج لن تتغير، والبركة لا تعني أبدًا الموافقة على الزواج.
والمريب هنا ماذا سيحدث من مقاومة للتغير لهذا المشروع الجديد تحت مسمى البركة البسيطة أو العفوية وما قدمته الوثيقة من تبرير وشروح ترقى الى الكيفية والالية للتطبيق والى الموافقة وابقت طرف الموضوع سائب للاجتهاد شخصي من خادم الكنيسة في كيفية تقديم تلك البركة، وماذا تعني في محتواها كما هو وارد فيها والمقتبس منها نصًا وكما يلي: "وتميز بين بركات الرتب والبركات الليتورجية وبركات أخرى عفوية تشبه إلى حد كبير لفتات التقوى الشعبيّة: في هذه الفئة الثانية تحديدًا، نتأمّل الآن في إمكانية استقبال حتى الأشخاص الذين لا يعيشون وفقًا لمعايير العقيدة الأخلاقية المسيحية ولكنهم يطلبون بتواضع أن ينالوا البركة"، وفي موضع اخر تشير الوثيقة الى ما يبرر هذا النوع من البركات "يُمنح للجميع، بدون طلب أي شيء، لكي نجعل الأشخاص يشعرون أنهم يبقون مباركين رغم أخطائهم وأن الآب السماوي لا يزال يريد خيرهم ويرجو أن ينفتحوا أخيرًا على الخير". هناك "عدة مناسبات يقترب فيها الأشخاص بشكل عفوي لكي يطلبوا البركة، سواء في رحلات الحج أو في المزارات وحتى في الشارع عندما يلتقون بكاهنٍ ما"، وهذه البركات "هي موجهة للجميع، ولا يمكن استبعاد أحد عنها"، (انتهى الاقتباس).
والمتتبع لهذا التأويل سيجد امكانية تقديم البركة رغم كون هؤلاء المعنيين بالوثيقة لم يتراجعوا عن خطيئتهم المتعمدة بسبق الإصرار؟ والامل بعودتهم الى حضيرة الايمان ولو بعد حين وهذا التفسير يربك العمل الكنسي ويزعزع حالة الايمان عند جماعة الكنيسة الذين ينظرون الى هذه البركة التي لا مبرر لها دون التوبة والعودة الى حياة الطبيعية، "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي ٱلسَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ، هَكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلَائِكَةِ ٱللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ"(لُو 15:10،7) ومما تقدم أعلاه وتأسيساً عليه أجد من الضروري تقديم تحليل برؤيا شخصية وتبني بعضها وفقاً للأسس النفسية والاجتماعية للحدث.
2- كمدخل روحي وزمني وآليه تعليم كتابي واضح المقاصد كان يجب العودة اليه هو نص التعليم الرسولي:
من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية يقول يا اخوة، بارك يا رب: "لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ. لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ، الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ، لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ، لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ، وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ. وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ، مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِنًا وَشَرّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ، مَشْحُونِينَ حَسَدًا وَقَتْلًا وَخِصَامًا وَمَكْرًا وَسُوءًا، نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ، مُبْغِضِينَ للهِ، ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ، مُبْتَدِعِينَ شُرُورًا، غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ، بِلاَ فَهْمٍ وَلاَ عَهْدٍ وَلاَ حُنُوٍّ وَلاَ رِضىً وَلاَ رَحْمَةٍ. الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ، لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ" (روم1: 29،18).
الى ماذا يشير هذا النص الذي كان يجب على المسؤولين عن الوثيقة مدار البحث الاطلاع عليه وان يتمثلوه اولاً ومن ثم التأسيس لوثيقة متوازنة المعاني ومقنعة المحتوى وكما يلي: يتحدّث بولس الرسول بوضوح عن شرور البشر، لكي يكون ذلك مدخلًا لينتقد ويفند كل حجج الخطاة دون مجاملة فقد وُجّه إليهم هذا الاتهام ليعلموا مسئوليتهم عنها، كمدخل لاجتذاب قبولهم العضوية في الجسد الواحد وصار الكل في حاجة إلى تدخل إلهي كي يتبرّروا بالإيمان بالمسيح يسوع مخلص الجميع، الله لم يهمل البشر ولا تركهم فقد أعلن نفسه لهم من خلال الطبيعة المنظورة، منذ خلق العالم والان هم بلا عذر لأنهم يستبدلون الحق بالإثم والتفنن في الطرق الأثيمة لإخفاء "الحق" والله يُعلن "الحب" لهم بطرق متنوعة من خلال البركة التي هي من عمله،.. أن الله يقدم العالم كعطية نستخدمها وليس نتلذذ بها، ونكتشف بركاته ونتمسك بها، أن سرّ هلاك البشر هو عدم شكرهم، إذ يقول: بجحودهم صاروا أغبياء، فما يهبه الله مجانًا ينزعه عن غير الشاكرين لكنهم بجحودهم نسبوها لأنفسهم، وسقطوا في الكبرياء وتركوا الله واستبدلوه بشهوة قلوبهم، إلى النجاسة، لإهانة أجسادهم بين ذواتهم فمارسوا شهواتهم الشرّيرة، حيث ارتكب الرجال والنساء الخطيئة التي لا تليق حتى بالطبيعة ولنجد الكثير منهم يسقطون في الرجاسات الجسديّة والعلّة الرئيسية لسقوطهم الكبرياء الذي يفقد الإنسان نعمة الله التي تهبه القداسة، فينهار تحت ثقل شهوات جسده وفساده.
3- أهمية بركة الصلاح والخلاص الشخصي الذي تدعو اليه الكنيسة:
التوبة وبعدها المغفرة، والابتعاد عن حياة الخطية والانفصال عن الشر، فالتوبة تعني ما حدث من الخطيئة في الماضي وهجره، أما الإيمان والخلاص فهو النظر إلى المستقبل والانصراف عما سببته الخطيئة من هدر لكرامة البشر عموماً في علاقتهم نحو الله، واستقبال الحياة الجديدة في المسيح، كل المصطلحات أعلاه بداً من الخطيئة وانتهائها بالإيمان والخلاص هي قبول عقلي، وثقة بالنفس ألا عودة الى الخطيئة وقد عطانا التعليم الكتابي عن بولس الرسول، "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ،..... الى "نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ. الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ"(أف 1: 3-14). هذه الطاقة الإيجابية للروح البشرية التي تحرر قوة الطاعة الجديدة. تعد الأساس في تأسيس وتأكيد الثقة الشخصية بالخلاص الذي قدمه لنا المسيح له المجد، ولها ثمارها في الإيمان وموقف مميز للشخصية المسيحية بكاملها، وعملها فيما يتعلق بالبركة الروحية التي وهبت لها في المسيح.
الإصلاح قدّم له (بولس الرسول في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس 13،9:5) تعليماً رسولياً أجاب فيه عن ماهية الاصلاح: "كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاةَ. وَلَيْسَ مُطْلَقًا زُنَاةَ هذَا الْعَالَمِ، أَوِ الطَّمَّاعِينَ، أَوِ الْخَاطِفِينَ، أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ! وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا لأَنَّهُ مَاذَا لِي أَنْ أَدِينَ الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ تَدِينُونَ الَّذِينَ مِنْ دَاخِل؟ أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ. فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ". اين نحن من هذا التعليم الرائع هو يعطي مجموعة من اختيارات روحية لنستدل بها الى الطريق نحو اصلاح المخطئين واعادتهم الى حضيرة الايمان باسطين أذرعنا للخاطئ طالبين له المغفرة، والكنيسة في اتساع قلبها لا تدين الذين في الخارج بل تصلي لأجلهم لكي يكشف لهم الرب القداسة الحقة خلال نعمة اللَّه الغنية. لكنها ملتزمة أن تعيش طاهرة ومقدسة، لذا تكون حازمة مع الذين في الداخل، وكلما أخطأ أعضاء الكنيسة يكون التأديب أكثر حزمًا، واخر العلاج الكي.
أعزائي القراء الكرام الى هنا ينتهي القسم الأول من الجزء الثالث للموضوع المثير للجدل، ولكن سأحاول وبالتعاون معكم أن نصل إلى رؤيا مشتركة لما هو كائن ومطروح ولما ينبغي أن يكون.
سيتضمن القسم الثاني القادم المحتويات التالية:
1- ماهي البركة الروحية الكنسية من يعطيها ولمن نعطيها.
2- تمثل البركة في الحياة ومن هم المباركون.
3- الفضيحة في حقيقتها ادعاء او مجموعة من الادعاءات والمزاعم.
4- تُعرَّف المثليّة الجنسيّة `ذاتها بالتَوَجُّه جنسي.
5- تحليل محتوى لوثيقة الفاتيكان الصادرة عن مجمع عقيدة الايمان بخصوص مضمون البركة البسيطة والعفوية.
6- الخلاصة والخاتمة.
انتظرونا ولا تفوتوا فرصة قراءة القسم الثاني من الموضوع. الرب يبارككم ويمنحكم العفة والكرامة الجسدية والنفسية ويحقق جميع ما تتمنون في حياتكم. ولكنيستنا الجامعة المقدسة الرسولية كل السمو والرفعة والى القائمين على خدمتها، آبائنا الرسل بمختلف مسمياتهم الرعوية، المثابرة في إعادة من يخطئ الى الايمان. إلى الرب نطلب.