موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٨ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٣

الاشتياق الى ظلام الليل

بقلم :
وائل سليمان - الأردن

تبدأ النفسُ مَسيرتها باحثة عن هويتها في داخل عواصف من الرمال... مُشتاقة الى مَعرفة مَن نَفخَ الروح بها... مِن أين والى أين؟... تَتجول وكأنها وحيدة في كَونً لا يَسكنه آحد غيرها... أين تذهب وهي بدون قدرة على النهوض... أين تطير وهي بلا أجنحة... تُنادي وتُناجي أين أنت؟ نفسي مُشتاقة الى نفسي! ضجيج، صُراخ، آلم، جهل، دُموع، خَطيئة، وإحساس بالغُربة، الى متى؟ هل يُعقل بأن نور الشمس يَخفي ظلام دامس، خوف ورعب، خطيئة، حروب، قتل... هل يُعقل بأن هذا النور الذي لا يُضاهية نور لا يسطتيع أن يُطهر سَوُاد الكونً! هل يُعقل بأن النهار تحول الى كابوس مُتجدد!. هل يُعقل بأننا فَقدنا حاسة البَصر و السمع في عِز النهار... و الشمس تتراقص فرحة بأشعتها؟ هل يُعقل بأن الحزن يُخيم خلال نهارٍ... أين الأزهارُ تتمايل فَرحة، مُنفتحة، ومُوجهة عُيونها الى نور الشمس؟ هل يُعقل بأن لا أذانٍ صاغية والعقلُ جاهز لأستقبال صدى جميع الأصوات؟. ما فائدة النهار أذا عُيوننا مُعتمة ولا ترى أبعد من ظل خيالنا؟ ما فائدة النور إذا سَواد الخطيئة تَخطى مَهامه وظَلل وجه الأرض؟ ما فائدة الضوء ونحن لا نستطيع أن نراه من شدة الظلام؟ لذا اشتاقت نفسي الى ظلام الليل الحقيقي! أليس الليل هدوءا للنفس والعقل! أليس الليل في شًدة ظلامه، راحة للفكر والعقل! أليس الليل في لونه الغامض، سَيد الراحة والهدوء والطمأنينة! وأليس الليل بالرغم من قسوته هو المكان الحقيقي للراحة والزمان الحقيقي للهدوء والوقت الحقيقي للسعادة! وأليس الليل هو بالرغم من حجبة للنور هو المكان الذي تختفي نفسي الى مكان لا أعلم أين هو و ما هو! لا أعلم بالرغم من تكراري لزيارة ذاك المكان الذي أحقق به أحلامي في منامي و لا أستطيع في نور النهار رؤيته بنظراتي!. ما هو ذاك الظلام الذي بالرغم مِما يخُفيه من الحقيقة يترك لنا مجالا لعيش الحقيقة! ما هو هذا الضيف اليومي الذي مهما تُهنا في مجاله الفضائي الواسع ترك لنا لحظات لا تُنسى و ذكريات تَعيشُ معنا و نَعيشُ معها كل يوم!. الى أين تذهب النفس و تختفي وراء الظُلمة و لا نعرف أذا يوماً ما ستكشف عن ماهيتها! أين تتجول النفس و الظُلمة الكثيفة تُخيم في كل مكان فرحة بحريتها! ما هو ذاك السًر الغير مكتشف و التي تَتوقُ أليه النفس، مشتاقة لرؤيته حتى بالرغم من ظلامة العتيق! الى أين ذهبت يا نفسي دون حتى أخذ الموافقة مني؟! أين تختفي النفس حين تنام الشمس و نورها يُظهر بَريق القمر!. ما هو سَر الليل؟ ما هو سَر تلك اللحظة التي تتغير بها مَلامح شَكل الحياة ؟ ما هي تلك اللحظة الآلهية التي تنتظرها النفس يومياً بالرغم من عِلمها بأنها لحظة مُظلمة؟ تَستغربُ نفسي من نفسي و لكنها تَعشقُ نفسي!. في تلك اللحظة تتحول الثوابت الى تناقضات وتتحول التناقضات الى حقيقة الوجود!. سأبقى... لأكتشف نهاية رحلتي المسائية وكُلًي اشتياق الى ظلام الليل...