موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٧ يوليو / تموز ٢٠٢٢

أيها الشاب عندي ما أقوله لك

بقلم :
الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني - مصر
أيها الشاب عندي ما أقوله لك

أيها الشاب عندي ما أقوله لك

 

تنظم الرهبنة الفرنسيسكانية المسيرة الروحية الـ29، من 26/7 – 3/8 من هذا العام، تحت عنوان "عندي ما اقوله لك". الأماكن دير سانت كاترين بسيناء، المعادي، طنطا، قويسنا، أشمون.

 

تقودنا المسيرة الروحية إلى أكتشاف صوت الله والتمييز فى الدعوة الرهبانية والكهنوتية والزواج، وعلى خطي شعب الله المختار وخبرتهم في البرية سيناء حيث أختبروا عناية الله لهم ومن خلال المن والسلوي وعمود السحاب وعمودا النار، وخبرة البرية تكشف إلى مدى عمق  الشعب بعلاقته بالله بين الفرح والتهلليل والألم والتذمر في طريقهم نحو أرض الموعد.

 

ومن خلال برنامج المسيرة يميز الشاب ندأ الله له وماذا يريد منه؟. لأن المسيرة تدعونا إلى عيش خبرة البرية وسماع صوت الله ومن خلال رياضة روحية تقودنا إلى التأمل وسماع صوت الله فى أرض حيث اختبروا شعب الله في هذا المكان. و دعوة  موسى النبي الذي سمع صوت الله من خلال العليقة التي تشتعل ولا تحترق لأن الله يسكن فيها واكتشف موسى حضور الله عبر النار المتُصاعدة من العليقة وهي لا تحترق تماما. وهذا الحدث  يدعونا إلى الوقوف أمام الله الحاضر في هذا المكان عندما قال الله لموسى "أخلع نعليك لأن المكان مقدس"أي أخلع أفكارك الشريرة من هذا المنطلق الله يعد ويهئ موسى ليرسله إلى فرعون "أن يترك شعبى ليعبدني"، ونحن كم من الإلهه التي نعبدها في قلوبنا، وعلينا أن نترك هذه الإلهه ونطلق نحو البرية. ويوم عبورنا من البحر هو علأمة ولادتنا الجديدة فى أرض البرية التي فيها نسمع صوت الله ويقودنا الله نحو القداسة.

 

وعندما ندخل في البرية ونغوص فيها نري تجليات الله لنا بطرق متعددة:

في البرية تجلت كلمة الله الشفهية وأصبحت مكتوبة على لوحين الشريعة.

في البرية تجلت نعم الله على شعبه فى المن والسلوي، بعد ترك أرض العبودية

في البرية تفجرت عيون مياه ارتوه من صخرة أي صخرة المسيح، لأنه هو الينبوع الحي.

في البرية حيث الهدوء والسكينة نسمع صوت الله ونتأمل فيه.

في البرية حيث عاش إيليا وخاطبه الله "ما بالك أنت هنا يا إيليا" وهو رجل الله الذي يصنع المعجزات. وفي البرية حيث عاش يوحنا المعمدان. و البرية حيث أنتصر يسوع على الشيطان.

 

أيها الشاب عندي ما أقوله لك: على ضوء تاريخ الله الخلاصي نرى رسالته فى العهد القديم من خلال الانبياء الذين أختارهم  ليحملوا رسالته نحو البشرية، وفى العهد الجديد أرسله أبنه الوحيد إلى العالم.

 

عندي ما أقوله لك يا "بطرس" أجعلك صيادا للبشر، و"زكا العشار" اليوم أمكث في بيتك. وفي معجزة أشباع الجموع قال يسوع "لتلأميذه" أن يجلسوا الناس على العشب. عندي ما أقوله لك: "متى" قال له اتبعني ثم ترك الجباية وتبعه. وفي معجزة الصيد العجيب قال "للتلأميذ" ارموا الشباك.

 

عندي ما اقوله لك "أمام القبر العازر" حُلو الأكفان، وكم من الاكفان التي تقيدنا اليوم.

 

واليوم أيها الشاب عندي ما اقوله لك:

- قم انطلق على مثال أبراهيم أبو الآباء وأترك أرضك وعشيرتك

- قم انطلق سير نحو البرية وهناك أدعوك كما دعوت موسى النبي.

- قم انطلق نحو أرض الموعد أي نحو طريق القداسة.

- قم انطلق نحو الخيمة حيث تري حضور الله

- قم انطلق على مثال مريم العذراء في زيارتها إلى نسيبتها اليصابات (الخدمة).

- قم انطلق نحو سر الإفخارستيا حيث اتحد معك ويكون قلبك هو الخيمة والهيكل وقدس الأقداس.

- قم انطلق على مثال الأبن الضال الذي عاد إلي أبيه.

- قم وانطلق على مثال بطرس أجعلك صيادًا للناس.

- قم انطلق على مثال فرنسيس الذي رمم الكنيسة هكذا اليوم ادعوك أن تكون فرنسيس القرن الواحد والعشرون.

 

إذن من خلال هذا الأنطلاق نكتشف كما أكتشفه يعقوب حضور الله فى الحُلم عندما رآى السلم الذي ربط السماء والأرض.

 

نكتشف حضور الله كما عرفه موسى فى العليقة من خلال النار المشتعلة في العليقة وهي لا تحترق تمامًا.. ونكتشف من خلال دعوة شعب بني إسرائيل إلى الحرية من خلال العليقة حيث سكن الله في خضرتها وجمالها.

 

وأيضًا نكتشف حضورة على مثال إيليا عندما سمع صوت الله من خلال النسيم العليل. أنا أكون معك: لا تخافوا هذه الكلمات التي رافقت شعب الله بالعهدين.

 

نعيش خبرة البرية حيث يوجد الله في هذا المكان بين الصمت الرهيب والهدوء ونجوم والكواكب ونترك العالم الخارجي وندخل فى عالم الله ونعيش خبرة الشعب الإسرائيلي وخبرة التلأميذ في العلية وحدث التجلي، ونجد الله في ساعه السجود ونعلن له "يا أسير الحب أنا أحبك، أنا نادم على ضعفي، وأعبدك في كل كنائس العالم لاسيما في تلك التي هجرتك أكثر من غيرها وتركتك وحيدًا محتقرًا، أرجوك اجعل قلبي قنديلاً مضاءً يحرق بحضورك كل لحظة من كل ساعة من كل يوم إلى أبد الابدين. والذبيحة الإلهية تغذينا وهذا هو الغذاء الجديد لنا كما كان المن والسلوي لشعب بني إسرائيل بعد خروجهم من العبودية هكذا نحن بعد المعمودية ونصلي مع القديس بيوهذه الكلمات "أبقي معي يارب لأنك أنت حياتي وبدونك أنا بدون حرارة، إبق معي يا سيد لأنك أنت نوري وبدونك أنا فى الظلمة". والصلوات، ورتبة التوبة وصلاة مراحل شعب بني إسرائيل في البرية وهي مكونه من 14 مرحلة. والخلوة المقدسة وفى نهاية المسيرة سوف نحتفل بعيد غفران اسيزي حيث أن القديس فرنسيس طلب من يسوع ومريم غفران كامل للشعب المؤمن، وبالفعل ذهب القديس فرنسيس إلى البابا في ذلك الوقت وطلب منه الغفران للعالم مع توفير الشروط اللازمه لنوال سر الغفران.

 

وبما إن نحن في البرية سيناء والعليقة التي تشبه مريم العذراء أختم بكلمات عن مريم العذراء وهي عاشت خبرة البرية الداخلية حيث دعاها الله لكي تنطلق وتخدم وتبشر وقلبها مشتعل بالحب الإلهي حيث سكن أبن الله فى قلبها وعندما قامت وانطلقت إلى نسيبتها اليصابات خدمت بكل فرح وقلبها يشع نور الله الساكن في قلبها وهكذا المسيرة تقوم على مثال مريم العذراء والتلأميذ حيث عاشوا خبرة مع يسوع وانطلقو وبشرو في المسكونة كلها فالمسيرة تعيش خبرة التبشير فى وسط الشعب ويعلنوا خبرتهم وعلاقتهم بالله التي كانت في البرية حيث المكان المقدس الذي استلم منه موسى الدعوة والوصايا.

 

ختامًا، نصلي إلى مريم العذراء مريم:

 

السلام عليكِ يا عليقة غير محترقة. السلام عليكِ يا من لم تُطلع أحداً على كيفية السر. السلام عليكِ يا ركن البتولية. السلام عليكِ ياعروس لا عروس لها. أيتها الفتاة الفائقة النقاء لا تجزعي فإن نار اللاهوت لاتحرق حشاكِ أصلا لأن العليقة الملتهبة بغير احتراق كانت رمزًا لك. إن العليقة غير المحترقة صورت المستودع المقدس الذي حمل الإله الكلمة متحدًا بصورة البشر.