موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسَالة
يفرح الصديق بالرب
اسنمع يا الله لصوتي
فصل من أعمال الرسل القديسين (أعمال الرسل ١٢: ١-١١)
في ذلك الزمان ألقى هيرودس الملك الأيادي على قومٍ من الكنيسة ليُسيءَ إليهم، وقتل يعقوبَ أخا يوحنّا بالسيف، ولمّا رأى أنّ ذلك يُرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضًا (وكانت أيّام الفطير)، فلمَّا أمسَكَهُ جعلَه في السجن وأسلمه إلى أربعة أرابع من الجند ليحرُسُوه وفي عَزمِه أن يقدّمه إلى الشعب بعد الفصح. فكان بطرس محبوسًا في السجن وكانت الكنيسة تصلّي إلى الله من أجله بلا انقطاع. ولمّا أزمع هيرودس أن يقدّمه كان بطرس في تلك الليلة نائمًا بين جُنديين مقيّدًا بسلسلتين. وكان الحرّاس أمام الأبواب يحفظون السجن، وإذا ملاك الربّ قد وقف به ونورٌ قد أشرق في البيت. فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلاً قم سريعًا. فسقطت السلسلتان من يديه. وقال له الملاك تمنطق واشدد نعليك. ففعل كذلك. ثمّ قال له البس ثوبك واتبعني. فخرج يتبعه وهو لا يعلم أنّ ما فعله الملاك كان حقًّا بل كان يظنّ أنّه يرى رؤيا. فلمّا جازا المحرس الأوّل والثاني انتهيا إلى باب الحديد الذي يؤدّي إلى المدينة فانفتح لهما من ذاته. فخرجا وتقدَّما زُقاقًا واحدًا وللوقت فارقه الملاك. فرجع بطرس إلى نفسه وقال الآن علمتُ يقينًا أنّ الربّ أرسل ملاكه وأنقذني من يد هيرودس ومن كلّ ما تربَّصَه بي شعبُ اليهود.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس لوقا (لوقا 16: 19-31)
قال الربّ: كان إنسانٌ غنيٌّ يلبس الأرجوان والبزَّ ويتنعَّم كلَّ يوم تنعُّماً فاخراً. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مطروحاً عند بابه مصاباً بالقروح، وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغنيّ، فكانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. ثمّ مات المسكين فنقلته الملائكة إلى حضن ابراهيم. ومات الغنيّ أيضاً فدُفِن. فرفع عينيه في الجحيم، وهو في العذاب، فرأى إبراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى قائلاً: يا أبت إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليغمِّس طرف إصبعه في الماء ويبرِّد لساني، لأنّي معذَّب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم: تذكَّر يا ابني أنّك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه. والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذَّب. وعلاوة على هذا كلِّه، فبيننا وبينكم هوَّة عظيمة قد أُثبتت، حتى أنَّ الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون ولا الذين هناك أن يعبروا إلينا. فقال: أسألك إذن يا أبتِ أن ترسله إلى بيت أبي، فإنَّ لي خمسة إخوة حتّى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضاً إلى موضع العذاب هذا. فقال له إبراهيم: إنَّ عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم. قال : لا يا أبتِ إبراهيم، بل إذا مضى إليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له: إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء فإنَّهم ولا إن قام واحد من الأموات يصدّقونه.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.
يخبرنا إنجيل اليوم عن رجل غني لم يكن ينظر إلى ممتلكاته. وفقير عانى من عذابات شديدة لدرجة أن قلوبنا تتجمد عند سماع معاناته، وتقشعر لها الأبدان من وصفها. قال الرب: "كان رجل غني يلبس الأرجوان والبزّ، يفرح كل يوم. وكان فقير اسمه لعازر، مطروحًا عند بابه، مشلولًا، يشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني، حتى أن الكلاب كانت تأتي وتلحس قروحه" (لوقا ١٦: ١٩-٢١). هذه صورة مروعة تصف التفاوت الأرضي. لكن توقفوا. سنرى لاحقًا صورة مروعة للتفاوت السماوي. يا له من تناقض! من جهة، الرجل الغني، يرتدي الأرجوان والبزّ، ويرتدي ثيابًا حمراء قرمزية، ويرتدي ثوبًا فاخرًا من الكتان. من جهة متسولٌ مليئٌ بالجروح والقروح. من جهة الرجل الذي يصاحب أمثاله، أي غنيٌّ، مُشبعٌ، سعيدٌ وراضٍ. من جهةٍ أخرى رجلٌ لم يكن رفيقه سوى الكلاب. من جهة الرفاهية والصحة والبطون الممتلئة. من جهةٍ أخرى، الفقر والمرض والجوع. من جهةٍ أخرى، ترددت أصداء الأغاني والرقصات في السماء. من جهةٍ أخرى الأمل الصامت في كسرة خبز، وملاحظةٌ صامتةٌ للعرق الذي يتصبب على جسده، وتوقعٌ غامضٌ للموت. أخرس ومريض. لا يخبرنا الإنجيل أن لعازر طلب المساعدة قط، كما يفعل المتسولون الآخرون. سعى لإشباع جوعه فقط من الفتات الذي سقط من مائدة الرجل الغني، دون أن يتكلم قط. لقد تحدث إلى البعض في قلبه، ولكن لم يتحدث بلسانه قط. ماذا كان يمكن أن يقول بلسانه عن فقره، وجسده كله محاط بالكلاب؟ وهذا تحدث عن نفسه وكان أبلغ بكثير من كلماتٍ كثيرة.
دعونا نلاحظ هنا نقطة مهمة للغاية: لم يذكر الرب اسم الرجل الغني، لكنه أعطانا اسم الرجل الفقير، المتسول لم يُذكر اسم الرجل الغني على الإطلاق في المثل، فهو غير معروف لنا، بينما ذُكر لعازر على الأرض وفي السماء. ماذا يعني هذا؟ أليس هذا شيئًا يتعارض تمامًا مع الممارسة المعتادة لدى الناس، والتي تتمثل في ذكر اسم الرجل الغني وتجاهل اسم الرجل الفقير أو حتى لو كان معروفًا، عدم ذكره على الإطلاق حتى لا يزعج؟ يمشي الفقراء أو يزحفون بين الناس كظلال مجهولة تطير فجأة مثل المتسولين، بينما تتردد أسماء الأغنياء حتى في القصور ، وتُغنى في الملاحم، وتُكتب في التاريخ، وتُذكر في وسائل الإعلام، وتُنقش على الآثار.
وهذا هو بالضبط سبب عدم ذكر الرب اسم الرجل الغني: حتى لا يُكرم شخصًا يُكرمه الناس كثيرًا بشكل خاص؛ لكي يوضح أن دينونة الله مختلفة وعادة ما تكون معاكسة تمامًا لدينونة الناس؛ لكي يُظهر كيف تُكافئ السماء الناس. ومع ذلك، بحذف اسم الرجل الغني، كشف أيضًا عن سر سماوي. سيكون اسم هذا الرجل الغني مجهولاً في السماء. لن يُذكر مع الملائكة والقديسين. سيُمحى من سفر الحياة. كان بإمكان الرب أن يُعطي اسمًا للرجل الغني، كما فعل للرجل الفقير. لكنه لم يكن ينوي أن ينطق به بشفتيه المقدستين، حتى لا يُحييه بطريقة ما، لأنه قد مُحي من سفر الحياة. يجب أن نلاحظ أن الرب حرص بشكل خاص على عدم ذكر أسماء هيرودس أو بيلاطس أو قيافا. قال عن هيرودس: "لقد قلت هذا الكلام الأحمق" (لوقا 13: 32)، دون أن يُسميه. قبل ذلك بكثير، قال الله عن الخطاة من خلال صاحب المزمور: "لن أذكر أسماءهم بشفتي" (مزمور 15: 4). أما عن الأبرار، فقد قال الرب يسوع: «افرحوا لأن أسماءكم كُتبت في السموات» (لوقا ١٠: ٢٠). فهو يضع هذا الفرح فوق كل الأفراح الأخرى، حتى فوق الفرح الذي شعر به الرسل عندما أدركوا أن الأرواح خاضعة لهم.
أي شرٍّ اقترفه هذا الرجل حتى لا يذكر الرب اسمه؟ لم يتهمه الرب بالسرقة، أو الكذب، أو الزنا، أو الجريمة، أو الخيانة لله، أو الطريقة التي اكتسب بها ثروته. فلماذا اتهمه الرب إذن؟ لكن التهمة الحية وقفت أمام باب قصره. لم تكن مكتوبة على ورق بالحبر، بل بجراح وقروح على جسد رجل حي. لا شك أن الرجل الغني كان لديه كل الأهواء والرذائل التي تجلبها الثروة حتمًا مع الشخص التافه. من يرتدي ملابس فاخرة كل يوم، ويأكل ويشرب ببذخ، ويقضي وقته في الملذات والمتع، لا مكان فيه لمخافة الله. لا يستطيع أن يكبح لسانه عن النميمة، وبطنه عن الشراهة، وقلبه عن الكبرياء والغرور، واحتقار الآخرين، واحتقار أمور الله. كل هذا يقود الإنسان حتمًا إلى الشهوانية والخداع والانتقام والجريمة ورفض الله. مع ذلك لم يذكر الرب أيًا من هذه الخطايا والرذائل عن الرجل الغني. من المثل يتضح إثم واحد فقط عن الرجل الغني: احتقاره المفرط للعازر المسكين، ومرضه وفقره.
لو كان لعازر رجلاً معافى، يرتدي حريرًا، ويقف عند الباب، لاستقبله الغني ودعاه إلى مائدته. كان سيرحب به ويدعوه كإنسان. لكن الغني لم يرَ ولم يتعرف على إنسان في لعازر، وسط فقره وجروحه. احتقر هذا المخلوق الإلهي كما لو كان غير موجود. حوّل نظره إلى مكان آخر كي لا يراه ويلوث عمله. اعتبر ثروته ملكًا له وحده، لا قرضًا أخذه من الله. دفن الوزنة التي وهبها الله له في تراب جسده، فلم ينتفع بها أحد. أُعطي قلبه "في اللهو والسكر" (لوقا ١١: ٣٤). لم يكن لديه عالم روحي وقيم روحية. لم يرَ إلا بعينيه الجسديتين، وسمع بأذنيه الجسديتين، وعاش حياةً زاخرةً بالجسد.
كانت روح الغني مليئةً بالجراح، كما كان جسد لعازر. كانت روحه صورة حقيقية لجسد لعازر، وجسد لعازر صورة حقيقية لنفسه. وهكذا وضع الله شخصين على الأرض ليكونا مرآة لبعضهما البعض. أحدهما عاش في القصر والآخر عند الباب. كان بهاء الرجل الغني الخارجي يعكس الحالة الداخلية لعازر. وكان المظهر الخارجي لجروح لعازر يعكس الحالة الداخلية للرجل الغني. هل كان من الضروري أن يعدد الرب جميع خطايا الرجل الغني؟ لكنها كانت واضحة للوهلة الأولى، وكل واحدة منها. إن عدم تعاطف الرجل الغني مع لعازر رفع حجاب روحه وانكشف المستنقع بداخله على الفور، في عينيه وأذنيه وأنفه ولسانه.
هذه هي صورة شخصين يعيشان على الأرض: اسم أحدهما معروف لدى الناس ويُذكر دائمًا بتعاطف؛ أما اسم الآخر فلا أحد يعرفه، ولا أحد يهتم بمعرفته. والآن سنرى صورة هذين الشخصين في السماء.
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس
إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
القنداق باللَّحن الثاني
يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.