موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٥ مارس / آذار ٢٠٢٣

«شطح نطح»!

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

ما عاد يصدمني ولا يفاجئني ولا يثير دهشتي تلك الفئة التي تصر على التمادي مع أول فرصة للتراخي أو الانطلاق فتبادر بما هو متهور أو مسيئ أو عدواني. يقال فيهم: أول ما شطح نطح! تلك فئة إما تثير فيّ الضحك أو الشفقة. من المضحك المبكي حقا، ليس الخطأ وإنما الإصرار على تكراره. فلماذا ينطح هؤلاء؟ ويناطحون من؟!

 

مثال واحد فقط أسوقه للقراء الكرام من حياتنا اليومية نراها في بعض دول العالم. تمنحنا السماء فرصة لتنفس الصعداء. تنقشع غيوم الشتاء وتتراجع نسبة التلوث من المصانع وعوادم السيارات أيام العطلة الأسبوعية، وتهتز الأرض وتربو ببساط ربيعي أخضر مزركش بأزهار برية منها شقائق النعمان التي دائما ما ارتبطت في وجداننا بالشهداء الذين رووا أرضنا المباركة بدمائهم الزكية.. وأنت في قمة الاستجمام والامتنان، تخرج عليك من حيث لا تدري صورة صادمة!

 

«شطحت» قلة قليلة من الناس، ف «نطحت» من حولها بمخلفات رحلتها المجانية في الفضاء العام وفي الأرض «الميري» (الأميرية)..

 

للأسف، وبعد كل حملات التوعية هذه، لا تجدي الكلمة والصورة في عالم «المناطحة»! لا بد من الردع ومن ضمنه تسمية الأشياء بأسمائها. هذا الفعل مناف للحضارة وللدين وللأخلاق. هذا الفعل فيه اعتداء على الأملاك العامة، وفي كثير من الحالات الخاصة لجوارها لمنازل في مناطق حرجية. هذا السلوك العدواني، يخدش صورنا الجميلة التي تملأ الفضاء الإلكتروني من محبي الأردن وعشاق ربيعه وصيفه. نعم، فلهذين الفصلين مواسم سياحية تدر علينا الملايين ويوما ما بعون الله، المليارات.

 

في حملات التوعية الجماهيرية والوطنية، لا بد من تحفيز الجميع على المشاركة في التوعية، وإن لزم الأمر ضبط واقعة الاعتداء. من حق الناس أن تصور هذا الفعل المشين ولا تبثه على منصاتها، ولكن ترسله إلى رقم تعلن عنه وزارة البيئة مثلا أو مديرية الأمن العام وهي العين الساهرة بحق التي يعنيها كل شيء ما دام يخص الأردن وسلامه وسلامته. وأظن أن هذه الأرقام متوفرة، لكن ينقصها الترويج.

 

قد لا تكفي الغرامات المالية. إشهار الأسماء والصور والفيديوهات، يشكّل عامل ردع، مع اكتسابه قوة الضغط الداخلي، كأن يكون من الأسرة أو الجيران أو الزملاء. من يصر على تحويل أجمل الأماكن إلى «مزابل» لا يمثل إلا نفسه، لكنه يسيء إلينا جميعا. وهذا ليس من حق أي «ناطح» مهما كبر رأسه أو يبس!! نسمي الرحلة بالعاميّة «شطحة» أو رحلة، والحل ليس فقط بتوفير سلال المهملات التي ترهق ميزانيات البلديات، حيث من الأسلم والأفضل أن يأخذ المتنزهون مخلفاتهم معهم ويلقوا بها في مكاب نفاياتهم الخاصة في مواقع سكناهم. هذه ممارسة نكبر بها، وتكبر فيها صورة الأردن أمام سواحه. هذا أقل واجب حسن ضيافة من زرناهم. والأفضل مدّ دكاكين القرى الصغيرة، بأسباب الحياة الاقتصادية، فنشتري من عندهم، ما يعبر عن تقديرنا لكرم الضيافة..

 

 

(الدستور الأردنية)