موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٤ مايو / أيار ٢٠٢٣

موكب فرنسيس على جسور بودابست

البابا ينظر إلى نهر الدانوب في العاصمة المجرية بودابست

البابا ينظر إلى نهر الدانوب في العاصمة المجرية بودابست

الاب رفعت بدر :

 

على مدار ثلاثة أيام امتدت زيارة البابا فرنسيس إلى العاصمة المجرية (الهنغارية) بودابست، للقاء بالكنيسة الكاثوليكيّة المحليّة وعلى رأسها الكاردينال بيتر أردو، ولكن أيضًا لتعميق العلاقات الدبلوماسيّة بين الكرسي الرسولي والمجر، بلقائين مع الرئيسة الجديدة للبلاد كاتالين نوفاك ورئيس الوزراء فكتور أوربان.

 

الملفت للنظر أن البابا فرنسيس المثقل بالسنوات والصحة والعمر المديد بإذن الله، قد ركز على دور هنغاريا في مدّ جسور التواصل ما بينها وبين أولاً اللاجئين والمهجرين، وكذلك بين البلدان الأوروبيّة مركزًا على بودابست مدينة التاريخ ومدينة القديسين، ولكن أيضًا مدينة الجسور، و"لؤلؤة نهر الدانوب» كما وصفها، وتحدّث عن أهميتها كجسر واصل وجامع بين الناس. وهذا ما حداني صراحة للتكلم عن هذه الزيارة التاريخيّة، فيما كانت مواكب البابا تعبر جسور بودابست، وددت أن أتحدّث عن صفة الجسور، التي أصبحت ثقافة، كما كان يقول أسلاف فرنسيس? يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر: «علينا أن نتبنى ثقافة بناء الجسور، لا ثقافة بناء الجدران».

 

وبخصوص الجسر قد تحدث البابا فرنسيس عن أوروبا ككل، وليس فقط عن هنغاريا، بأن تكون ليست فردية كبلدان مجزأة، وإنما أن يكون هنالك هذا التعاون ما بين البلدان والتعاون ما بين الأعراق المختلفة التي تشكّل الوحدة الأوروبيّة الواحدة. ولكن بخصوص هنغاريا تكلم عن الجسور بين الكنائس في بعدها المسكوني، والحوار مع الأديان المختلفة، وأيضًا البلدان والأعراق التي تأتي إلى هنغاريا. ونحن في الأردن فخورون صراحة بأن يكون لدينا عدد كبير من الطلاب الذين درسوا على مدار السنوات الماضية، ويدرسون حاليًا، في الجامعات الهنغاريّة نظرًا لل?عليم المميّز هناك، وبفضل الجهود الثقافية الكبيرة التي تبذلها السفارة الهنغارية في عمّان ممثلة حاليًا بالسفير أتيلا كالي، وأيضًا القنصل الفخري للأردن في بودابست السيد زيد نفاع الذي يبذل مجهودًا كبيرًا صراحة بحصول طلابنا على المنح الدراسيّة، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي في الأردن، بالإضافة إلى تشجيعه الدائم للسياحة إلى الأردن، وحضوره المؤثر على الساحات الاجتماعيّة والثقافية والسياسيّة.

 

كم نحن فعلاً بحاجة إلى «ثقافة الجسور» في حياتنا، وثقافة التواصل وثقافة العمل المشترك والتعاون ما بين البشر، لإنجاز مهمات كبيرة أو صغيرة في هذه الحياة. إنّ ثقافة الجسور تعني التعاون والاحترام والروح البناءة، وأن يعدّ كل إنسان نفسه مساهمًا في بناء الحضارة الإنسانيةّ، وليس بروح فردية وإنما بروح جماعية. وقد طلب البابا فرنسيس من هنغاريا وجاراتها، ألا تغلق الأبواب أبدًا وإنما أن تفتحها. هذا طبعًا يتطلّب قرارات سياسيّة وليس فقط قرارات اجتماعيّة بادخال اللاجئين، حيث قامت هنغاريا في السنة الماضية باستضافة ما لا يقل?عن مليون ونصف لاجىء، معظمهم من أوكرانيا. ونعرف في بلادنا الاعباء الكبيرة التي تتحملها البلاد المستضيفة للاشخاص الفارين من النيران في بلدانهم.

 

ولعلّ هذه الزيارة مناسبة لتوجيه التحيّة للحكومة الهنغارية، التي كانت الوحيدة، التي قدّمت اسهامًا ماديًا لاستكمال بناء كنيسة معمودية السيد المسيح في المغطس، الأمر الذي سيفيد الحجاج روحيًّا، ويعود بالخير الاقتصادي على بلدنا. لذلك أرسل موقع أبونا الإلكتروني، ومقرّه في الأردن، وفدًا مكوّنًا من ثلاثة صحفيين الى هنغاريا لتغطية زيارة البابا، كعربون شكر وتقدير لهذا البلد الاوروبي الذي يمدّ جسرًا متينًا من الصداقة بينه وبين مجتمعنا وكنائسنا في بلدنا الأردن الحبيب.

 

عاشت ثقافة بناء الجسور، وعاش المروّجون لها...