موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٤ يونيو / حزيران ٢٠٢٣

فسيفساء العرس الوطني

فسيفساء العرس الوطني

فسيفساء العرس الوطني

الاب رفعت بدر :

 

قرعت أجراس كنائس عمّان وشقيقاتها في كل أرجاء الوطن بأنغام احتفالية، فرحًا وسرورًا، بالحدث الوطني الذي جلب الفرح الغامر والعامر في القلوب والبيوت والشوارع، وكل الميادين في هذا الحمى أمست مسارح فرح وابتهاج. وكانت الأجراس علامة على الصلاة من أجل الوطن الحبيب، ليحفظه الرب ويرعاه ويبقى منارة عالية من الانفتاح والأفراح وحسن الاستقبال وتصدير الفرح الكبير، وليبقى الوطن موحدًا واحدًا، يعتز بوحدة أبنائه وتلاحمهم في السراء والضراء.

 

وإذا كان وطننا يحتوي تحت تربته العديد من اللوحات الفسيفسائيّة التي تم الكشف عنها، منذ القرون الاولى، وتلك التي ما زالت مخبأة، ونفتخر بالمدارس التي علمت الفسيفساء منذ القرن الرابع وبالأخص في مدينة مادبا، إلا أن اللوحة الفسيفسائية التي رسمها الأردنيون في هذه الأيام ستبقى محفورة في التاريخ، تعبر عن اللحمة والحضارة والأخوّة والأمانة للتاريخ المجيد. انها الفسيفساء الحية المرسومة بالحجارة الحية من ابناء الاردن وزوّاره وحجاجه، والتي أخذت هذه الايام دماء جدديدة ومتجددة.

 

في رغدان العامر، كان اللقاء الجماهيري بين الملك وشعبه، ليعبِّر عن اللوحات الفسيفسائية الحديثة، عبر الأهازيج والدبكات والرقصات التي لم تستثن منطقة من الوطن، من شماله وجنوبه وشرقه وغربه. وكان للأخوة الشراكسة إسهامهم الجميل المتناسق، ليعبَّر عن الأردن أرض الاستقبال والاحتضان والاندماج، والحفاظ على العادات والتقاليد الإنسانية. كما كان لحضور البطاركة والاساقفة والكهنة من القدس وعمّان، ومحافظات الاردن، ومن مختلف الكنائس الغنية بطقوسها وتقاليدها، اجمل انعكاس لما يعيشه الاردن وجارته فلسطين، من تلاحم بين المسلمين و?لمسيحيين، ومشاركتهم باي حدث وطني جامع.

 

وفي زهران العامر، صدح صوت رجل الدين المميز إمام الحضرة الهاشمية أحمد الخلايلة، ليعبِّر باسم الأردنيين عن الفرح العامر وأمنياتهم بالسعادة للعائلة الجديدة. رأيته بعد عرس الأميرة إيمان وهنأته على كلامه الطيب، فقال لي: يا أبونا، حين رأيت الفرح في عيون صاحبي الجلالة الملك والملكة، أخرجت ذاك الكلام. وقد قابلت سماحته قبل أيام في عيد الاستقلال في رغدان، فقلت له يا سيدي الشيخ، العالم بانتظار ديباجة الكلام الذي ستبارك فيه عرس سمو الأمير. وقد أبدع بالفعل بالتعبير الجميل واللغة المتينة وأصدر من القلب قبل اللسان ما يجول في خواطر الأردنيين وقلوبهم الممتنة لله على نعمة الامن والاستقرار، والداعية بالخير لجميع من فرحوا معنا في العالم.

 

وفي الحسينية التي وصل إليها الموكب، عبر شوارع ازدانت بلوحات فسيفسائية جميلة في التنظيم والفرح العفوي والصادق لأبناء الأردن، ولمن يسكنون في الأردن ويرون فيه بيتهم الدافئ، تأكد أنّ هذا العرس لم يستثنِ أحدًا، وقد فرح به العالم وانتظرناه بحب وأدعية صادقة ونيات حسنة، ليكون زواجًا سعيدًا ومباركًا. وكم كان جميلا على سبيل المثال ان نرى احتفالات أهالي مخيم الزعتري، اذ كانت عنوانا يقول بان من يأتي الاردن لاجئا، سيصبح ابنا لهذا الوطن، ويشترك بافراحه الشاملة.

 

فكل أمنيات الخير لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، وسمو الأميرة رجوة الحسين، ولصاحبي الجلالة الوالدين العزيزين الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبدالله. ولكلّ الأجهزة الأمنيّة والجيش والإعلام والتشريفات والفنانين ورجال الدين نقول الله يعطيكم العافية. ومع قرع أجراس الكنائس، صلواتنا من أجل الأردن أن يبقى بهذه الصورة البراقة بفرحها ووحدتها الوطنية.

 

ولجلالة الملك، نقول: كفيت ووفيت سيدنا، بيتكم عامر على الدوام.