موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥

زيارة ملكيّة تؤكّد عمق الصداقة بين الأردن والفاتيكان

زيارة ملكيّة تؤكّد عمق الصداقة بين الأردن والفاتيكان

زيارة ملكيّة تؤكّد عمق الصداقة بين الأردن والفاتيكان

الأب رفعت بدر :

 

بفخرٍ واعتزاز، تابعنا الزيارة التاريخيّة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني يرافقه جلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو الأمير غازي بن محمد إلى حاضرة الفاتيكان، وهي الزيارة المنتظرة لكي يُهنئ جلالته قداسة البابا لاون الرابع عشر باعتلائه الرئاسة البطرسيّة للكنيسة الكاثوليكيّة المنتشرة في العالم، وللتأكيد على صلابة ومتانة العلاقة بين الأردن والفاتيكان.

 

وكما صدر في البيان الرسميّ في الأردن، فإنّ هذه الزيارة جاءت لتمتين العلاقات الطيبة التي توصف دائمًا بأنها علاقات صداقة بين المملكة الأردنيّة الهاشمية وحاضرة الفاتيكان، المعروفة في العلاقات الدوليّة والدبلوماسيّة باسم "الكرسي الرسولي".

 

إنّ العلاقات الأردنيّة-الفاتيكانيّة، التي احتفلنا العام الماضي بمرور 30 عامًا على إنشائها رسميًّا، هي في الواقع أكبر وأعمق من ذلك بكثير. فالأردن كان أوّل محطة لزيارة البابا بولس السادس عام 1964، أي قبل ثلاثين عامًا من إقامة العلاقات بشكل رسمي. وتبعت ذلك زيارات متبادلة بين الملك الراحل الحسين بن طلال، وصولاً إلى جلالة الملك عبدالله الثاني الذي زار الفاتيكان أمس، في سلسلة من اللقاءات الملكيّة شملت أربعة بابوات تعاقبوا على الكرسي الرسولي، ما يعكس استمراريّة التواصل والعلاقة المتميّزة بين عمّان وحاضرة الفاتيكان.

 

إنّ العلاقة بين الأردن والفاتيكان هي علاقة مقدّسة، لأنّ الأردن هو أرض مقدّسة. وقد جرى التركيز على هذه الحقيقة، كما تمّ الإشادة بدور الأردن في الحفاظ على المقدّسات، وهي عبارة تحمل في طيّاتها معاني كثيرة، إذ إنّ المقدّسات في كل شبر من ثرى أردننا المبارك، وفي كلّ قطرة ماء من نهرنا الكريم، هي إرث تاريخي عميق، ويدلّ على الحضور المسيحي الأصيل والمتجذّر في تاريخ هذا الوطن العزيز.

 

كما شكّلت الزيارة دعوة إلى زيارة الأماكن المقدّسة، وبالأخص موقع عمّاد السيد المسيح (المغطس) الذي ورد ذكره مرتين في البيان الرسمي: الأولى للإشادة بدور الأردن في رعاية المقدّسات، والثانية، وهي مصدر فخر واعتزاز خاص، من خلال دعوة جلالة الملك لقداسة البابا لزيارة الموقع في الجهة الشرقية لنهر الأردن. ويؤكد ذلك مجددًا أن الأردن هو أرض مقدّسة، وأنّ زيارة البابوات لهذه الأرض، كما حصل في أربع مناسبات متتالية، تُعدّ حجًا روحيًّا، وتشجيعًا لأبناء الكنيسة الكاثوليكيّة وسائر المسيحيين في العالم على زيارة الأماكن المقدّسة في الأردن، والتبرّك بمياه نهر الأردن المباركة.

 

كانت الزيارة أيضًا تأكيدًا على الوصاية الهاشميّة الأردنيّة التي يتولاها جلالة الملك على المقدّسات في مدينة القدس الشريف. وهنا يمكن الإشارة إلى أمرين أساسيين: أولاً، الدعوة إلى إحلال السلام في فلسطين ومواصلة مسيرة السلام التي بدأت خيوطها تتبلور بشكل إيجابي، والتي تمثلت بوقف إطلاق النار، غير أنّ الدعوة المشتركة كانت لضمان تنفيذ المقرّرات، وإيصال المساعدات الإنسانيّة، والبحث عن حلّ نهائي وعادل للقضية الفلسطينيّة في إطار حلّ الدولتين. وهذا ما يُركّز عليه جلالة الملك باستمرار، سواء في مقابلته الأخيرة مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، أو خلال زياراته المتتالية في هذه الأيام، إذ يؤكد جلالته أنّ حلّ القضية الفلسطينيّة هو أمر جوهري لمعالجة كثير من المعضلات الإقليميّة ولتحقيق السلام العالميّ الشامل.

 

كلّنا في انتظار جواب إيجابي من حاضرة الفاتيكان، لكي يأتي قداسة البابا لاون ويكون الحبر الأعظم الخامس الذي يزور الأردن، والرابع في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، ولا سيّما أنّنا نعيش في هذه السنة التحضيريّة للخمسية المؤديّة إلى عام 2030، حيث سيُحيي العالم، ومعه التاريخ المسيحي والسياحة الدينيّة، مرور ألفي عام على عمّاد السيد المسيح. إنّها ذكرى طيبة وتاريخيّة نأمل أن نستعد لها جيدًا بالتعاون مع جميع شركائنا وداعمينا، وفي مقدمتهم حاضرة الفاتيكان إذ إنّ زيارة البابا المأمولة ستكون حافزًا وتشجيعًا للمؤمنين في أنحاء العالم ليأتوا إلى الأردن ويحجّوا إلى أرضنا المعطّرة بالقداسة.