موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب أهميّة دور الأديان وصوتها في عالم اليوم "المطبوع بالأهوال والكوارث، والعبث بالأرواح وحرمة الدماء، والسخرية من قيم الأديان وضوابط الأخلاق والفطرة الإنسانيّة، والاستهانة بحقوق المظلومين والمستضعفين والمعذبين في الأرض".
وأشار في الكلمة الافتتاحيّة التي ألقاها في مؤتمر "جرأة السلام"، 10 أيلول 2023، المنظم من قبل جمعية "سانت إيجيديو" الكاثوليكيّة، بالعاصمة الألمانيّة برلين، إلى أنّ العقود الأولى من الألفية الثالثة، وبمقدار ما حملته من تقدّم مذهل وقفزات مدهشة، إلا أنه لم يواكبه تقدّم موازٍ في مجال المسؤولية الأخلاقيّة، والإصغاء لنداء الضمير والالتزام بالفطرة الإلهيّة التي فطر الله الناس عليها.
ولفت إلى أنّ صليل الأسلحة وطبول الحروب، ودماءَ القتلى، وأنين الضحايا، وخسارة الأموال التي تحسب بالمليارات والتريليونات، كان الحقيقة المُـرّة والواقع الأليم الذي صحت عليه الإنسانيّة في الشرق وفي الغرب أيضًا. وأشار إلى تجربته الشخصيّة مع حروب العالم التي عاصرها، والحروب التي ما تزال مشتعلة في العالم والتي "لا نعلم متى تكون نهايتها، ولا على أي وضع ستكون".
واستعرض فضيلته أهميّة الأديان في حل مشاكل العالم المعاصر.
وقال: لا أمل في الخروج من أزمة عالمنا المعاصر إلا بالاستنارة بهدي الدين الإلهي كما أنزله الله، هدى ورحمة للناس، لا كما يتاجر به بعض أبنائه في سوق السياسات وبورصة الانتخابات، ومن أجل ذلك شدّدت الرحال إلى الصديق العزيز البابا فرنسيس، وتواصلت معه فترة طويلة، توجت بإعلان وثيقة الأخوّة الإنسانيّة، التي وقعناها في أبوظبي عام 2019، وهي وثيقة تنطلق أصولاً وفروعًا من القيم الإنسانية، ومن مقاصد الأديان.
واعتبر أنّ حوادث حرق المصحف في بعض الدول الغربيّة هي "أعمال فرديّة طائشة"، وتعبير عن "مزاج شخصي منحرف أو مرض عصبي". إلا أنّه انتقد، من جهة ثانية، قيام بعض الحكومات الغربيّة بدعم هذه الحوادث المستفزة تحت ستار حرية التعبير.
وأوضح بأنّ هذا "استخفاف ساذج بالعقول"، وما تعارفت عليه الإنسانيّة من التفرقة الحاسمة بين حرية التعبير وحرية الفوضى في الاعتداء على الآخرين وعلى مقدساتهم"، لافتًا إلى أنّ بعض دول الغرب تتخذ من الحرية ستارًا تخفي وراءه كرهها وبغضها للأديان.
وأكد أنّ المسلمين، وفي مقدمتهم مؤسّسة الأزهر، قد أعربوا عن رفضهم لجريمة حرق الكنائس وهدمها في باكستان، حيث أعلن الأزهر في بيانه أنّ جريمة حرق الكنائس تعادل جريمة حرق المصاحف في الإثم والعدوان، وهذا هو موقف المسلمين الثابت والمنطلق من القرآن الكريم.
وأشار شيخ الأزهر إلى أنّ "الظلم الذي لحق المرأة المسلمة في دولة إسلامية عريقة هي دولة أفغانستان، وصادر عليها حقها في التعلم والتعليم، وحقها في خدمة مجتمعها وممارسة الوظائف المناسبة لطبيعتها، وكل هذه حقوق أقرها الإسلام للمرأة ودعاها إليها منذ ما يقرب من ألف وخمسمائة عام من الزمان".
ولفت إلى "الظلم الذي يلحق نظام الأسرة الذي استقرّت عليه البشرية منذ أبيها آدم، ويشوّه فطرتها، ويعبث بمصائر أطفالها وحقوقهم وكلها توجهات ترفضها الأديان، وتحذر من خطرها، وأنها إن تركت تدرج في هذا المسار الخاطئ؛ فإنها ستبيد -لا محالة- هذا الجنس البشري".
كما أشار إلى "خاتمة المآسي والآلام"، وهو "حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه وعيشه على أرضه، وصمت العالم المتحضر عن هذه المأساة الإنسانيّة التي طال عليها الأمد".
واختتم بالقول: إذا كنتم تتفقون في الحقيقة التي تقول إن العالم كله أصبح اليوم وكأنه قرية واحدة، فهل نتفق على القول بأن سلام العالم مرتبط أشد الارتباط بسلام الشعوب، وأن المنطق الذي يقرّر أنه لا يسلم الكل إلا إذا سلم الجزء، يقرر بنفس الدرجة أنه لا سلام في أوروبا بدون سلام الشرق الأوسط، وبخاصة: سلام فلسطين، ولا سلام في آسيا بدون سلام أفريقيا، ولا سلام في أمريكا الشمالية بدون سلام أمريكا الجنوبية.