موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تحت عنوان "عرفاه عند كسر الخبز"، ألقى بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان عظته مترئسًا في كنيسة بيت عنيا القداس الإلهي في اليوم الثالث من أعمال الجمعيّة السينودسية القاريّة لكنائس الشرق الأوسط، والمنعقدة في لبنان.
وقال: استمعنا الى شخصيتين من أهم الذين نقلوا الينا بشارة الخلاص: بولس رسول الأمم من ترسوس ولوقا الإنجيلي من انطاكيا سوريا. هاتان المدينتان قد تعرّضتا منذ ايام كما تعلمون الى زلزال هو الأضخم في التاريخ المعاصر. لقد زرتُ حلب المنكوبة قبل ايام، ورافقني اخي يوحنا بطرس موشي، المطران السابق للموصل العراق. وعاينتُ في وجوه الساكنين هناك الخوف والقلق، ولكنني كم أُعجبتُ وتعزّيتُ بإيمان مَن التقينا وشهادتهم، وبعيشهم المحبة الصادقة والتضامن الفعلي، بينهم من أفراد وجماعات، بمختلف طبقاتهم الاجتماعية، طوائفهم ودينهم!
أضاف: "ابقَ معنا فقد حان المساء ومال النهار"، كلنا قرأنا وسمعنا هذا الحدث الرائع الذي تفرّد لوقا بسرده: ظهور الرب يسوع المنبعث من القبر للتلميذين على طريق عماوس. أحدهما مذكور اسمه كليوبا. كانا سائرين يتحادثان ويتجادلان حول ما حصل لمعلهما الإلهي، الذي كانا ينتظرانه مسيحاً جبّاراً يخلّص شعبه من إحتلال الغرباء... كانا خائفين وقلقين دون شك لأنهما شعرا بالفشل. وإذا بيسوع المنبعث يأتي اليهما، ويرافقهما في الطريق، ويشرح لهما سرّ آلامه وموته وقيامته، وعلى المائدة الافخارستية يعرفانه، فينطلاقان للفور عائدين الى أورشليم، كي يبشّرا إخوتهما بفرح القيامة.
تابع: يذكّر بولس بأن الروح القدس الذي يرافق الكنيسة ويغمرها بمواهبه المتعددة، يجعل منهم بل يحوّلهم الى أعضاء حيّة وموَحِّدة في جسد المسيح السرّي. هو الروح القدس الذي يوزّع العطايا الروحية، كما هو اليوم. يُلهِم ويقوّي ويرافقنا جميعاً، نحن المعمّدين والمعمدات، نحن الاكليروس من كهنة واساقفة، من رهبان وراهبات وشمامسة ومكرسين ومكرسات، للكرازة بالبشرى السارة بين إخوتنا وأخواتنا بشجاعة وحق وسلام. لأن نعمة الخلاص ليست حكراً علينا ولا هي من امتيازاتنا، بل هي لخلاص جميع الذين يتوقون الى سماعها. وهي الشهادة الحقة والفاعلة التي ميّزت الكنيسة على مدى العصور، بالرغم من الضعف البشري والأخطاء. هذه المواهب ليست للإعتداد الشخصي بالإنجازات العلمية او الاجتماعية، وليست للتميز على الآخرين أوللمكافأة والكرامة، بل هي للخدمة بالوداعة والتواضع حسب قلب الرب.
وختم بالقول: "وكيف عرفاه عند كسر الخبز"، حسب طقس كنيستنا السريانية نستعد في هذه الايام للدخول في زمن الصوم الكبير. والأحد القادم نحتفل بعرس قانا الجليل، وهو تذكيرٌ لنا بأن هذا الزمن الطقسي ليس للخوف والعبس والقلق والإنغلاق على الذات، بل هو زمن الفرح والرجاء والإنفتاح على الآخرين، لا سيما الذين يحتاجون الى محبتنا. وكيف لا نعرف الرب الفادي المنبعث من القبر الفارغ، ونحن نتابع الإحتفال بذبيحته الخلاصية؟