موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٢ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١
البابا فرنسيس يصل العاصمة السلوفاكية براتيسلافا، ويلتقي بوفد المجلس المسكوني

فاتيكان نيوز :

 

وصل البابا فرنسيس في حوالي الرابعة من بعد الظهر العاصمة السلوفاكية براتيسلافا قادما من بودابست لتبدأ هكذا المرحلة الثانية في زيارته الرسولية. وقد غادر الأب الأقدس العاصمة المجرية في الثالثة من بعد الظهر وذلك عقب ترأسه القداس الإلهي الختامي للمؤتمر القرباني.

 

وكانت في استقبال البابا فرنسيس في مطار براتيسلافا رئيسة جمهورية سلوفاكيا زوزانا تشابوتوفا، ثم aعُقد لقاء بينهما قبل أن يتوجه الأب الأقدس إلى مقر السفارة البابوية حيث يبدأ برنامج زيارته الرسولية بلقاء مع وفد مجلس الكنائس المسكوني في سلوفاكيا.

 

وفد المجلس المسكوني

 

التقى البابا عصر الأحد ممثلي مجلس الكنائس المسكوني في سلوفاكيا وذلك في مقر السفارة البابوية.

 

وقال في كلمته "أنا سعيد بأن يكون الاجتماع الأول معكم: هذه علامة على أن الإيمان المسيحي هو، ويريد أن يكون، في هذا البلد بذرة الوحدة وخميرة الأخوّة". تحدث قداسة البابا بعد ذلك عما وصفه بانطلاقة جديدة "بعد سني الاضطهاد زمن الإلحاد، عندما كانت الحرية الدينية ممنوعة أو كانت في محنة شديدة وأخيرا أصبحت متاحة". وتابع: "والآن، يجمعكم معا جزء من الطريق الذي فيه تختبرون كم هو جميل، ولكن في الوقت نفسه كم هو صعب، أن تعيشوا الإيمان وأنتم أحرار".

 

وحذر قداسته من خطر أن نعود عبيدًا، بل ومن عبودية أسوأ، ألا وهي العبودية الداخلية. وذكَّر بما جاء في قصة "المحقق الكبير" في رواية "الأخوة كرامازوف" والتي يتخيل فيها الكاتب الروسي دوستويفسكي أن يسوع قد عاد إلى الأرض وسُجن ويوجه إليه المحقق كلمات لاذعة متهما إياه بأنه أعطى أهمية كبيرة لحرية البشر. ويضيف المحقق حسب ما واصل قداسته "أن البشر على استعداد لمقايضة حريتهم طوعًا بعبودية مريحة، وهي إخضاع أنفسهم لمن يقرر نيابة عنهم، شرط أن يحصلوا على الخبز والأمان". وهكذا وصل، "إلى أن يؤنب يسوع لعدم رغبته في أن يصبح قيصرًا فيضغط على ضمير البشر ويقيم السلام بالقوة. بدلا من ذلك، استمر في تفضيل الحرية للإنسان، بينما الإنسان يطالب بـ"الخبز وبشيء قليل غيره"". وشدد على ألا يحدث لنا هذا، وقال: "لنساعد بعضنا بعضًا لعدم الوقوع في فخ الاكتفاء بالخبز وبشيء قليل غيره. لأن هذا الخطر يحدث عندما يصبح الوضع طبيعيًا، وعندما نستقر ونستتب ونطمع فقط في الحفاظ على حياة هادئة. لذا، ما نهدف إليه لم يعد "حريتنا التي نحن عليها في المسيح يسوع، ولا حقيقته التي تجعلنا أحرارا، بل أن نملك مساحات وامتيازات، والذي بحسب الإنجيل هو "خبز وشيء قليل غيره".

 

وقال: "هنا، من قلب أوروبا، نتساءل: هل فقدنا نحن المسيحيين حماسة الإعلان ونبوءة الشهادة؟ وواصل التساؤل إن كانت حقيقة الإنجيل هي التي تحررنا أم أننا نشعر بالحرية عندما نحصل على "مناطق راحة" تسمح لنا بتدبير أنفسنا ومواصلة السير بهدوء. تساءل أيضا إن كنا باكتفائنا بالخبز والأمن قد فقدنا الاندفاع في البحث عن الوحدة التي طلبها يسوع، الوحدة التي تتطلب حرية ناضجة وخيارات قوية والتخلي والتضحيات، ولكنها هي المقدمة حتى يؤمن العالم. وشدد البابا على ضرورة ألا نهتم فقط "بما يمكن أن ينفع جماعاتنا، فحرية الأخ والأخت هي أيضا حريتنا، لأن حريتنا لا تكتمل من دونه ومن دونها".

 

وذكّر بأن البشارة قد نشأت في هذه المنطقة "بطريقة أخوية، تحمل ختم الأخوين القديسَين من تسالونيقي كيرلس وميثوديوس". وأضاف: "هما، الشاهدان على مسيحية ما زالت موحَّدة ومشتعلة بحماسة الإعلان، فليساعدانا على مواصلة المسيرة من خلال تنمية الشركة الأخوية بيننا باسم يسوع". ثم تساءل الأب الأقدس كيف يمكننا أن نأمل أن تنشأ أوروبا تبحث عن جذورها المسيحية إذا كنا نحن أول من اقتلعنا أنفسنا من الشركة الكاملة؟ وكيف يمكننا أن نحلم بأوروبا خالية من الأيديولوجيات إذا لم تكن لدينا الشجاعة في وضع حرية يسوع قبل احتياجات جماعات المؤمنين المنفردة؟ وأكد أنه من الصعب "أن نطالب بأوروبا يرويها الإنجيل من دون أن نقلق لأننا ما زلنا غير موحَّدين بشكل كامل فيما بيننا في القارة ومن دون أن نهتم بعضنا ببعض". وشدد البابا على أنه "لا يمكن أن تكون حسابات المصالح والأسباب التاريخية والروابط السياسية عقبات لا يمكن إزالتها في طريقنا. ليساعدنا القديسان كيرلس وميثوديوس، رائدا المسكونية، على بذل الجهود من أجل مصالحة التنوع في الروح القدس، من أجل الوحدة التي، من دون أن تكون توحيدا في الشبه والشخصية، تكون علامة وشهادة لحرية المسيح، الرب يسوع الذي يحل قيود الماضي ويشفينا من الخوف وأنواع الجبن".

 

وأراد البابا فرنسيس هنا أن يتقاسم مع المشاركين في اللقاء المسكوني اقتراحين وصفهما بنصيحتين أخويتين لنشر إنجيل الحرية والوحدة اليوم. وتابع أن النصيحة الأولى هي التأمل، وتحدث عن كون التأمل سمة مميزة للشعوب السلافية، داعيًا إلى الحفاظ عليها. ودعا قداسته ممثلي مجلس الكنائس المسكوني في سلوفاكيا إلى أن يساعدوا بعضهم بعضا على تنمية هذا التقليد الروحي، الذي تحتاج إليه أوروبا بشدة، والذي تتعطش إليه على وجه الخصوص الكنيسة الغربية.

 

أما النصيحة الثانية فهي العمل، وقال: إنّ الوحدة لا تتحقق بالنوايا الحسنة والالتزام ببعض القيم المشتركة، ولكن من خلال القيام بشيء معًا من أجل مَن يقربنا بشكل أكبر من الرب، الفقراء، لأن يسوع حاضر فيهم. فالمشاركة في أعمال المحبة تفتح آفاقًا أوسع وتساعد على السير بشكل أسرع، متجاوزين الأحكام السابقة وسوء الفهم. وختم بالقول: "لتكن عطية الله حاضرة على موائد كل واحد منا، لأنه، بينما لا يمكننا بعد المشاركة في المائدة الإفخارستية نفسها، يمكننا استضافة يسوع معا من خلال خدمتنا له في الفقراء. ستكون علامة أبلغ من العديد من الكلمات، وستساعد المجتمع المدني، وخاصة في هذه الفترة الصعبة، على فهم أننا سنخرج كلنا حقا من الجائحة فقط من خلال الوقوف إلى جانب الأضعف بيننا".