موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٨ أغسطس / آب ٢٠٢٢
العذراء في السماء نفسًا وجسدًا

أشخين ديمرجيان :

 

تحتفل الكنائس الأرثوذكسية اليوم، بعيد رقاد السيّدة العذراء مريم، وتُكرّم العذراء دائمة البتولية الإكرام اللائق بها، وهي التي أطاعت الربّ طاعة كاملة فأصبحت إناء لنعمة روح القدّوس.

 

تقول العذراء: "لقد أرادني الله في السماء جسدًا ونفسًا، لأنني الشهادة الأكيدة لما فكَّر به الخالق وشاءه للكائن البشري: حياة بريئة من دون خطيئة وعبور من هذه الحياة إلى الحياة الكاملة، كمن يجتاز عتبة منزلٍ ليدخل قصرا..." (دفاتر ماريا فالتورتا).

 

أيّتها العذراء لقد جُعِلتِ وابنك آية  للناس وللدهور! أنت تحفة لا مثيل لها تعيش في بهاء المجد... قدّسك الله قبل أن تكوني... واختارك أمًّا للسيّد المسيح منذ الازل. أنتِ الطاهرة وحدها نفسًا وجسدًا في جمعها بين البتوليّة والأمومة، كاملة القداسة، مباركة في النساء، مصطفاة "على نساء العالمين".

 

لذلك إنّ تكريم سيّدتنا مريم العذراء منها السلام، في الكتاب المقدّس والطقوس الكنسيّة والصلوات توارثته الأجيال منذ قديم الزمان. كما أنّ الكنائس الشرقية والآباء الشرقيون يشيدون بقداسة العذراء مريم، المرأة التي سحقت رأس إبليس. ويُقابل القدّيس أفرام السرياني بينها وبين حوّاء بقوله: "إحداهما أي حواء صارت من بعد سبب موتنا، والأخرى أي مريم العذراء سبب حياتنا". لقد وعد الله أبوينا الأوّلين بأنّ نسل المرأة يسحق رأس الحية (تكوين 3: 15).  وهذا يرمز إلى الغلبة النهائيّة على الخطيئة والشيطان والموت على يد أمّنا العذراء مريم.

 

ويتغنّى القدّيس يوحنا الدمشقي بقداسة وطهارة العذراء: "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بالتي كانت مُعَدّة لتتقبّل السيّد المسيح في أحشائها.  واعتصامها بالقداسة مكّنها أن تصير هيكلاً مقدّسًا". ومريم طاهرة منذ بدء كيانها. ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقوَ على النّفاذ إليها"، ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً".

 

ويجد المرء أيضاً  تقليداً آخر بهذا المعنى أي أنّ الشيطان ما استطاع أن ينخس لا بالسيّد المسيح ولا بوالدته. لذلك تكرّمها الكنيسة بحقّ بشعائر خاصّة. والواقع أنّ العذراء الطوباويّة ، منذ أبعد الأزمنة ، قد حظيت بالإكرام بسبب "سلامتها من الخطيئة الأصليّة".

 

وعقيدة الكنيسة في تكريم العذراء تكريمًا خاصًا عقيدة ثابتة منذ فجر المسيحية وانطلاقًا من الكتب المقدّسة. لنتقدّم من العذراء مريم "المُنزّهة من الخطيئة" بكلّ ثقة ومن غير تردّد ملتمسين منها الوجاهة والعون، كما فعلت في عرس قانا الجليل فأكرمها ابنها وأسعد قلوب العروسين والمدعوّين (عن يوحنّا 2: 1 -11).

 

نضرع إلى الله أن يفيض حنان الوالدة العذراء مريم في عائلاتنا ومجتمعاتنا والعالم أجمع. ولتُرافقنا في أحزاننا وضيقاتنا دموع السيدة أمّ الأوجاع. وتقودنا بقداستها إلى دروب الربّ وأنوار الأفراح الأزلية! "يا أُمّنا المنطلقة إلى السماء تاركة إيّانا على الأرض، باركينا البركة الأخيرة ولا تنسينا نحن المساكين". آمين! (من كتاب أمجاد مريم).