موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٤ يوليو / تموز ٢٠٢٢
التكنولوجيا... إبداعات وخيبات!

أشخين ديمرجيان :

 

في هذا الصدد، وفي انتظار ما تُخبؤه لنا التكنولوجيا من إبداعات وخيبات، ينبغي أن نعي آثارها السلبيّة والإيجابيّة، ونشكّلها لخير البشريّة لا أن تشكّلنا هي على هواها، وأن نحافظ على إيماننا وتقاليدنا وعاداتنا وتراثنا. والقاعدة الذهبيّة التي علّمنا إيّاها السيّد المسيح فى مجال العلاقات الإنسانيّة : "كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم هكذا" (لو 6 : 31)، بالعطاء والمحبّة والخدمة والبسمة والتواصل، وكلّها وسائل تُدخل البهجة في القلوب ، وتضمّد الجراحات النفسيّة والجسديّة.

 

أصبحت التكنولوجيا مرتبطة بكلّ جوانب حياتنا. وكلمة تكنولوجيا يونانيّة في الأصل تتكوّن من مقطعين، المقطع الأوّل: Techno ويعنى حرفة أو مهارة أو فنّ،  أمّا المقطع الثاني logia فيعني دراسة أو خطاب. وقد دخل استخدام التكنولوجيا في صناعة المركبات والطائرات والأقمار الصناعيّة والحواسيب والهواتف النقّالة والهواتف الذكيّة والأجهزة اللوحيّة (I pad) وبرامج الجوّال وشبكة الإنترنت والاتّصالات حتّى مفكّرة الجيب، وغيره كثير...

 

ويتبيّن من أبحاث علم النفس الاجتماعي أنّ الفارق بين إيجابيّات التكنولوجيا وسلبيّاتها في العصر الحديث، يتوقّف على مدى استخدام الفرد لها. إذا استخدمها المرء للمعرفة  والتعلّم، أو لمتابعة الأخبار، أو للتواصل مع الأصدقاء، تُصبح النتيجة إيجابيّة. لكن اذا استخدمها لتضييع الوقت، أو أدمن على استخدامها، تنعكس عليه التكنولوجيا  بسلبيّاتها، وتسبّب له اضطرابات في سلوكه الإنساني.

 

ويرى بعض العلماء أنّ تأثير استخدام التكنولوجيا على المجتمع يعود إلى الكيفية التي تُستخدم بها. ولكن يرى آخرون أنه بالرغم من إيجابياتها إلاّ أن سلبياتها طغت على كلّ إيجابياتها، من خلال تأثيرها على منظومة القيم والأخلاق. تهدم التكنولوجيا العلاقات الإنسانيّة والمشاركة الوجدانيّة، وتعكس أحياناً اللامبالاة وعدم احترام الغير: مثل ذاك الرّجل الذي لا ينظر إلى ضيوفه ، بل يغوص في عالم التكنولوجيا، بصحبة تلك الأداة التي تنزلق أصابعه على شاشتها الصغيرة، لتأخذه في صحبتها وتحوّله هو الإنسان الى أداة ، وتصبح هي الآمِر والنّاهي لذلك الإنسان الذي أدمن على استخدامها ليل نهار، في كلّ مكان وزمان.    

 

وهكذا مع تقدّم العلوم والتكنولوجيا الحديثة في حياتنا، ومع استخدامنا للأجهزة بشتّى أنواعها، تدهورت الحضارة البشريّة وساد الانهيار الخلقي. ويستغلّ البعض التطوّر التّقني الذكي من أجل التحكّم بالبشرية والكثافة السكانية وتغيير المناخ أو إرسال الأعاصير أو الزلازل أو النيران لحرق المحاصيل الزراعية أوالمواشي وكلّ ذلك من أجل التسبّب في مجاعات .

 

ينتهك نفر قليل خيرات الطبيعة التي منحها الله لجميع الناس -عن طريق التكنولوجيا- مُعتقدين أنّها ملكيّتهم الخاصة. ناسين أو متناسين "أنّهم أيضاً من تراب الأرض وإلى التراب سيعودون". حبل النجاة يُرسله الله ولا أحد غيره، وهذه فرصتنا للعودة إلى حظيرة الإيمان والتوبة والصوم والصلاة "لكي يكون لنا خير..." (أف 3:6 ) .       

 

خاتمة

 

رسالة العذراء في مديوغوريه إلى العالم في 25 حزيران 2022

 

تشكرنا مريم العذاء على كلّ تضحية وصلاة قدّمناها من أجل نواياها. تحثّنا للعودة إلى الصلاة حتّى يتمكّنَ روحُ القدّوس من العملِ فينا ومن خلالِنا.  وتؤكّد وجودها معنا في هذه الأيّام الّتي يقاتل فيها الشيطان من أجل الحرب والكراهية. وتقول بأنّ الانقسام قويّ والشرّ يعمل في الإنسان أكثر من أيّ وقتٍ مضى. وتشكر كلّ مَن يلبّي دعوتها.