موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في مقابلته العامة الثانية مع المؤمنين بمناسبة اليوبيل، السبت 1 شباط 2025، قدّم البابا فرنسيس تأملاً حول معنى التوبة والرجاء وقوّة الإيمان التحويليّة، مشيرًا إلى أنّ "اليوبيل هو بداية جديدة للنّاس وللأرض، ووقتٌ حيث كلّ شيء يجب أن يُعاد التفكير فيه داخل حلم الله".
وقال البابا فرنسيس أن التوبة هي "تغيير في الاتجاه"، والتي تسمح أن نعاين الأشياء من منظور آخر، موضحًا بأنّ التغيير ليس حدثًا لمرة واحدة، بل عمليّة مستمرّة نبتعد فيها مرارًا وتكرارًا عن طرق التفكير القديمة ونحتضن إمكانيات جديدة.
ولفت قداسته إلى أن خطواتنا نحو أهداف جديدة هو ما سيُولد الرجاء: حتى في عالم مليء بالشرّ والمعاناة، ينشأ الرجاء ينشىء عندما يدرك الأفراد وجود أولئك الذين يعيشون بشكل مختلف - أشخاص يأسرهم تواضعهم وتحوّلهم ويلهمون الآخرين، كما قال.
ولتوضيح هذا الموضوع، سلط البابا فرنسيس الضوء على شخصية مريم المجدليّة التي تجسّد الرحمة التي تُغيّر. وقال: "تظهر في الإنجيل شخصيّة مريم المجدليّة فوق غيرها. لقد شفاها يسوع برحمته (لوقا 8، 2) فتغيّرت. أيّها الإخوة والأخوات، الرّحمة تُغيّرنا، وتُغيّر قلبنا. أعادت الرّحمة مريم المجدليّة من جديد إلى أحلام الله وجعلت لمسيرتها أهدافًا جديدة".
وركز البابا بشكل خاص على رواية يوحنا عن لقاء المجدليّة بالمسيح القائم، ولفت الانتباه إلى أنّ مريم "التفتت". ففي البداية، نظرت مريم إلى داخل القبر وهي تبكي، ثمّ التَفَتَت: فالرّب يسوع القائم من بين الأموات ليس في جهة الموت، بل في جهة الحياة. ثمّ، لمّا سمعت أنّه يناديها باسمها، يقول الإنجيل إنّها التَفَتَت من جديد. وهكذا بدأ ينمو رجاؤها: فالآن ترى القبر، ولكن ليس كما رأته من قبل. ويمكنها أن تمسح دموعها، لأنّها سمعت اسمها: ناداها المعلِّم، وهو وحده يلفظ اسمها بهذه الطّريقة.
من هذا المقطع، أوضح البابا، نتعلّم الرّجاء من مريم المجدليّة. إنّ الإيمان الحقيقي يتطلّب تحوّلًا مستمرًّا، وأن نبقى منفتحين على رؤية الواقع بشكل مختلف. وقال: "ندخلُ العالم الجديد بتوبتنا أكثر من مرّة. فمسيرتنا هي دعوة مستمرّة لنغيّر وِجهَتنا. والرّب يسوع القائم من بين الأموات يأخذنا إلى عالمه، خطوة خطوة، بشرط ألّا ندّعي أنّنا نعرف كلّ شيء مسبقًا".
ودعا البابا أن نسأل أنفسنا: هل أعرف أن ألتَفِت فأرى الأمور بشكل مختلف؟ هل أرغب في أن أتوب؟
وحذر قداسته من أن "الـ’أنا‘ المليئة بالإدعاء والكبرياء، تمنعنا من أن نعرف يسوع القائم من بين الأموات: منظره، اليوم أيضًا، هو منظر أشخاص عاديين كثيرين نتركهم خلفنا. وعندما نبكي ونُحبط، نتركه خلفنا. بدل أن ننظر إلى ظلام الماضي، وإلى القبر الفارغ".
وفي ختام تأمله، دعا البابا فرنسيس المؤمنين إلى أن يتعلّموا من مريم المجدليّة "أن نلتفت نحو الحياة"، "فهناك ينتظرنا المعلّم، ويُنادينا باسمنا. لأنّه في الحياة الحقيقيّة يوجد مكان لنا؛ يوجد مكان لك، ولي، ولكلّ واحد منّا. ولا أحد يمكنه أن يأخذ هذا المكان، لأنّه أُعدّ لنا منذ الأزل".