موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣
البابا فرنسيس: النقد يساعد على النمو، لكنني أرغب في أن يقوموا بذلك مباشرة معي
مقابلة البابا فرنسيس مع وكالة أسوشيتد برس من وفاة بندكتس السادس عشر ("فقدت أبًا") إلى الدعوة إلى عدم التمييز ضد أي شخص، بدءًا من المثليين جنسيًا. ثم العلاقات مع الصين ("الحوار يجب أن يستمر")، والشكوك حول خطورة الأيديولوجية في المسار السينودسي الألماني وقضية روبنيك.

فاتيكان نيوز :

 

وفاة بندكتس السادس عشر، الانتقادات التي ظهرت في بعض الكتب الحديثة، الشذوذ الجنسي "الذي ليس جريمة"، الصحة الشخصية "جيدة" رغم عمره، العلاقات مع الصين، المسار السينودسي الألماني، قصة الانتهاكات التي قام بها الأب اليسوعي ماركو روبنيك. مواضيع كثيرة وآنيّة تناولها البابا فرنسيس في مقابلة جديدة نشرت مساء الأربعاء مع وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.

 

وصف البابا فرنسيس البابا بندكتس السادس عشر "بالرجل النبيل" وأكّد أنه بوفاته قد فقد أبًا، وقال: "بالنسبة لي، كان ضمانة. وإزاء أيِّ شكٍّ كنت أطلب السيارة وأذهب إلى الدير حيث كان يقيم وكنت أسأله". وإذ سُئل سأل خورخي ماريو بيرغوليو مرة أخرى عن استقالته المحتملة، قال إنه إذا تخلى عن الخدمة البطرسيّة، فسيكون "الأسقف الفخري لروما" وسيذهب "للعيش في بيت للإكليروس في روما". "إن خبرت بندكتس السادس عشر – أضاف البابا فرنسيس يقول – قد ولّدت باباوات جددًا يستقيلون لكي يندمجوا مجدّدًا بحرية أكبر". وأوضح البابا فرنسيس أن سلفه كان لا يزال مرتبطًا بمفهوم البابوية وقال: "في هذا الأمر لم يكن حراً تمامًا، لأنه ربما كان يرغب في العودة إلى وطنه ألمانيا ومواصلة دراسة اللاهوت من هناك. لكنه فعل كل ما في وسعه ليكون قريبًا بأكبر شكل ممكن. وكان هذا حلاً وسطًا جيدًا، حلًا جيدًا".

 

كما تأمّل البابا حول حبريته التي ستبلغ 10 سنوات في 13 آذار المقبل؛  في البداية، شرح البابا فرنسيس، قُبل خبر انتخاب حبر أعظم من أمريكا الجنوبية بدهشة داخل الكنيسة وخارجها، ثم ، كما يقول، "بدأوا يرون عيوبي ولم تُعجبهم". فيما يتعلق بالانتقادات التي تلقاها والتي تزامنت جميعها في الفترة الماضية، من خلال الكتب أو الوثائق المتداولة بين الكرادلة الموقعة بأسماء مستعارة، قال البابا فرنسيس إنه بالنسبة له، كما هو الحال بالنسبة للجميع، من الأفضل دائمًا ألا يكون هناك انتقادات "من أجل راحة البال": "إنها مثل مرضٍ طفحي، إنها مزعجة بعض الشيء، لكنني أفضلها، لأنها تعني أن هناك حرية في التعبير"؛ لكن من المهم أن تُقال للشخص "في وجهه لأننا بهذه هي الطريقة ننمو جميعًا، أليس كذلك؟". لكن تصبح أسوأ، بحسب البابا، "إذا كان عملاً خفيًا". مع بعض مؤيدي هذه الانتقادات، يقول البابا برغوليو إنه تحدّث شخصيًّا: "لقد جاء بعضهم إلى هنا ونعم، وتناقشنا بشكل طبيعي كما يتمُّ التكلّم بين أشخاص ناضجين. لم أجادل أحداً، لكني عبرت عن رأيي وهم أيضًا عبروا عن آرائهم. وإلا فإنك تنشئ دكتاتورية المسافة، كما أسميها، حيث يكون الإمبراطور حاضرًا ولا يستطيع أحد إخباره بأي شيء. لا، أتركوهم ليتكلَّموا لأن الرفقة والنقد يساعدان على النمو وجعل الأمور تسير بشكل أفضل".

 

بعدها سُئل البابا فرنسيس في المقابلة عن المثلية الجنسية التي، كما يؤكّد، "ليست جريمة" بل "حالة إنسانية"، وعن حقوق مجتمع الميم قال البابا فرنسيس: "نحن جميعًا أبناء الله والله يريدنا كما نحن. وبالقوة التي يناضل بها كل منا من أجل كرامته. أن يكون المرء مثليًا ليس جريمة". هناك من قد يقول إنها خطيئة، ولكن تابع الحبر الأعظم يقول: "علينا أولاً أن نميز بين الخطيئة والجريمة؛ الخطيئة هي أيضًا ألا نحبَّ بعضنا بعضًا" ومن هذه النقطة انطلق الأب الأقدس لكي ينتقد القوانين التي يصفها بـ "غير عادلة" والتي تجرم المثلية الجنسية وقال: "أعتقد أن هناك أكثر من خمسين دولة لديها أحكام قانونية ومن هذه الدول أعتقد أن عشرة دول أو أكثر لديها عقوبة الإعدام. وهم لا يسمون المثليّين بشكل مباشر، ولكنهم يقولون "أولئك الذين لديهم تصرفات غير طبيعية" كذلك وجّه البابا فرنسيس الدعوة إلى نهج مختلف إلى الأساقفة الذين يميزون ضد المثليين ومجتمعات الميم. بهذا المعنى، ذكّر الحبر الأعظم بتعليم الكنيسة الكاثوليكية الذي ينص على أنه "يجب قبول الأشخاص ذوي الميول الجنسية المثلية، لا تهميشهم، ومرافقتهم إذا تم منحهم مكانًا". إنَّ التمييز لا يجوز ضد أي شخص تابع أسقف روما يقول وهذا لا يتعلق بالمثلية الجنسية فقط: "حتى أعظم قاتل، وأكبر خاطئ لا ينبغي أن يتعرضا للتمييز. يجب أن يكون لكل رجل وكل امرأة نافذة في حياتهم يمكنهم من خلالها أن يوجّهوا رجاءهم وأن يتمكّنوا من رؤية كرامة الله".

 

بعدها توقّف الحبر الأعظم عند مشكلة الانتهاكات الجنسيّة المرتكبة من قبل الإكليروس وبالتحديد إلى قصة الكاهن اليسوعي ماركو روبنيك، عالم الفسيفساء المعروف، والذي هو اليوم في محور اتهامات الإساءة الجنسية والنفسية والضميرية، التي وجهت ضده من قبل بعض الراهبات وقد حدثت قبل حوالي ثلاثين عامًا في سلوفينيا ثم في إيطاليا. عند سؤاله عن ذلك، قال البابا فرنسيس: "لقد كان الأمر مفاجأة بالنسبة لي حقًا. شخص مثله وفنان من هذا المستوى، لقد كان الأمر مفاجأة كبيرة بالنسبة لي وجرحًا". وأشار الحبر الأعظم إلى أنَّ الرهبانية اليسوعيّة هي التي اهتمّت بالموضوع، في حين أن تعليمات العملية قد أوكِلَت إلى الشخص المسؤول عن الشؤون القانونية للدومينيكان. وأكّد في هذا السياق أنه لم يكن له دور في إدارة القضية، لكنه لم يتدخل إلا إجرائيًا "في عملية صغيرة وصلت إلى مجمع الإيمان في الماضي". وشرح البابا فرنسيس أنه قد أعطى التعليمات لكي يتمَّ التعامل مع سلسلتي الاتهامات من قبل المحكمة عينها التي نظرت في الاتهامات الأولى وقال: "لتُتابع مع المحكمة العادية ... وإلا فإن المسارات الإجرائية ستنقسم ويصبح كل شيء مشوشًا". أما بالنسبة لحقيقة أن الفاتيكان لم يتنازل عن مبدأ التقادم في هذه القضية، وافق الحبر الأعظم على أنه من الصواب "دائمًا" التنازل عن مبدأ التقادم في القضايا التي تشمل القاصرين و"البالغين الضعفاء"، من أجل الحفاظ على الضمانات القانونية التقليدية في القضايا التي تطال بالغين آخرين، كما حدث مع روبنيك.

 

ثم وسع البابا نظره إلى عمل لجنة حماية القاصرين ولم يغفل عن ذكر العمل الدبلوماسي الذي قام به الكرسي الرسولي. وفي هذا الصدد، توقّف الحبر الأعظم عند موضوع العلاقات مع الصين وقال: "علينا أن نسير بصبر". فيما يتعلق بانفتاح مُحتَمَل قال البابا، "نحن نتخذ إجراءات": لكنَّ السلطات الصينية تكون "في بعض الأحيان منغلقة بعض الشيء، وأحيانًا لا تكون كذلك"، لكنَّ "الشيء الأساسي هو ألا يتوقّف الحوار أبدًا". أما حول المسار السينودسي الألماني الذي يحمل مطالب مثل إلغاء العفة الكهنوتية، وكهنوت النساء، وإصلاحات تحرُّرٍ أخرى محتملة، فقد حذَّر البابا فرنسيس من أن هناك خطر في أن يصبح الأمر "أيديولوجية" ضارة. إنَّ الحوار جيد، لكن "الخبرة الألمانية لا تساعد"، كما يقول البابا، مشددًا على أن العملية السينودسية في ألمانيا قد قادتها "النخبة" حتى الآن ولم تشمل "شعب الله كلَّه". "الخطر هو أن يدخُل شيئًا أيديولوجيًا جدًّا؛ وعندما تدخل الأيديولوجيا في العمليات الكنسية، يعود الروح القدس إلى بيته، لأن الأيديولوجيا تغلب الروح القدس". أما عن الكاردينال زين، الذي استقبله في الفاتيكان في ٦ كانون الثاني يناير، قال البابا فرنسيس إنه شخص "رائع"، وهو يقوم الآن بعمله الراعوي في السجن "وهو في السجن طوال اليوم. لقد أصبح صديقًا للحراس الشيوعيين وللسجناء... إنه شخص مُحِبٌّ لِلعِشْرَة؛ كما إنه شجاع لكنه أيضًا "حساس جدًّا" وبكى مثل طفل أمام تمثال سيدة شيشان التي رآها في مكتبي في سانتا مارتا.

 

هذا ولم تغب في المقابلة الإشارة إلى صحّة البابا فرنسيس، التي وصفها بأنها "جيدة"، بالنظر إلى سنواته الـستة والثمانين وعلى الرغم من حقيقة أن التهاب الرتج الذي بسببه خضع لعملية جراحية في القولون في يوليو الماضي قد "عاد": "لكنه تحت السيطرة". كذلك كشف الحبر الأعظم أيضًا عن تفاصيل كسر صغير في الركبة بسبب سقوطه، وعن التئامه بدون جراحة وقال: "بفضل العلاج الجيد والعلاج المغناطيسي والليزر ... لحم عظم الركبة وأنا الآن أمشي بمساعدة الكرسي لكنني أمشي". بالنسبة لعمره، يقول البابا كل شيء "طبيعي": "يمكنني أن أموت غدًا أيضًا من يعلم، لكنَّ كل شيء تحت السيطرة. صحتي جيدة. وأطلب دائمًا من الرب نعمة أن يمنحني روح الدعابة".