موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٨ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤

يوم الحج المسيحي الكبير مركز أبحاث المغطس

القس سامر عازر

القس سامر عازر

القس سامر عازر :

 

يصادف عيد معمودية السيد المسيح/ عيد الغطاس والمسمى أيضاً بعيد الظهور الإلهي في السادس من كانون الثاني بحسب التقويم الغربي الغريغوري، وفي التاسع عشر من نفس الشهر بحسب التقويم الشرقي الجولياني. وتباعاً لذلك تنظّم مختلف الكنائس المسيحية في الأردن يوم الحج المسيحي الوطني الكبير إلى الموقع التاريخي لعمّاد السيد المسيح/ المغطس حول هذا التاريخ لتتيح المجال لإبناء رعاياها أن تتبرك من قدسية الموقع التاريخي لعماد السيد المسيح بزيارة حج سنوية إلى موقعٍ يعتبر من أهم المواقع المسيحية في العالم والذي تعمّد فيه السيد المسيح على الضفة الشرقية لنهر الأردن سنة 30 ميلادية على يد يوحنا المعمدان، الذي لم يرى أنه أهلا حتى لأن يحُّل بيده سيور حذاء السيد المسيح، ولكنه قَبِلَ هذا الشرف العظيم أمام طلب السيد المسيح منه ذلك ليكون تميماً لكّل بِرّ، إيذانا ببدء خدمة المسيح المقدسة والعلنية من هذا الموقع المقدس، والذي شكل بداية إنطلاقة الدعوة المسيحية والتي تحمل لجميع الناس رسائل المحبة والسلام والوئام وخلاص النفوس وشفائها من روحيا وجسديا.

 

وكل الشكر والتقدير والإمتنان لما تقدّمه العائلة الهاشمية من رعاية وإهتمام وتطوير مستمر لهذا الموقع التاريخي والديني والأثري والبيئي والروحي الهام، والذي أصبح أحد مواقع الحج المسيحي الخمسة المعتمدة في الأردن وبشهادة الفاتيكان، وكذلك بشهادات المصادقة على أصالة الموقع التاريخي لعمّاد السيد المسيح من قبل رؤساء الكنائس المسيحية محلياً وعالمياً وذلك بناء على شواهد، أولها شهادة الكتاب المقدس، أقوال الحجاج والرحالة، خارطة مادبا الفسيفسائية للأراضي المقدسة، المكتشفات الأثرية والتحليل الجيولوجي.

 

ومنذ عهد الراحل العظيم جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وحالياً بعهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظّم صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والذي يصادف هذا العام اليوبيل الفضي لجلوسه على العرش السامي، أصبح موقع المعمودية محط أنظار الحج المسيحي العالمي وإهتمام الكثيرين حول العالم ممن يهتمون بقيمة التراث العالمي وبالبيئة الطبيعية.

 

وكذلك شكل هذا الموقع المقدّس زخماً حقيقيا للوئام الديني الذي يقوده صاحب الجلالة المعظّم بإهتمام ومصداقية عالية بين أتباع الديانات التوحيدية وخصوصاً الإسلامية والمسيحية، وبناء جسور المحبة والأخوة والسلام والتي أحوج ما يحتاج إليها العالم اليوم.

 

وللحفاظ على أصالةِ الموقع وقدسيته وطبيعته وبإرادة ملكية سامية، تمَّ تشكيل مجلس أمناء هيئة موقع المغطس. وبرئاسةٍ مقتدرةٍ من قبل صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد المعظّم كبير مستشارين جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته، تمَّ الحفاظ على طبيعة برية يوحنا المعمدان للمحافظة على روح الموقع «بريّة يوحنا» وعلى المكتشفات الأثرية من أديرة وبرك التعميد ومحطة الحجاج وكهوف الرهبان ومغارة يوحنا المعمدان وأنظمة مائية وقنوات فخارية وكنائس أثرية بنيت في حقب تاريخية مختلفة ومنها في العصور الإسلامية دلالة على رسالة التعايش الديني وحالة التسامح بين الأديان والتي مهدت لحالة العيش المشترك والأخوة الإسلامية المسيحية بموجب التعاليم الإسلامية السمحة والعهدة العمرية والوصاية الهاشمية. كذلك تم القيام بأعمال الصيانة والترميم والتطوير المستمر للمكان وأيضا العمل على بناء كنائس جديدة، ووضع برامج للترويج العالمي للحج المسيحي والسياحة الدينية للموقع.

 

وعلاوة على يوم الحج المسيحي الكبير في بداية كلّ عام، فإنَّ أيام الحجيج للمغطس لا تنتهي للموقع، بل تستمر على طول أيام السنة، لأنَّ المكان يزخر بروحانية عالية ويحتضن أقدس مياه تعمّد فيها السيد المسيح، ويحتاج كل مؤمن أن يجدِّدَ عهود معموديته على الدوام، وأن يختبرَ قوة روحية متجددة في داخله، وأن يصلي في المكان الذي انشقت فيه السماوات، وما زالت السماوات مفتوحة تماماً كما انشق حجاب الهيكل إلى نصفين، ولن يغلق أبداً باب السماء في وجه المتعبدين والمصلين والمناجين الله بصلاتهم وطلباتهم.

 

هذا وسيبقى موقع عماد السيد المسيح شهادة راسخة عبر الأزمان على رسالة الهاشميين السمحة في ترسيخ حالة لوئام الديني، وبأن جميع المواطنين مسلمين كانوا أم مسيحيين هم أبناء الأردن الواحد والمتساوون في الحقوق والواجبات وحاملي رسالة المحبة والسلام والوئام الديني للعالم أجمع.

 

(الدستور الأردنية)