موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في مثل هذا اليوم قبل أكثر من ألفي عام ولدت تلك العذراء التي شغلت تفكير العالم أجمع حتى هذه اللحظة، في مثل هذا اليوم تقرر للبشرية أن تتحد مع الله الخالق بهذه المرأة النقية العفيفة البتول. كم هو صعب أن تشعر أن هذا العالم المتنوع لم يقدّر حتى هذه اللحظة ما معنى ولادة العذراء والهبات الكبيرة التي وهبت لها وللجنس البشري بشكل عام, فلولا العذراء لبقينا حتى اليوم دون الروح القدس، أعرف أن الكثيرين لا يعرفون معنى أن تولد من جديد بالروح القدس, هي ربما لا تكون ولادة حقيقية كولادة العذراء ولكنها تعني بالضرورة أن يولد إنسان جديد بداخلك, أن تتغير حياتك وتبدأ وكأنك ورقة بيضاء. انتشار الكره والقتل اليوم بين شعوب العالم ودعوات التطرف لا بد بها أن تذكرنا بولادة العذراء, نعم لأن هذه العذراء هي التي جلبت المحبة إلى الأرض وهي التي أحضرت معها السلام والحمامة البيضاء وسعف نخيل الجنة، هي التي جمعت رسل المسيح بعد تفرقهم في أنحاء الأرض, وهي التي علمتنا الصبر والحزن بصمت على مصائبنا وأن نقوي غيرنا ونحن متألمون كما كانت تقوي ابنها يسوع على الصليب. مريم العذراء بولادتها أعطت الأمومة للمحزونين وعزت قلوبهم, كانت أماً لكل من فرقتهم الأيام أو شتتهم الظروف فلم يجدوا أمهاتهم بجانبهم فكانت هي أمهم الحنون، كم هو جميل أن تشعر أن لديك أماً تخاف عليك على الدوام وحاضرة لديك في أي وقت.. وتستطيع طلب شفاعتها عند الرب الإله حين تقع باختبار صعب يضعك فيه الرب إلهك، مريم لم تكن فقط حاضرة قبل ألفي عام بين الجماعة المسيحية الأولى، بل هي حاضرة اليوم بيننا في حياتنا وفي أفكارنا. كم صلينا لأمنا مريم العذراء أن تذكرنا في الملكوت، وأنا أثق بها جداً بأنها ستستجيب لصوت حناجرنا التي تطلب المغفرة والحب الإلهي, فهي من مسحت دمعة يسوع له المجد وعزته بوجودها معه حتى اللحظة الأخيرة حين اضطهده العالم, صبرها وصمتها اليوم مدعاة للتفكير في عظم هذه المرأة التي تحملت عبئاً كبيراً في رعاية يسوع والوقوف إلى جانبه حتى اللحظات الأخيرة من صعود روحه، وعودة لولادة مريم فإن هذا اليوم الذي فرح به أبواها يواكيم وحنة بولادتها ونذراها لخدمة هيكل الرب، لم يكن يوم فرح فقط بالنسبة لهما بل للبشرية كلها.. أمي مريم أسعد بأن أصلي إليك وأطلب منك أن تذكريني أنا الخاطئة في ملكوت الله، حيث لا صراخ ولا حزن ولا دموع, ولن يفوتني أن أتعلم منك وأصلي لكي توهبي الرحمة والسلام لقلوب هذه البشرية الضعيفة والضائعة، وتجعلينهم يعرفون اسم الرب يسوع ويعرفون مجده قبل أن يفوت الأوان، ويصرخ البوق الثاني معلنا انتهاء زمن النعمة.