موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
معظم التحليلات "العربية" التي تخوض "حد الغرق" في مسألة سياسات إدارة ترامب الخارجية القادمة توحي أن القضية الوحيدة والمركزية لترامب وإدارته هي أزمات الشرق الأوسط.
فعليا، لم يتم الكشف أو الإعلان من قبل ترامب ولا مرشحي إدارته عن سياسات واضحة. أقصى ما تلقاه الشرق الأوسط في أحاديث ترامب وعودا بإنهاء الصراع، وتلك وعود مفتوحة على كل الخيارات مع رجل ليس سهلا التنبؤ بما يمكن أن يفعله ولا يمكن التنبؤ بحجم التغير في تفكيره منذ إدارته الأولى.
لكن التصريحات "والتسريبات" أكثر وضوحا عند ترامب وطاقمه المقرب فيما يخص قضايا مقلقة أكثر من زاويته السياسية، وعلى رأسها سياساته تجاه الصين والنفوذ الأميركي في شرق آسيا، ومن بعدها قضية العلاقة "الملتبسة" مع أوروبا واتفاقيات الدفاع والتحالف مثل الناتو، والصراع الروسي – الأوروبي في جغرافيا أوكرانيا.
الذي لن يتغير في ترامب طباعه كرجل أعمال، هذا جوهر شخصيته الباحثة عن حلول حاسمة ضمن مفهوم الصفقات، والعلاقات الدولية تسميها توافقات او اتفاقات، لكن الرجل "الغامض بسلامته" في البيت الأبيض يحب إنجازها على صيغة صفقات فيها مكاسب ومصالح، هذه المرة أكثر وضوحا من خلال مفهومه وشعاره الجديد "أميركا أولا".
فلنعد إلى الوراء قليلا..
كانت اتفاقية أوباما مع إيران عام 2016 انتصارا سياسيا إيرانيا، ولكنها أكثر من ذلك بكثير لأوروبا، ومن يريد التحقق أكثر يمكن له العودة إلى ما نشره الاتحاد الأوروبي ذلك العام تحت عنوان استراتيجية الاتحاد مع إيران بعد الاتفاق، حيث تكشف الاستراتيجية بوضوح حجم التريليونات التي كان يمكن لأوروبا ان تحققها من حجم الصفقات "التريليونية" لإعادة بناء بلد أنهكه الحصار والعقوبات لعقود طويلة غير سنوات حروبه السابقة منذ ثورته التي عزلته عن العالم.
ترامب، أجهض الاتفاق "الأوبامي" وقلب الطاولة من منطق رجل الأعمال الذي وجد فيها صفقة خاسرة لمجمع الأعمال والتجارة الضخم في بلاده، وهو القادم منه أساسا.
التعديلات على الاتفاق مطلوبة، وهناك جناح "إصلاحي لكن له مخالب" في إيران يريد التسويات وقد يصل إليها مع إدارة ترامب بسهولة أكثر، وهي تسويات قد تتطلب مزيدا من القوة للتخلص من كل التيار الراديكالي الذي يهدد مصالح واشنطن، وربما دول أخرى في الشرق الأوسط، ومصالح التيار الإصلاحي الجديد نفسه.
الحرب مع الصين هي الأكثر شراسة، وهي تنافسية شديدة وقوية على التحكم بتكنولوجيا المعلومات وتقنياتها الدقيقة، بحيث تصبح الكلف باهظة من أجل شرائح دقيقة وصغيرة من يصل إلى شيفراتها المتقدمة أولا يحكم سيطرته على العالم الجديد بمفرداته الجديدة.
سلاسل التزويد وطرق التجارة مفتاح مهم لتعديل دفق التجارة العالمية وهذا يعني ربط آسيا بأوروبا والغرب (الصين في المقابل أعلنت عن بناء أكبر ميناء بضائع في العالم في البيرو بأميركا اللاتينية).
روسيا لا يرى فيها ترامب إلا حليفا محتملا لا عدوا شرسا، وهذا يعني تغير في التوازنات مع أوروبا المرعوبة والمتصدعة في داخلها.
من هنا، التحليل عن الشرق الأوسط أو بناء رؤية فيه يبدأ من كل تلك الزوايا الأكثر اتساعا. للبحث عن مصالح متقاطعة يمكن منها صياغة عرض جيد يمكن وضعه على طاولة واشنطن.
(الغد الأردنية)