موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لا يخفى على بال القراء الكرام بأن المقصود بالاصطلاح أعلاه هو محاكاة سلسلة التعبيرات الرائجة إعلاميا وتنتهي بمقطع «فوبيا» ويعني الخوف..ومنها ما انتشر بسبب الجهل والتطرف والإرهاب، ظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين، إسلاموفوبيا..
منذ سنوات انتشرت في أمريكا وأوروبا -ولأسباب متقاطعة- ظاهرة كريستوفوبيا والتي بلغ فيه الأمر التحسس من مجرد التهنئة بكريسماس! وكما الظاهرة الأولى، تعرض كثيرون للتهميش والاضطهاد، حوربوا بأرزاقهم جراء تلك الفوبيا ذلك الخوف الذي صار مرضيا لا يقل خطورة عن البرانويا، الهلع الهستيري والخوف الشديد غير المبرر، وهو مرض نفسي عقلي جسماني قد يؤدي إلى الجنون أو الذبحة الصدرية، النوبة القلبية أو السكتة الدماغية القاتلة أو المعطلة لنصف الجسد بالشلل، لا قدر الله.
لا أبالغ، فالسكوت عن وعلى تلك الظواهر شديدة الانفجار يعمل عمل القنبلة الموقوتة التي لا يعرف التعامل معها إلا الخبراء، خبراء تفكيك الألغام والمفخخات وخبراء القبض على طبّاخي هذه السموم، فالكراهية هي أصل كل خوف الذي وهو في الأصل جهل مدقع..
تراكم السكوت عن تلك الأمراض خاصة من قبل من يفترض فيهم التصدي لمعركة الوعي العام والأهم الضمير الجمعي والفردي، أدى إلى تحور هذا الفيروس فصار فتاكا يستهدف المناعة الذاتية. ليس على غرار ما فعله الإيدز حيث يفقد الإنسان قدرته على المناعة المكتسبة وإنما ما هو أبلغ ضررا وعدوانا وهو ما يعرف بأمراض التدمير الذاتي للمناعة «أوتو أميون» بحيث ينشغل جهاز المناعة بضرب نفسه بنفسه، فتسرح الأمراض الخارجية وتمرح بأرواحنا وأنفسنا (عقلا ونفسا وجسدا).
أجتهد فأطلق على هذا المرض شديد الخطورة اسم الحراموفوبيا. هم لا يخافون الحرام بمعنى الخوف من الله لارتكابه بل يخافون من وجود أي شيء محرّم وبعضهم بلغ من الشذوذ والتضليل حد فصل الإيمان بالله عن الإيمان بحلاله وحرامه فيما تجمع عليه الأديان كافة وتستقيم معه الفطرة البشرية وما يؤمنون به وهي العلوم السريرية والمخبرية القابلة للتجريب والتحقق والقياس «إمبيريكال»، قبل أن يتم التلاعب بها هي الأخرى وتزويرها لأهداف أيديولوجية ومنافع مالية وسياسية.
قبل عقود ظهر في إعلامنا الوطني الأردني مصطلح «ثقافة العيب» وأظنه في عهد إحدى حكومات طيب الذكر الراحل عبد السلام المجالي، رحمة الله عليه. كان المراد مكافحة تلك الظاهرة التي حالت -ومازالت- دون قبول -ولا أقول إقبال- الأردنيين على مهن تضطر الحكومة إلى استقدام آلاف العمال الوافدين لمزاولتها.
تذكرت ثقافة العيب وصرت من أشد المطالبين بتعزيزها فيما يخص الحراموفوبيا! ثمة فجر وتطرف وتغول في اقتراف المحرمات نراه في العالم «المتحضر»! لا يفخرون ويفاخرون فيها فقط كما جرى في بعض مناطق العالم منذ عقود، بل صاروا يحضون على اقترافها ويضطهدون الرافض لـ «أجندتهم الملونة» والتي صارت متلونة ملتوية الأشكال كل موسم انتخابي زادوا عليها حرفا ولونا وشكلا هندسيا! حتى بلغت الأطفال وشملت الحيوانات وصار ما قال إنه ميلا أو اختيارا في الاتجاهات كلها بما فيها العبث بالهوية الجنسية والبشرية والحيوانية معا. يتقيّأ عالم الشبكة العنكبوتية على الفضاء العام صورا وفيديوهات تقشعر منها الأبدان لرجال بسلاسل وقيود يمشون كما الكلاب وينبحون بما يسر المالكين والناظرين وبينهم للأسف أهل مجرمون بكل معنى الكلمة يصطحبون أطفالهم الذين لا حول ولا قول لهم للمشاركة في تلك المسيرات التي ترفع شعار «الفخر»!
يا عيب العيب ويا حرمة الحرمات التي تنتهك في غفلة من انشغال البعض بسفاسف الأمور فيما استهداف الهويات على أشده، تجاوز هويات الدين والعرق والوطن إلى المجتمع والفرد.. أول ما يستدعي هذا التجاوز-هذا التعدي والعدوان- المراجعة لخوض هذه الحرب باقتدار، ألا وهي تسمية الأمور بمسمياتها. الاسم لا يجوز أن يترجم ويتورد كما هو. فالاسم الحقيقي ينبغي ألا يخرج عما نصت عليه الكتب السماوية المقدسة: «سدوم وعمورة» استوجبت غضب وسخط وعقاب رب العالمين..
دورنا حماية أسرنا ومجتمعاتنا وأوطاننا بالتوعية والتشريعات من كل هذه الشرور وكلها مرتبطة ببعضها كما بيت العنكبوت، فذلك العالم القذر الخطر تلعب في السموم المسماة المخدرات دورا شيطانيا. تماما كما هي جرائم الاتجار بالبشر حيث الجنس الحرام والمخدرات والعصابات تعصف في أقوى دول العالم وأكثرها تقدما. ثمة صحوة يقودها الآن في معظم الدول، الأكثر اهتماما وهم الأهالي، أصحاب الشأن الشرعي والوحيد لرعاية الأسرة وحمايتها..
(الدستور الأردنية)