موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٥ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٢

المثقفون

لارا علي العتوم

لارا علي العتوم

لارا علي العتوم :

 

رغم قلة المثقفين في الاردن الا ان نمطيتهم واسعة المساحة، وقسم كبير من العمل الاجتماعي / السياسي لهم يتعدى المستوى المحلي، مثقفو الأردن نادرا ما يصلون الى تشريح للتباينات والخلافات الاجتماعية/ الثقافية التي تكسر المنظر الاجتماعي للبلد مع ترحيب وسعة صدر للرأي الآخر.

 

يعاني مثقفونا متاعب كثيرة للخروج من خوفهم الانحباسي الثقافي ويعانون كثيرا من المصاعب للمرور بتجربة احلال الفكر المنفتح في بعض المسائل واحيانا لإعطاء العقل مبررات واسبابا للتطور الفكري او الابداع الثقافي متأثرين إما بالأفكار الجديدة التي يتلقونها من خلال التفاعل او نتيجة تأمل نقدي او بالثقافة الشعبية التي يحتفظون ليس بجوهرها فقط بل بمنابت تاريخها مما يولد مزيجاً من اليمين واليسار بمكان تتجذر فيه الاصول وتجد الالسنة المناسبة للتعبير عنها فيكون التفهم للامعقول والاستيعاب لبعض التحليلات وان تم وصفها بالجنون.

 

على المثقف الاردني دور في عملية التحديث والاصلاح من خلال محاولاته في ازعاج الرؤية الجامدة بهز كل ما هو بالي وقديم بالحفاظ على كل العادات العريقة الاصيلة، للمقاومة والانغلاق في النماذج القديمة واعادة صهر للعقول وتهذيبها فقدرة المثقف عالية في تحمل الضغوطات والاضطرابات التي يمكن ان تثيرها الاصلاحات او التحديث بمرح وتفهم وتتميز قدرتهم باستغلال الخلاف لبناء جسر التفهم والتفاوض لانهم على قدر كاف من العلم بأن التصرفات ازاء الاصلاحات هى مسألة وقت لانها نتيجة فهم لنظام او لشيء قديم وما التقدم والتطور الا سلسلة محن وتجارب لا بد من تخطيها والتعايش بأمل افضل من التعايش بأسس قديمة او وعود واهية.

 

المثقف الاردني بدوره المحوري الضيق في صناعة القرار السياسي الا انه يدرك اكثر من غيره من مثقفي العالم ان الفشل موجود في كل مكان حتى الفشل الجوهري الا ان القدرات عالية جدا في تغيير مجرى الامور وان الفشل لا يلتصق بجلودنا وكل نجاح ولو كان صغيراً فهو يستحق الاستحقاق وهذا يلعب دورا كبيرا في عدم احتقان الشارع الاردني فكلما كانت مسألة غير مفهومة او مبهمة على الصعيد الوطني او الوطني الدولي امتلأت الصالونات السياسية وأتخمت المقرات وتعالت الحناجر والالسنة على المنابر، مما يدل على عراقة الديموقراطية في اردننا العزيز رغم انها لا تزال يافعة فالحرية التي تتركها الديموقراطية الاردنية لمثقفيها رغم صغر سنها توازي ان لم تضاهي اكبر ديموقراطيات العالم سناً.

 

لا شك ان المثقف الاردني يمتاز بارث تاريخي كبير فهو على مقربة تامة من جميع الانقلابات الفكرية للحوادث السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية في المنطقة منذ الحقبة العثمانية إن ليس قبلها والاستعمارية وتتبع التغيرات مما جعله او الاردن بؤرة لاستيعاب الحداثة بليونة أكثر من غيره ومرحبا بالحيوية ومستوعبا للجدلية، مما جعله نقطة التقاء عالمين، ومحللا رفيع المستوى للحضارات ومصدرا موثوقا لاخذ العبر والتعلم.

 

يشهد العالم حاليا انجمادا للحالة الثقافية الفكرية وانخفاض المنتج الفكري الى مستوى استهلاك المنتج الثقافي الفرعي ومن ضمنها الباقات الفكرية المجلدة الجاهزة للاستهلاك الفوري بحيث صارت الفكروية على المدى الطويل وبكل اشكالها سلعة استيرادية ممتازة من جهة ومن جهة اخرى البنى المحددة للفكرويات قد تعلمنت وكل محتوى روحي مهما يكن شكله سوف يقترن بهذا الشكل حتى تأتي او تعود من جديد اليقينيات الثقافية وتعود مساحة مثقفي العالم او تتسع، ويزداد عدد المثقفين العرب بشكل عام ممن يمتلكون الفكر الحر البناء والهادف حتى وان تحلى بالنقد كالصوت العاقل للحفاظ على التوازن في الفكر والثقافة.

 

حمى الله الاردن

 

(الدستور الأردنية)