موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٤

الإرشاد الزواجي وأهميته

خبيرة في القضايا والشؤون الأسرية

خبيرة في القضايا والشؤون الأسرية

المحامية مادلين معدّي :

 

مفهوم الإرشاد الزواجي:

 

هو النهج الخاص بالإرشاد النفسي و الاجتماعي و القانوني لحل المشكلات الممكن أن تظهر مع الأزواج من خلال حياتهم الزوجيه فتظهر على شكل صراعات و إختلافات بأوجه النظر فتتعطل لغة الحديث و تزداد الضغينه و التراكمات من المشاعر السلبيه لكلا الشريكين مما يساهم في تفاقم المشاكل الزوجيه إلى صراعات بين الشريكين مع مرور الوقت تصل لحد الإنفصال او الطلاق.

 

فنهج الإرشاد الزواجي يساعد الأزواج على فك هذه الإختلافات والصراعات والعمل على تحديد نقاط القوة والضعف بالعلاقة الزوجية وعمل خطة حياتية تساهم بإيجاد جو من الإحترام والإهتمام والتفاهم وهي محاولة إعادة الشريكين مرة أخرى للتواصل المفتوح والمريح.

 

عندما يكون الشريكان في أزمة، يكون هناك الكثير من المشاعر العنيفة: الغضب وخيبة الأمل والأذى والحزن، ويمكن للمرشد بصفته “طرفًا ثالثًا محايدًا” أن يساعد في التعامل مع المشكلات الإشكالية بشكل مفيد على الرغم من هذا الخلط في المشاعر.

 

فمهمة المرشد هي المحافظه على الهدوء في المحادثة، وبالتالي يقدم إطارًا بنّاءً يمكن أن يلتقي فيه كلا الشريكين على أرض مشتركه بالإضافة إلى ذلك، يمكنه إستخدام تقنيات محادثة معينة لتوجيه المحادثة في إتجاه واحد، وإضفاء مزيد من الهدوء على محادثة مشحونة بشكل عاطفي ومساعدة الشريكين على إدراك مشاعرهم الحالية بشكل أكثر وضوحًا مع إلتزامه بالموضوعيه و الحياديه و الشفافيه بالتعامل لكلا الشريكين في إطار أخلاقي مبني على أسس دينية و إجتماعيه ثقافيه معروفه لكل مجتمع .

 

في أفضل العلاقات يمكن أن تنشأ المواقف الصعبة و التعثرات التي يمكن أن يعلق فيها المرء إذا لم يلجأ لمساعده خارجيه، فإن كل مرحلة من مراحل الحياة تجلب معها تحديات وتختبر العلاقه في حالة إذا كان الزوجان لديهما أطفال وفجأة لم يعد هناك أي وقت للرومانسية و انشغال الأزواج بالأعباء الوظيفية و الإلتزامات الإجتماعيه و المسؤوليات المنزليه لتصل لمرحلة التقاعد و الشيخوخة.

 

فيجب على الشريكين أن يكونا واضحين و صريحين بتفصيل المشكله كل واحد من جهته على حدا تجاه المرشد لكي يصلا لنقطة الإلتقاء والتفاهم مع بعضهما البعض.

 

يظل المرشد محايدًا، وهذا يعني أنه يتعاطف مع كلا الشريكين لكنه لا ينحاز إلى أي طرف. لا يركز المرشد على المشكلات الموجوده فحسب بل يستكشف أيضًا الجوانب الإيجابية للعلاقة، والتي لم يعد الزوجين يدركاها عادةً في مواجه النزاعات أو الإختلافات أو المشاكل الأسرية التي تعثروا بها .

 

من المهم معرفة أن مصطلحات مثل الإستشارة الزوجية أو الإرشاد الزواجي فقد تجد أن بعض من المرشدين غير مؤهلين بشكل كافي إذ إن هذ المرشد يجب أن يحصل ليس فقط التحصيل العلمي الأكاديمي بل والخبراتي الكافي ليقوم بهذا المهمه لكي يرى المشكله بكل أوجهها الإجتماعيه و الثقافيه و البيئية و النفسيه العاطفيه و الإقتصادية.

 

إنّ العلاقة الزوجية واحدة من أهم العلاقات التي يمكن أن يحظى بها المرءُ في حياته وكل علاقة زواج تمرُّ بتقلّباتٍ أو فتراتٍ من الصّعود والهبوط

 

خلال لحظات الصّعود يشعر الزوجان بالإرتباط في الحب والعاطفة تجاه بعضهما البعض بينما في فترات الهبوط قد يكون الزوجان باردين بعيدين عن بعضهما البعض ويتجادلان بشكل متكرر وربما يفكران حتى في الإنفصال او الطلاق .

 

ويمكن أن تكون هذه المراحل قصيرة الأجل تستمر بضعة أسابيع في كل مرة أو يمكن أن تكون مراحل طويلة الأمد وتستمر لسنوات.

 

ونظرا لأهمية الموضوع وجب عرض النسب التالية والتي تعطينا مؤشرا واضحا لإستقرار أو تشتت الأسر بمجتمعنا الأردني.

 

أشارت ورقة حقائق أصدرها المجلس الأعلى للسكان (2015- 2022) تدل على أن :

 

- %28 من حالات الطلاق في الأردن منذ 2015 "كانت قبل الزفاف".

 

- أكثر من نصف المتزوجات (54%) في الأردن وقع عليهن الطلاق قبل سن الـ 30 عاما.

 

- نسبة حالات الطلاق الرجعي 23.3% في العام الماضي.

 

- 18% نسبة اللواتي وقع عليهن الطلاق وأعدن زواجهن.

 

- نسبة طلاق من تزوجن مبكرا دون سن الثامنة عشرة عاما بلغت 4% فقط.

 

وأن قرابة 28% من حالات الطلاق التي سُجلت في المحاكم الشرعية في الأردن خلال السنوات الثمانية الماضية "كانت قبل الدخول أو الزفاف". و بذات الوقت هناك نسبه عاليه من حالات الطلاق مسجلة لدى طوائف الديانه المسيحية أيضا بالأردن.

 

وأوضحت ورقة الحقائق حول الطلاق في الأردن (2015-2022)، التي أصدرت تزامنا مع اليوم العالمي للسكان، الذي يصادف 11 تموز من كل عام، "ليست جميع حالات الطلاق هي لمتزوجين فعلا في واقع الأمر، أي أنها لم تحصل بعد الزفاف مباشرة وإنما بعد أن بدأ الطرفان العيش معا وتكوين أسرة جديدة".

 

بينما بلغ إجمالي واقعات الطلاق للفترة نفسها بعد إستبعاد حالات الطلاق قبل الدخول/الزفاف 150097 حالة وبمتوسط سنوي بلغ 18762 حالة وبذلك تبلغ نسبة واقعات الزواج إلى واقعات الطلاق قرابة "4 حالات زواج مقابل حالة طلاق واحدة بعد الزفاف"، وفق الورقة.

 

وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن الأردن أحتل المرتبة 58 عالمياً في معدلات الطلاق الخام عام 2023

 

مع مرور علاقة الزواج بمراحل مختلفة وتجربة الزوجين لتحديات الحياة معًا، فإن هناك العديد من أنواع الصراعات التي يمكن أن تحدث فبعضها عبارة عن جدالات واختلافات بسيطة وبعضها قد تكون أعمق ويمكنها أن تتسبّب في إبتعاد الزوجين عن بعضهما البعض.

 

قبل إلتماس الإرشاد الزواجي فيجب على أحد الزوجين تحديد أنّ الزواج في ورطة ويجب أن يقررا معًا أنهما يريدان محاولة إصلاح علاقتهما المهشّمة لكي لا ينتهي الزواج بالطلاق إلا بالحالات المستعصيه فعلا .

 

هناك فوائد عديدة للإرشاد الزواجي والأسري في تحسين التواصل بين أفراد الأسرة ومعالجة الضرر العاطفي المتغلغل.

 

إنّ قرار طلب الإرشاد الزواجي هو خطوة أولى مهمة للزوجين عندما يستطيع الزوجان الإعتراف بأن زواجهما في مأزق، يمكنهما أيضًا إدراك أنّ الأمر قد يحتاج إلى مساعده خارجية من طرف ثالث.

 

إنطلاقا من هذه الدراسة البحثية المهمه ومن هنا وجب علينا التنبه لخطر هذه الظاهره التي تساهم بشكل مباشر على وجود أسر ضعيفة البنيان والتي بدورها عم يظهر لدينا مجتمع مفكك وهزيل وضعيف بكل مكوناته الأخلاقية والدينية والإجتماعية والثقافية.

 

ومن هنا وجب علينا التطرق لإيجاد خطط واقعية مؤثره تعمل على سد هذه الثغرات وتقوية نقاط الضعف بين الازواج والعمل على تشجيع الازواج بأخذ المشورات اللازمه لذلك من ذوي الاختصاص المعنيين بالارشاد الزواجي.

 

مما حث ذوي الاختصاص المعنيين بالإرشاد الزواجي التصدي لهذه الظاهره و العمل على الحد من إنتشارها ليس فقط للضروره القصوى فيجب إعتماد الإرشاد الزواجي كوقاية وكعلاج أيضا .

 

بأن يقسم الإرشاد الزواجي إلى مرحله ما قبل الزواج للأشخاص المقبلين على الزواج بعقد ورشات عمل توعية إجتماعيه و نفسيه و قانونيه لكلا الطرفين ببيان أهمية قرار الزواج وما يبنى عليه من مسؤوليات وإلتزامات تجاه الطرفين و تجاه الأطفال و تجاه الأهل بكل الجوانب الحياتيه وكذلك الأمر بعقد برامج إرشاد زواجي بعد الزواج وذلك من قبل مرشدين متخصصين بهذا المجال يقومون على مساعدة الأزواج بطريقة حكيمه لحل مشاكلهم بطريقه يسره وتساهم بسد ثغرات الخلاف والعمل على تقوية الروابط ما بين الزوجين للمحافظة على بيت الزوجية وعلى تنشئة الأطفال تنشئة سليمه ببيئة سليمه مما يساهم بإيجاد مجتمع سليم أيضا .

 

وبناءا عليه و نظرا لأهمية الموضوع قامت الجهات المعنية سواء بعقد الزواج الشرعي أو الكنسي بإنشاء مراكز متخصصة للإرشاد الزواجي وهو مشروطا لكلا الزوجين بأن يحضروا فيه جلسات محددة من قبلهم ليتلقو الدعم المعرفي والتوعوي بما يكفي لتجنب الكثير من حالات الطلاق مستقبلا والمنتشرة في واقعنا الحياتي المعاش مع الأسف.

 

أتمنى من الجميع أن يأخذوا هذا الموضوع بمحمل من الجد والنضوج لكي نحافظ على كيان عائلاتنا وسلامتها من عرقلات الحياة وعثراتها، وللمحافظة على أبنائنا من الشتات والضياع وعلى مجتمعنا من الإنحلال والإنحراف.

 

(عمون)