موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٣

استباق ضجيج العواجل!

بشار جرار

بشار جرار

بشار جرار :

 

لمّا كتب الله على المبتلين بالإنتاج والتحرير الإخباري كتابة رسالة الخبر عبر مفردات يتسع لها عرض الشاشة بسطر واحد، حذرت رفيق درب من مخاطر تشتيت المتلقي وبالتالي ضياع الرسالة والخبر معا، فضلا عن تحويل الصورة الطبيعية وفيما ما يكفي من عناصر الخبر بالصوت والصورة، إلى أشبه ما يكون بلوحة فن تشكيلي، كلما تم اكتشاف تقنية تلفزيونية من غرافيكس ومحاكاة غير طبيعية وذكاء مصطنع، أضافوها بما يتخم الشاشة فيجعل الناظر إليها في زحام بين النظرة والفكرة والعبرة!

 

وما بدا نعمة كأخبار عاجلة، صار نقمة «العواجل» المبنية على عبارات مستهلكة من صنف «أنباء عن» أو ما زعم البعض أنها «مصادر» نقلا عمن سموهم «ناشطين» وصار اسمهم رويدا رويدا، مؤثرين ومؤثرات، وما بينهما في بعض الأوساط البعيدة!

 

من الجليّ كما اتضح في تلك الأيام السوداء التي تم خلالها تضليل الرأي العام في أكثر من ساحة وعلى امتداد عقود مما سموه «تحولات مصيرية»، من الواضح أن البعض ارتضى لنفسه دور السكوت عن قول الحقيقة، وذلك أقل خطرا من المساهمة في توريط ما هو أخطر من الشارع العام، بمواقف لا تحمد عقباها تطاول البعض فيها وتمادى في التحشيد الحزبي لدرجة لانتهاك حرمات حتى الحرم الجامعي والصفوف الدراسية وأبواب الرزق الأردني الخالص، استثمارا وإنتاجا وتشغيلا.

 

التصعيد في الأزمات أو الحروب التي لا نملك القدرة على التحكم أو حتى توقع سلوكيات جميع أطرافها، ضرب من ضروب الانتحار أو أقله رهن مصيرنا بمصير المقامرين، وشتان بين الأمانة المصانة والرعاية الأمينة، وبين التاركين أماناتهم ومصائر أبناء وطنهم في مهب أي طرف كان، فما بالك إن كان ذلك الطرف، بعض المؤثرين أو الناشطين الثابت حقدهم وعبثهم والذي ثبت من عواصف سابقة كما «الربيع العربي» اللعين أنهم كانوا الأوثق ارتباطا بكثير من العواجل المزيفة والشاشات المقسمة جغرافيا بحسب تواجد تلك الطوابير، وبعضها لا ريب بأنه خامس وسادس، في زمن الثورات الملونة والأزمات والحروب الهجينة.

 

بعد الصورتين الأيقونيتين للحسين وسلمى قرة عين مليكنا، قائدنا المفدى، سيدنا عبدالله الثاني، ما من مكان لأي كان للمزاودة على الأردن. بعد الصمت المشين لبعض المحسوبين على الوطن، إزاء إرهاب المخدرات الذي لم يأخذ هدنة منذ سبعين يوما هي عمر الحرب عند كتابة هذه السطور، لا نراهم مؤثرين ولا ناشطين ولا حزبيين ولا أردنيين «قول وفعل»، لا مجال للمجاملة، إن غفرنا عدم إدانة من يرعون عصابات إرهاب المخدرات فأقله التعبير عن الامتنان لأولئك الفرسان الذين يحمون فلذات أكبادنا من تلك السموم، وتلك حرب صارت عالمية.

 

أما لهذا الصبر، لهذا الحلم أن يستجاب له بالانضباط في ردود الأفعال، فلا يقحمون بأقرب الدول إلى غزة والضفة، الأردن ومصر، بنوايا شريرة معروفة، آن الأوان لفضحها استباقيّا عبر وسائل الإعلام -نعم إعلام بمعنى التوجيه والتواصل والتأثير، بما أتمنى تفعيله على جميع منصاتنا وأذرعنا الإعلامية، بوسائل تفاعلية غير تقليدية.

 

حرب السابع من أكتوبر بعد التصريحات الأخيرة الصادرة عن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، خاصة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، تفيد بحرب تقاس الآن بالشهور لا الأسابيع، مما يعني الاستعداد بنفس طويل، لما هو آت. استعداد يقصف استباقيا بشكل مركّز، بالكلمة الصادقة والصورة الدقيقة وبأدوات قانونية وتنفيذية وعبر أجهزة وأدوات «إنفاذ القانون» إن لزم الأمر..

 

(الدستور الأردنية)